بينما لا يزال الإعلام الحكومي الرسمي يلهث منذ 40 عاماً وحتى هذه اللحظة، خلف أي انجاز وهمي، ضمن فوضى إخفاقاته المتتالية نرى إعلاماً ولد من رحم الثورة السورية، إذ ظهرت مئات من الجهات الإعلامية المختلفة: وكالات أنباء، وإذاعات، وجرائد وتجمعات. يرى بعضهم أنها ليست متجانسة، ومنطلقاتها وأهدافها متباينة. لكنها مثلت نمواً طبيعياً للحراك باتجاه دولة ديمقراطية، يلعب فيها الإعلام دوره المعروف تاريخياً في الكشف والتوثيق والمسائلة.
اهتمت صحف الإعلام البديل والناشئ بتناول الموضوعات الإشكالية وافساح المجال لوجهات
النظر المختلفة حول ذات المسائل بهدف تمكين المواطنين السوريين من الإطلاع على قضايا الشأن العام. وفي كثير من الأحيان قدمت محتوى إعلاميا ناضجا، منوعا، وأقرب للموضوعية رغم تحيزها للثورة السورية، فكسرت محدودية الكلمة، وانطلقت مع محاولات للتجديد، رغم معاناتها المتكررة من مشاكل التمويل والتوزيع وسلطة الجماعات المتطرفة.
تقول كارولين أيوب مديرة إذاعة "سوريالي" الناشئة أن "هناك زحمة في الخارطة الإعلامية السورية، وإن كنا نرى احتمالات شديدة اللهجة لتراجع كثير من هذه التجارب لافتقارها لأدوات العمل في مؤسسات. لكن في المقابل نتوقع ظهور تجارب جديدة أكثر كفاءة وتماسكاً في الصياغة كمؤسسات. لقد كان هناك حاجة طويلة لهذا التكاثر الإعلامي، الذي سيفرز مؤسسات نوعية بمرور الوقت. كل المطلوب هو التعاون بين الفرق جميعاً والالتزام بمعايير أخلاقية ومهنية تضعها كل مؤسسة بنفسها".
إقرأ أيضاً: هستيريا تقبيل الأحذية العسكرية: فنان سوري ينضمّ إلى القافلة
مراسلون في مناطق النظام
يقول كرم (اسم مستعار)، من دمشق ويعمل في إحدى الإذاعات الثورية، "بدأت تجربتي مع الإعلام البديل، لأنني كنت مع انتفاضة الشعب ضد الديكتاتورية، كانت هذه الوسائل ناطقة باسم الحرية التي كنا ننشدها من أجل الوصل إلى إعلام حر، فضلاً عن الأجر المادي الجيد الذي أتقاضه فيها، الأمر الذي لا يتوفر في إعلام النظام".
الهاجس الأمني أكثر ما يؤثر على عمل كرم، إلى جانب عدم التصريح بهويتيه الصحافية، أنه شاهد عيان فقط وليس صحافياً محترفاً، رغم دراسته الأكاديمية.
ويرى كرم أنه رغم مساحة الحرية الموجودة في الإعلام الثوري البديل، إلا أنه "وصلنا إلى مرحلة متردية جداً، وفي بعض الأحيان لجأت الكثير من المنابر للكذب والشائعات لنشر أفكارهم، وتراجعت مصداقيتها بنسبة واتبعت أجندات الممولين كبيرة جداً، عن دورها في أول الأحداث حيث كانت تنطق بالأخبار في ظل التكتم الإعلامي للنظام".
كرم لا يعمل مع الإعلام الحكومي الناطق بلسان النظام، بل ينتقد كل من يعمل مع الطرفين بذات الوقت، قائلاً: "لا أعتقد أنه مهني، فلا يمكن لأي شخص أن يعمل في وسيلتين متنافستين ولهما خطين تحريريين مختلفين، وخصوصاً بما يتعلق بالأحداث السورية، التي قسمت المجتمع بكل زواياه بما في ذلك الإعلامية".
