إعلام دول الحصار يتجاهل تقرير "واشنطن بوست" حول اختراق الإمارات لـ"قنا"

18 يوليو 2017
اكتفى بعض الإعلام بنشر نفي العتيبة (Getty)
+ الخط -

بعد دقائق معدودة من قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية "قنا" أواخر شهر مايو/أيار الماضي، شنت وسائل إعلام عربية هجمة قاسية على دولة قطر، يمكن للمشاهد العادي أن يلاحظ بسهولة، أنها لم تكن وليدة حدث فاجأها فهبت لرصده، إذ بدا أن أسلحتها المستخدمة كانت معدة سلفاً، وأن المشاركين فيها كانوا يحبسون أنفاسهم بانتظار انطلاق صافرة البداية.

وهكذا بين ليلة وضحاها، وجدت قطر نفسها وسط مصيدة حيكت لها بدقة، فلم يلق نفيها عما جاء من تصريحات نسبت لأميرها على موقع وكالتها للأنباء، وإعلانها بأن وكالتها تعرضت للقرصنة، أي أذن صاغية لدى وسائل الإعلام العربية تلك، رغم أنها جاءت على لسان أبرز المسؤولين في حكومة قطر.


 ولم تكتف وسائل الإعلام تلك بتجاهل التصريحات الرسمية أو التقليل من شأنها والتشكيك بها، بل حاولت تأجيج النار وتشويه سمعة قطر عبر إلصاق كل ما هبّ ودبّ من تهم لها، من "التعامل مع الإرهابيين إلى الاستعانة بالجن، ومن انهيار الاقتصاد القطري إلى المواطن الذي سيرفع راية الاستسلام سريعاً، إذ لن تحتمل معدته نوعية اللبن الذي تغير جراء الحصار المفروض على وطنه".

وجيرت "العربية" و"سكاي نيوز عربية" وصحيفة "الحياة"وغيرها من المؤسسات المحرضة خلال الأزمة، كل الإعلاميين والصحافيين ومحللين وحتى الفنانين، إذ خرج علينا بطل سلسلة "سيلفي" الدرامية، الممثل السعودي ناصر القصبي، بحلقة عن أسباب وسر الأزمة الخليجية، أقل ما يقال في نقدها أنها رخيصة ومبتذلة، خيبت أمل كثير من المشاهدين إذ لا تنم عن أدنى وعي ورقي أو حرية، وإنما دراما تحت طلب ولاة الأمر.


واليوم مع نشر تقرير صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الذي نقلت فيه عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية قولهم: "إن الإمارات تقف خلف اختراق موقع (قنا)، وإنها دبرت نشر مقتطفات من تصريحات تحريضية منسوبة لأمير قطر"، تعود وسائل الإعلام ذاتها، إلى مربع التجاهل والصمت، إذ أسكتها على مايبدو هول المفاجاة، فتفادت قدر استطاعتها التعليق على ما جاء في التقرير، حيث اكتفت كل من "سكاي نيوز" وصحيفة "الشرق الأوسط" بنقل خبر مقتضب ينفي صحته، بينما نشرت "العربية" مقالاً ادعى فيه كاتبه "أن التقرير متناقض ويفتقر للحقائق" وأن مؤسسة "واشنطن بوست" قد تراجعت مهنياً مدللاً على نظريته بذكر سقطات لمؤسسات أخرى. كذلك واجهت جريدة "البيان" الإماراتية الاتهامات، عبر اتهام صحيفة "واشنطن بوست" بركوب موجة "الأخبار الكاذبة"، وحاولت إعطاء الصحيفة الأميركية الشهيرة دروساً بالمهنية.   

لكن الردود الهزيلة لاتهامات خطيرة كهذه لم يكن شأن وسائل إعلام دول الحصار فحسب، بل ساستها أيضاً، حيث صرح سفير دولة الإمارات في الولايات الأميركية المتحدة، يوسف العتيبة، وعبر تغريدة باهتة نشرتها الصفحة الرسمية للسفارة في "تويتر"، قال فيها "إن تقرير (واشنطن بوست) زائف، فالإمارات لم يكن لها دور بأي شكل في القرصنة المزعومة التي أشار إليها مقال الصحيفة".




واعتمد العتيبة الهجوم على قطر آلية للدفاع عن النفس، وقال في تغريدات ثانية سيقت من الكواليس الخلفية نفسها:"ما كان ينبغي أن تتطرق له الصحيفة؛ هو سلوك قطر، وهذا الأمر الصحيح، بجانب تمويلها ودعم وتمكين المتطرفين من طالبان إلى حماس والقذافي، والتحريض على العنف، وتشجيع التطرف وتقويض استقرار جيرانها".



وفي لقاء محرج لم يتوقعه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش يوم أمس، بدا الارتباك واضحاً على الوزير الإماراتي في إجابته عن سؤال لمراسل "الجزيرة"، خلال محاضرة عن أزمة قطر، عقدت بالمعهد الملكي للدراسات الدولية (تشاتام هاوس) بلندن، حول تقرير واشنطن بوست، فاكتفى بترديد عبارة "الخبر غير صحيح".