توفي سبعة أطفال أشقاء، أمس الثلاثاء، جراء حريق ضخم في منزلهم بمنطقة المناخلية في العاصمة السورية دمشق، وبعد أن ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بشهادات من أهالي المنطقة، أرجعوا فيها سبب الحريق إلى ماس كهربائي، محملين مسؤولية ما حدث لمؤسسة الكهرباء، سارعت وسائل إعلام النظام إلى تغطية الحدث عبر نشر تفاصيل تحقيق ذي طابع جنائي، أشرف عليه رئيس حكومة النظام، عماد خميس.
كان واضحاً في التقرير المصور أن هدفه تحميل المسؤولية كاملةً لأهل الضحايا، ففي الفيديو الأول ظهر خميس في مكان الحادثة، وهو يسأل عناصر الأمن والإطفاء ومجموعة من المدنيين عن مدى سرعة وصول الإطفاء والأمن إلى منطقة الحريق، ليأتيه الجواب الموحد من مختلف الجموع وهو: "خلال ثلاث دقائق"، ولكن الحالة التي يظهر فيها المكان والأضرار التي خلفها، تنافي ذلك.
ويعقب الحشود بعبارات "تثني على رجال الإطفاء والشرطة وعملها الدؤوب بخدمة المواطنين"، ثم يسأل خميس عن سبب الحريق، فيأتيه الجواب الموحد مجدداً عن وجود سقف مستعار (جبسن بورد)، وهنا يقتحم الكادر بشكل مفاجئ والد الضحايا، لينفي ما يقال، ليقابل رده بالقمع اللفظي والجسدي من قبل العناصر الأمنية المحيطة برئيس حكومة النظام، ويختفي الوالد من كادر التصوير بينما يبقى صوته حاضراً. وما هي إلا دقائق ويتحول كلام الأب من الاعتراض على ما يُقال إلى الثناء على عمل الوزير، مردداً معه الجموع: "والله ما بتقصروا... يعطيكم العافية".
Facebook Post |
ولم يكتف إعلام النظام بالمسرحية الهزلية هذه، إذ صور لقاء حصرياً مع والد الأطفال بعد ساعات قليلة من فاجعته، وركزت اللقاءات على توجيه التهم المباشرة له بمسؤوليته عن المأساة، فسأله مراسل قناة "الإخبارية السورية" عن وجود محروقات ومواد قابلة للاشتعال في منزله وعن مكان تواجده أثناء الحريق.
ولم تمنع دموع الأب وانهياره مراسل "الإخبارية" من سؤاله عن من حضر من المسؤولين، ليحكي لنا كيف تكفل المسؤولون بإعادة إعمار المكان وتعويض الأضرار، وبعدها يقوم بسؤال الأب المنهار تماماً عما إذا كان لديه رغبة بتوجيه شكر أو رسالة لأحدٍ ما، فينهار الأب باكياً ويرفض التحدث، إلا أن جيرانه يقتحمون كادر التصوير لينقذوا الموقف ويكملوا المسرحية، فيشكرون الوزير ورجال الإطفاء والشرطة.
Facebook Post |
وتناقلت بعض صفحات الأخبار التابعة للنظام السوري على موقع "فيسبوك" الخبر، وأرفقته بالإشارة إلى ضرورة عدم ترك الأطفال وحدهم في المنزل تجنباً لوقوع حوادث أليمة، لتلقي اللوم بدورها فيما حدث على أهل الضحايا، وتفتح الباب أمام رواد تلك الصفحات لتشتم الأهل.