أما سامر البزراوي وهو مراسل يعمل مع صحيفة "صدى الشام" من دمشق، ويرى أن العمل
في الإعلام الحكومي يشبه اللعب على الحبال فمخاطره مضاعفة، كون التنسيق لجلب المعلومة من الإعلام الحكومي ونقلها للبديل يتطلب حذراً مضاعفاً.
ويقول إن: "العمل مع الإعلام البديل من داخل دمشق تجربة ممتعة وصعبة بذات الوقت، فالصعوبات كبيرة كون مصادر المعلومات ترصد بأغلب الأحيان بطريقة غير مباشرة".
وبرأيه الشخصي فإن "صحافة الثورة استطاعت أن تشق لنفسها طريقاً خاصاً، وتكسر القواعد والأساليب التقليدية المتبعة في إعلام النظام. وفيها مساحات حرية كبيرة، وخطيرة لمن لا يعرف أن يلعب من خلالها".
فيما يرى متابع، فضل عدم الكشف عن اسمه أنه: "كنتيجة لقمع النظام للحرية الصحافية على مدى عقود، اندفع الكتاب المعارضون في بداية الثورة نحو حرية الرأي بشكل كبير، فساد العمل الإعلامي الثوري بعض الفوضى، وانعكس هذا الأمر على مستوى الإعلام الثوري بشكل عام، فيما انجر آخرون إلى استخدام تعابير طائفية، متأثرين بإجرام النظام وسيل الدماء".
ومن ناحية آخرى كان لانعدام خبرة الإعلاميين العاملين في الثورة دور بارز، فقلة من خريجي كلية الإعلام كانوا على قدر المسؤولية وكتبوا بموضوعية، أما الناشطون فليسوا من أصحاب الاختصاص، وهذا قد يبرر ضعف إعلام الثورة بشكل عام.
إقرأ أيضاً: اليوم العالمي لحرية الصحافة: مستمرّون
الشبكة السورية للإعلام البديل
وبعد أن كثرت الانتقادات حول مهنية الإعلام البديل وإمكانية استمراره، واعتماده على العواطف أو الدعاية لأفكار مموليه وأجنداتهم مع غياب ميثاق ملزم، اجتمعت صحف بديل عدة لتشكيل "الشبكة السورية للإعلام المطبوع"، فكانت خطوة لتصحيح مسار الإعلام، وتوحيد جهوده لإيصال صوت الثورة الحقيقي للخارج.
انطلقت "الشبكة السورية للإعلام المطبوع" في شهر يوليو/تموز من العام الماضي، في أول
خطوة تعاونية شهدها الإعلام السوري الناشئ، بين مجموعة صحف سورية بديلة هي: "صدى الشام"، و"عنب بلدي"، و"سوريتنا"، و"كلنا سوريون"، و"تمدن"، منسجمة فيما بينها باللغة ومتقاطعة بالمضمون والمحتوى التحريري.
يقول منسق الشبكة جواد الشربجي: "جاءت فكرة الشبكة نتيجة الحاجة إلى توحيد جهود العمل الإعلامي في سورية وتنسيقه في توجيه خطاب إعلامي متوافق يشكل قوة ضاغطة في الرأي العام على صعيد الحكومات والتوجهات الشعبية، إضافة إلى تبادل خبرات العمل التي اكتسبتها الصحف خلال سنوات الثورة السورية، ولتحسين الأداء التحريري والإداري، ومنه لتخفيف النفقات".
كما وضعت الشبكة لنفسها نظاماً داخلياً، يحتوي ميثاق شرف بخطوط عريضة ويؤكد على المعايير المهنية والأخلاقية الدولية من عدم التحريض على العنف، أو تجييش الطائفية، شروط نشر الصورة، فهي الأساس والضابط الملزم لمجموعة الصحف المنتسبة، لخلق إعلام موضوعي يتلافى الأخطاء السابقة.
إقرأ أيضاً: النظام السوري يخترق راديو "روزنة" المعارض؟
شبكة الصحافيات السوريات
اجتمعت ثلاث صحافيات سوريات نهاية عام 2012، لتأسيس مشروع صحافي يهتم بالمرأة السورية، خاصة بعدما أظهر مسح عشوائي أن عدد النساء العاملات في الصحافة أقل من
الرجال.
