إعدامات مصر: رسائل للداخل والخارج

08 يناير 2018
من تظاهرة ضد سياسات السيسي في برلين(أود أندرسون/فرانس برس)
+ الخط -
أثار تنفيذ السلطات المصرية أحكاماً بإعدام 19 شخصاً، بدعوى صدور أحكام نهائية بحقهم من محاكم عسكرية، موجةً من الجدل في الأوساط السياسية والحقوقية المصرية، في ظل أدلة تفيد بثغرات كبيرة في الأحكام وفي الاتهامات الموجّهة إليهم. وجاء تنفيذ حكم الإعدام في الأشخاص الأربعة بعد أيام قليلة من تنفيذ حكم مماثل بحق 15 شخصاً في قضية صادرة عن محكمة عسكرية بتهمة أعمال عنف ضد الجيش والشرطة في سيناء.

ووصفت الناشطة الحقوقية أهداف سويف، تنفيذ أحكام الإعدام الأخيرة بغير العادلة، معتبرة في تصريح مقتضب أنها عملية قتل خارج إطار القانون. كذلك قال مسؤول حكومي مصري سابق في حكومة حازم الببلاوي، التي جاءت عقب الثالث من يوليو/ تموز 2013، إن النظام المصري الحالي يُقْدِم على تنفيذ عمليات صادرة عن محاكم عسكرية في الوقت الراهن، لتحقيق مجموعة من الأهداف الداخلية والخارجية. وأوضح المسؤول السابق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "بالنسبة للخارج لا يمكن أن ندّعي طوال الوقت أن مصر تحارب الإرهاب من دون أن تكون هناك أحكام نافذة قوية ضد عناصر متورطة في أحداث إرهابية كبرى". أما على الصعيد الداخلي فأشار المسؤول إلى أن "مصر مقبلة على انتخابات رئاسية، وسط ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة جداً، وهو ما يستدعي مزيداً من الحزم لعدم حدوث أي احتجاجات قد تخرج عن السيطرة"، لافتاً إلى أن "تظاهرات إيران الأخيرة ستدفع إلى مزيد من القمع في مصر خلال الفترة المقبلة، لأنها ستكون بمثابة جرس إنذار للنظام في مصر". وأضاف: "هم يريدون إيصال رسائل مفادها أنه لن يكون هناك تهاون مع أي معارضة تحاول الخروج عن السقف المتاح قبل الانتخابات الرئاسية".

وأوضح المسؤول الحكومي السابق أن "تنفيذ الأحكام الصادرة عن محاكم عسكرية، بجرائم وقعت بحق عسكريين وشرطيين، له دلالته"، قائلاً "هم يريدون تبريد صفوف أجهزة الأمن بشأن زملائهم الذين يسقطون في سيناء أو في حوادث إرهابية، من جهة، ومن جهة أخرى النظام لا يريد وضع القضاء المدني في موقف حرج في هذا التوقيت، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي سيكون للقضاء دور كبير فيها".


وكان المحامي خالد علي، الذي أعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، قد انتقد تنفيذ أحكام الإعدام أخيراً، قائلاً إن "الحكم بعقاب مرتكبي أي جريمة وتنفيذه لا ينفصل عن الحق في محاكمات علنية وشفافة وعادلة وأمام القاضي الطبيعي، للتيقّن من أن هذا المتهم ارتكب هذا الجرم فعلاً". وأضاف: "إن تأكيدنا على موقفنا الرافض للإرهاب وضرورة مواجهته بكل السبل، لن يمنعنا من المطالبة بمحاكمات عادلة للمتهمين به أمام قاضيهم الطبيعي، بما يضمن عدم تحوّل هذه المحاكمات إلى أدوات للثأر والانتقام خارج إطار القانون أو الاستخدام السياسي لتهدئة النفوس، أو التغطية على فشل في التعامل مع خطر الإرهاب بدلاً من مواجهته ثقافياً وفكرياً ومجتمعياً".

يذكر أنه في مايو/ أيار 2015 نُفّذت أحكام بالإعدام بحق ستة أشخاص في القضية المعروفة إعلامياً باسم "عرب شركس"، بتهمة الانتماء إلى جماعة "أنصار بيت المقدس" التي تنشط في شمال سيناء. وفي ديسمبر/ كانون الأول عام 2016 نفذت السلطات المصرية حكم الإعدام بحق عادل حبارة، أحد قياديي "أنصار بيت المقدس" في شمال سيناء. وسبق ذلك في مارس/آذار 2015 تنفيذ حكم الإعدام بحق محمود رمضان الذي أُدين في واقعة إلقاء أحد الصبية من أعلى بناية في مدينة الإسكندرية شمالي البلاد، وقيل إنه أول تنفيذ لحكم إعدام في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في وقائع عنف متصلة بتظاهرات على خلفية الصراع السياسي الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة، وهي القضية التي ثار بشأنها جدل واسع، بعد ظهور مقاطع فيديو تؤكد براءة المتهم.
وفي يونيو/ حزيران من العام الماضي طالبت منظمة "هيومين رايتس ووتش" وزير الدفاع المصري، بصفته من يعتمد قرارات أحكام الإعدام من المحاكم العسكرية، بإلغاء أحكام الإعدام والطلب إلى النيابة العسكرية إسقاط الدعاوى "أو في حال وجود أدلة ضد الرجال أو المتهمين الآخرين، على المدعي العام المصري توجيه التهم إليهم في محكمة عادية".