إعادة فرض للسيطرة
إضافة إلى زيادة قوة الآلة الألمانية، وسيطرتها على أوروبا، واقترابها أكثر فأكثر من الدب الروسي، كتحدٍّ حقيقي، يشكل عامل ضغط خطير على رؤية أميركا الأحادية للعالم. لذا، يرى الساسة الأميركيون ضرورة اعتماد سياسة جديدة لقيادة العالم.
ما يقصده بريجنسكي بقيادة واشنطن للعالم، بالاعتماد على دول ذات قوة إقليمية، يعني سيطرة العقل على الأعضاء، مع الاحتفاظ بحق التخدير، والبتر كلما دعت الحاجة إلى ذلك. إذن، نحن أمام تحالفات جديدة في المنطقة، وتوزيع أدوار جديد، يتناسب مع حسابات القوى الاقليمية، خصوصاً في المنطقة التي أطلق عليها لقب "قوس الأزمات"، الممتدة من باكستان شرقاً إلى المغرب غرباً.
ولا ترى الولايات المتحدة مانعاً في استحداث دول أخرى تدعم توجّهها الجديد وتشرّعه، دول للإيجار، يمكن توجيهها واستخدامها لفرض شروط المرحلة الجديدة، بما يخدم القوة العظمى الوحيدة، في حال قررت دول المنطقة الاستقلال والاعتماد على الذات، وقررت التغريد خارج السرب.
لننظر إلى فكرة السماح بإعلان تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، لدولته، والتي جرى اختراعها من العدم ودعمها، لنفهم الآلية التي يسير عبرها العقل الأميركي الجديد.
بريجنسكي، بهذا المشروع، يختلف اختلافاً كلياً عن أقرانه من أمثال برنارد لويس، وفوكوياما، وصموئيل هينتنجتون. فهو أكثر واقعية، خصوصاً بعدما فشلت معظم مشاريع المفكرين السابقين، جراء عدم مواءمتها للواقع، وتناقضها مع تسارع وتيرة الأحداث. لكن، ماذا لو لم تأخذ الإدارة الأميركية نصيحة هذا المفكر بجدية، ما "النواتج" التي قد تسفر عنها؟