تقول رولا أسد وهي مديرة المشروع: "هو غير ربحي، رخص في هولندا لصعوبة الأوضاع الأمنية في سورية، ويعمل على تحقيق تمثيل متساو بين الرجل والمرأة في وسائل الإعلام".
وعن الإعلام البديل تضيف ميليا عيدموني من الشبكة: "شكل الإعلام السوري الجديد، طفرة مع بداية الثورة السورية وكانت مساحة الحرية لتلك الوسائل في البدايات أكبر، اليوم نلحظ أن هذه المساحة بدأت تضيق مجدداً، نتيجة صعوبات الحصول على تمويل والمال السياسي الذي لعب دوراً في وضع سياسات التحرير لهذه الوسائل بالإضافة إلى الافتقار للخبرة الإعلامية للقائمين على هذه الوسائل الإعلامية".
إقرأ أيضاً: سورية... مقبرة الصحافيين الكبرى
اهتمت صحف الإعلام البديل والناشئ بتناول الموضوعات الإشكالية وافساح المجال لوجهات
تقول كارولين أيوب مديرة إذاعة "سوريالي" الناشئة أن "هناك زحمة في الخارطة الإعلامية السورية، وإن كنا نرى احتمالات شديدة اللهجة لتراجع كثير من هذه التجارب لافتقارها لأدوات العمل في مؤسسات. لكن في المقابل نتوقع ظهور تجارب جديدة أكثر كفاءة وتماسكاً في الصياغة كمؤسسات. لقد كان هناك حاجة طويلة لهذا التكاثر الإعلامي، الذي سيفرز مؤسسات نوعية بمرور الوقت. كل المطلوب هو التعاون بين الفرق جميعاً والالتزام بمعايير أخلاقية ومهنية تضعها كل مؤسسة بنفسها".
إقرأ أيضاً: هستيريا تقبيل الأحذية العسكرية: فنان سوري ينضمّ إلى القافلة
مراسلون في مناطق النظام
يقول كرم (اسم مستعار)، من دمشق ويعمل في إحدى الإذاعات الثورية، "بدأت تجربتي مع الإعلام البديل، لأنني كنت مع انتفاضة الشعب ضد الديكتاتورية، كانت هذه الوسائل ناطقة باسم الحرية التي كنا ننشدها من أجل الوصل إلى إعلام حر، فضلاً عن الأجر المادي الجيد الذي أتقاضه فيها، الأمر الذي لا يتوفر في إعلام النظام".
الهاجس الأمني أكثر ما يؤثر على عمل كرم، إلى جانب عدم التصريح بهويتيه الصحافية، أنه شاهد عيان فقط وليس صحافياً محترفاً، رغم دراسته الأكاديمية.
ويرى كرم أنه رغم مساحة الحرية الموجودة في الإعلام الثوري البديل، إلا أنه "وصلنا إلى مرحلة متردية جداً، وفي بعض الأحيان لجأت الكثير من المنابر للكذب والشائعات لنشر أفكارهم، وتراجعت مصداقيتها بنسبة واتبعت أجندات الممولين كبيرة جداً، عن دورها في أول الأحداث حيث كانت تنطق بالأخبار في ظل التكتم الإعلامي للنظام".
كرم لا يعمل مع الإعلام الحكومي الناطق بلسان النظام، بل ينتقد كل من يعمل مع الطرفين بذات الوقت، قائلاً: "لا أعتقد أنه مهني، فلا يمكن لأي شخص أن يعمل في وسيلتين متنافستين ولهما خطين تحريريين مختلفين، وخصوصاً بما يتعلق بالأحداث السورية، التي قسمت المجتمع بكل زواياه بما في ذلك الإعلامية".
أما سامر البزراوي وهو مراسل يعمل مع صحيفة "صدى الشام" من دمشق، ويرى أن العمل
ويقول إن: "العمل مع الإعلام البديل من داخل دمشق تجربة ممتعة وصعبة بذات الوقت، فالصعوبات كبيرة كون مصادر المعلومات ترصد بأغلب الأحيان بطريقة غير مباشرة".
