وقال المتحدث باسم السلطة القضائية، عبد الستار بيرقدار، في بيان إنّ "المحكمة الجنائية أصدرت قراراً بإعدام 24 متهماً شنقاً لإدانتهم بحادثة سبايكر"، مشيراً الى "الإفراج عن أربعة آخرين لعدم ثبوت الأدلة ضدّهم". غير أن الخبير القانوني، سلام حسن، استغرب حسم الدعوى بالقضية خلال جلسة اليوم، مبيّناً أنّه "كان من المفترض أن يتم تأجيلها الى موعد جديد بسبب كثرة عدد المتهمين وكثرة الوثائق والإفادات والشهادات في الدعوى".
اقرأ أيضاً: "داعش" يهدّد قاعدة سبايكر في العراق من جديد
وقال حسن، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حسم القضية في جلسة واحدة يثير الشكوك، ويؤكّد على أنّها قضية سياسية وليست قضائية"، مشيراً إلى أنّ "المحكمة بحاجة الى وقت كافٍ للنظر بالوثائق والشهادات والدفاع عن المتهمين، كما أنّ الوقائع والأدلة وظروف كل دعوى تحتاج الى وقت كاف لدراستها، وهذا الأمر يحتاج لوقت لا يقل عن شهرين أو أكثر".
وانتقد ما اعتبر أنه "استمرار للإساءة الى القضاء العراقي وضرب سمعته، من خلال إقحامه من قبل الحكومة بقضايا سياسية وفرض ضغوط عليه".
وأوضح الخبير القانوني أنّ "هذه المجموعة التي صدرت الأحكام بحقها هي المجموعة الأولى، وستتم محاكمة مجموعات أخرى قد تكون أعدادهم أكثر من أعداد هذه المجموعة". وأشار إلى أن "عدد المتهمين في القضية يبلغ نحو 600 متهم، إذ تم صدور ما يقارب من 600 أمر قبض، وهنالك اعترافات وإقرارات مفصّلة تم انتزاعها تحت التعذيب من قبل المتهمين الذين أجبروا على الاعتراف على أشخاص بتهمة الدفع والتحريض على ارتكاب الجريمة"، وأنّ القوات الأمنية والحشد الشعبي يحاولون القبض عليهم"، بحسب قوله.
وأشار الى أنّ "بعض المتهمين ستصدر بحقهم أحكام عدّة بالإعدام باعتبار أنهم اعترفوا بقتل عدة أشخاص"، مشيراً الى أنّ "المحامين تهرّبوا من هذه القضية بسبب التهديدات التي تلقوها من قبل المليشيات". وكان تنظيم "داعش" قد أعدم منتصف يونيو/حزيران 2014، 1700 من طلبة كلية القوة الجوية والمتطوعين للقوات المسلحة، في قاعدة سبايكر، شمالي تكريت، وذلك بعد ساعات من دخوله المدينة والسيطرة عليها عقب سقوط الموصل.
وأكد مصدر قبلي بارز في محافظة صلاح الدين، لـ"العربي الجديد"، أنّ 14 شخصاً من المُدانين هم من أبناء عمومة صدام حسين، ولا علاقة لهم بالجريمة وتم اعتقالهم من منازلهم.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن "المليشيات والحكومة كانت تبحث عن إنجاز تقدمه لذوي الضحايا، ولم تجد سوى اعتقال أقرباء صدام لإعدامهم؛ وهي بذلك تضرب عصفورين بحجر واحد"، مبيّناً أن تنظيم "داعش" هو من نفّذ عملية الإعدام، وكانوا جميعاً ملثمين".
وبحسب المصدر نفسه، "لا يوجود دليل على من تمت إدانتهم أمس سوى أن اعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب، وبثت مسجلة على القناة العراقية الحكومية لتسكين غضب الأهالي الذين اقتحموا قبل يومين من ذلك مبنى البرلمان وحطموا محتوياته".
وكان الأمين العام لمليشيات عصائب "أهل الحق"، قيس الخزعلي، قد دعا القضاء العراقي الأسبوع الماضي، إلى الإسراع بحسم موضوع سبايكر، وتعويض ذوي الضحايا مادياً ومعنوياً من خلال تشريع قانون يؤمّن حقوقهم، وأكّد أنّ "الحشد الشعبي" يواصل ملاحقة المتورطين بالجريمة.
من جهتها، انتقدت رئيسة منظمة الحياة لحقوق الإنسان العراقية (وهي منظمة مجتمع مدني معنية بحقوق الإنسان)، ابتهال الزيدي، إصدار أحكام الإعدام، مبيّنة أنّ "قضية سبايكر أصبحت قضية سياسية بحتة".
وأضافت الزيدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحكومة العراقية مستمرة بجرّ البلاد الى متاهات لا تعرف نهاياتها، وهي تعالج الخطأ بأخطاء أكبر منه حجماً"، مبيّنة أنّ "مجزرة سبايكر ارتكبها تنظيم داعش، وهذا الشيء معروف لدى الجميع، وأنّ التنظيم هو تنظيم إرهابي يحارب السنة قبل الشيعة، وارتكب جرائم بحق السنة أكثر من جرائمه بحق الشيعة".
ورأت أن الحكومة تنظر الى سبايكر على أنّها جريمة طائفية "الأمر الذي دفعها لاعتقال المئات من السنة من أهالي تكريت وتقديمهم الى محاكمات شكلية ليتم إعدامهم استرضاءً لذوي القتلى"، على حدّ تعبيرها.
وأشارت الى أنّ سياسة الحكومة هذه تُدخل "العراق بنفق الطائفية، والحكومة تُسيّر مختلف القضايا في البلد على أنها قضايا طائفية"، مطالبة منظمات المجتمع الدولي بـ"التدخل لوقف هذه الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة العراقية والقضاء العراقي".
اقرأ أيضاً: أهالي تكريت يخشون الإبادة .. والمليشيات الطائفيّة تهدّد