إعصار "هيبتا" في شباك التذاكر.. متى يذهب المصريون للسينما؟

29 ابريل 2016
هيبتا: المحاضرة الأخيرة (فيسبوك)
+ الخط -
تجاوزت إيرادات فيلم "هيبتا: المحاضرة الأخيرة" حاجز الـ10 ملايين جنيه مصري (مليون دولار تقريباً) في شباك التذاكر بعد مرور أسبوع واحد فقط على عرضه، وبدت قاعات سينما ممتئلة بشكل لا يتكرر كثيراً في مصر.


النجاح الضخم للفيلم هو دليل جديد على تغير المزاج العام في مصر بشأن الأفلام الأكثر جذباً للجمهور. وعبر وضع الفيلم، إلى جانب فيلمي "الفيل الأزرق" (2014) و"ولاد رزق" (2015)، باعتبارهم أكثر أعمال حققت إيرادات لثلاثة أعوام على التوالي، يمكن أن نستنتج بعض السمات التي تجذب المشاهدين في مصر الآن للسينما.





الصنعة الهوليوودية

هناك جيل جديد من مشاهدي الأفلام في مصر لم يتشكل وعيه مع الأفلام العربية أو الأبيض والأسود القديمة أو حتى الأفلام الكوميدية، هذا الجيل نشأ فعلياً على قناة mbc 2، وأصبحت أفلامه المفضلة من قبيل Fight Club وShawshank Redemption وUsual Suspects، أفلام متقنة الصنع وذكية الكتابة ومبهرة في نهايتها.

هذا الجيل يبدو الشريحة الأعرض من مشاهدي السينما في مصر الآن، الأفلام الثلاثة (الفيل الأزرق، ولاد رزق، هيبتا) فيها سمة مشتركة من جودة الصنع الهوليوودية (بمعناها الإيجابي)، الاهتمام بالمؤثرات أو الديكور أو الموسيقى إلى جانب ذكاء الكتابة، الشعور –بصرياً- أنك تشاهد فيلماً أجنبياً مع قصة مشدودة الوتر وممتعة.




التويست

المفاجأة الختامية التي تقلب الأمور رأساً على عقب هي سمة أخرى لأفلام نهاية التسعينيات التي نشأ عليها جيل الألفية في مصر، تتويج لوتر الحكاية المشدود، وللتفاصيل التي تتفاعل معها ثم تكتسب بعداً آخر مع الختام. في "الفيل الأزرق" و"ولاد رزق" وحالياً في "هيبتا" هناك مفاجأة ختامية ينتهي عندها الفيلم، وبصورة غير معتادة في السينما المصرية سابقاً –باستثناء أفلام محددة للمخرج كمال الشيخ مثلاً- مما يترك مساحة عند المشاهدين للدهشة والحديث عن العمل حتى بعد انتهائه.


جمهور الأدب

اثنان من الأفلام الثلاثة مقتبس عن عمل أدبي ناجح جداً، الفيل الأزرق عن رواية لأحمد مراد، وهيبتا عن رواية محمد صادق. هذا النجاح الأدبي ينتقل تلقائياً إلى الفيلم، بحيث تمثل جماهير تلك الروايات أعداداً غفيرة، مما يضمن تقريباً حماسهم للفيلم رغبة في مشاهدة عمل أدبي يحبونه منقول إلى السينما. وتزايد نسبة الأعمال الأدبية المنقولة إلى الأفلام هو أمر في صالح السينما المصرية بالتأكيد.

الرهان على نجوم جدد

سابقاً كانت هناك قوالب جاهزة للنجومية، على مدى 40 عاماً يمكنك أن تعرف ما هو الفيلم الذي سيحقق أعلى إيرادات العام، عادل إمام ونادية الجندي، وصولاً لمحمد هنيدي وعلاء ولي الدين، بعدهم محمد سعد، ثم أحمد حلمي. الآن الوضع مختلف لأن الرهان على نجوم جدد والاعتماد أكثر على تفاصيل الفيلم الأخرى يبدو الأمر الأنجح.

كريم عبدالعزيز ليس نجماً جديداً، لكن "الفيل الأزرق" هو فيلمه الأنجح، أحمد عز كذلك في "ولاد رزق" حقق نجاحه الأكبر والأهم أن بجانبه ممثلين من جيل شاب مثل عمرو يوسف وأحمد داوود ومحمد ممدوح وحتى الممثلة الرئيسية نسرين أمين، و"هيبتا" بالطبع يمتلئ بالممثلين الجدد الذين حققوا نجاحاً أسبق مع الجمهور سواء في المسلسلات (جميلة عوض أو أحمد مالك) أو في حضور سينمائي سابق (عمرو يوسف وياسمين رئيس وأحمد داوود) أو مواهب لممثلين كبار ومقدرين جماهيرياً (ماجد الكدواني ونيللي كريم).


الصنف الفيلمي لم يعد مهماً

"الفيل الأزرق" هو إثارة نفسية وفيلم جريمة، "ولاد رزق" هو أجواء عصابات مصرية بلمسة شعبية، و"هيبتا" هو فيلم رومانسي خالص من البداية إلى النهاية.

لم يعد (النوع الفيلمي – Genre) هو المحدد لجاذبية الفيلم، مثلما كان يحدث مع الفيلم الكوميدي منذ نهاية التسعينيات وحتى وقت قريب، أو مع الفيلم الشعبي في السنوات الخمسة الأخيرة، بقدر ما تحددها العوامل الأخرى السابقة التي تأتي على رأسها الحبكة والحكاية وإثارة المشاهد للمتابعة وجودة الصنع.

وهذا الأمر أيضاً مفيد لأنه يخلق شيئاً من التنوع، والأمثلة على ذلك في السنوات الأخيرة تبدو واضحة. ولذلك، فإن ما يحدث، وبغض النظر عن رأي نقدي محدد في فيلم أو آخر، ولكنه مفيد للسينما في مصر، ويرفع من مستواها التقني وتنوعها، بدلاً من انحصارها لسنوات في مناطق محددة.

دلالات
المساهمون