وبرأيه الشخصي فإن "صحافة الثورة استطاعت أن تشق لنفسها طريقاً خاصاً، وتكسر القواعد والأساليب التقليدية المتبعة في إعلام النظام. وفيها مساحات حرية كبيرة، وخطيرة لمن لا يعرف أن يلعب من خلالها".
فيما يرى متابع، فضل عدم الكشف عن اسمه أنه: "كنتيجة لقمع النظام للحرية الصحافية على مدى عقود، اندفع الكتاب المعارضون في بداية الثورة نحو حرية الرأي بشكل كبير، فساد العمل الإعلامي الثوري بعض الفوضى، وانعكس هذا الأمر على مستوى الإعلام الثوري بشكل عام، فيما انجر آخرون إلى استخدام تعابير طائفية، متأثرين بإجرام النظام وسيل الدماء".
ومن ناحية آخرى كان لانعدام خبرة الإعلاميين العاملين في الثورة دور بارز، فقلة من خريجي كلية الإعلام كانوا على قدر المسؤولية وكتبوا بموضوعية، أما الناشطون فليسوا من أصحاب الاختصاص، وهذا قد يبرر ضعف إعلام الثورة بشكل عام.
إقرأ أيضاً: اليوم العالمي لحرية الصحافة: مستمرّون
الشبكة السورية للإعلام البديل
وبعد أن كثرت الانتقادات حول مهنية الإعلام البديل وإمكانية استمراره، واعتماده على العواطف أو الدعاية لأفكار مموليه وأجنداتهم مع غياب ميثاق ملزم، اجتمعت صحف بديل عدة لتشكيل "الشبكة السورية للإعلام المطبوع"، فكانت خطوة لتصحيح مسار الإعلام، وتوحيد جهوده لإيصال صوت الثورة الحقيقي للخارج.
انطلقت "الشبكة السورية للإعلام المطبوع" في شهر يوليو/تموز من العام الماضي، في أول
يقول منسق الشبكة جواد الشربجي: "جاءت فكرة الشبكة نتيجة الحاجة إلى توحيد جهود العمل الإعلامي في سورية وتنسيقه في توجيه خطاب إعلامي متوافق يشكل قوة ضاغطة في الرأي العام على صعيد الحكومات والتوجهات الشعبية، إضافة إلى تبادل خبرات العمل التي اكتسبتها الصحف خلال سنوات الثورة السورية، ولتحسين الأداء التحريري والإداري، ومنه لتخفيف النفقات".
كما وضعت الشبكة لنفسها نظاماً داخلياً، يحتوي ميثاق شرف بخطوط عريضة ويؤكد على المعايير المهنية والأخلاقية الدولية من عدم التحريض على العنف، أو تجييش الطائفية، شروط نشر الصورة، فهي الأساس والضابط الملزم لمجموعة الصحف المنتسبة، لخلق إعلام موضوعي يتلافى الأخطاء السابقة.
إقرأ أيضاً: النظام السوري يخترق راديو "روزنة" المعارض؟
شبكة الصحافيات السوريات
اجتمعت ثلاث صحافيات سوريات نهاية عام 2012، لتأسيس مشروع صحافي يهتم بالمرأة السورية، خاصة بعدما أظهر مسح عشوائي أن عدد النساء العاملات في الصحافة أقل من
تقول رولا أسد وهي مديرة المشروع: "هو غير ربحي، رخص في هولندا لصعوبة الأوضاع الأمنية في سورية، ويعمل على تحقيق تمثيل متساو بين الرجل والمرأة في وسائل الإعلام".
وعن الإعلام البديل تضيف ميليا عيدموني من الشبكة: "شكل الإعلام السوري الجديد، طفرة مع بداية الثورة السورية وكانت مساحة الحرية لتلك الوسائل في البدايات أكبر، اليوم نلحظ أن هذه المساحة بدأت تضيق مجدداً، نتيجة صعوبات الحصول على تمويل والمال السياسي الذي لعب دوراً في وضع سياسات التحرير لهذه الوسائل بالإضافة إلى الافتقار للخبرة الإعلامية للقائمين على هذه الوسائل الإعلامية".
إقرأ أيضاً: سورية... مقبرة الصحافيين الكبرى