إطلاق سراح الوليد بن طلال: هل تأمنت المائة مليار؟

28 يناير 2018
أصرّ الوليد بن طلال على براءته (Getty)
+ الخط -
بعد ساعات على ظهوره للمرة الأولى، منذ نحو ثلاثة أشهر، في مقابلة مصورة مع وكالة "رويترز"، أطلقت السلطات السعودية، أمس السبت، سراح الملياردير السعودي، الأمير الوليد بن طلال، بعد توقيفه مع آخرين في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض، في تسوية مالية لم تتضّح تفاصيلها بعد وتطرح الكثير من علامات الاستفهام حولها. بذلك، تقترب المملكة من إنهاء ملف مئات المعتقلين في سجنها ــ الفندق، منهم أمراء ورجال أعمال ووزراء وإعلاميون ورجال دين، منذ نوفمبر/تشرين الثاني.

وأفاد مصدر حكومي سعودي رفيع المستوى، أمس، أنه تم إطلاق سراح بن طلال بعد موافقة النائب العام على تسوية توصل إليها مع السلطات. وقال المصدر لوكالة "رويترز": "تمت موافقة النائب العام السعودي، صباح اليوم، (أمس) على التسوية التي تم التوصل إليها مع الأمير الوليد بن طلال. وعاد الأمير في الساعة 11 صباحاً إلى بيته". وأضاف المصدر في رد على سؤال عمّا إذا كان النائب العام قد اقتنع ببراءة بن طلال: "لن أقوم بنقض أو تأكيد ما يقوله. من ناحية المبدأ العام، هذا أمر راجع لمن قاموا بالتسوية وبكل تأكيد لا يوجد تسوية إلا بسبب مخالفات، ولا تتم التسويات إلا بإقرار المتهم بها وتوثيق ذلك خطياً، وتعهده بعدم تكرارها". وبسؤاله عمّا إذا كان بن طلال سيظلّ رئيساً لشركة المملكة القابضة، قال المصدر "بكل تأكيد".


وتوقّع بن طلال في مقابلته الأخيرة مع "رويترز" أن تتم تبرئته من أي مخالفات وإطلاق سراحه في غضون أيام. وأكّد أنه لا يزال يصرّ على براءته من أي فساد خلال المحادثات مع السلطات، مضيفاً أنه يتوقّع الإبقاء على سيطرته الكاملة على شركته المملكة القابضة من دون مطالبته بالتنازل عن أي أصول للحكومة.

ورفض بن طلال مراراً التنازل عن ثروته مقابل الحصول على حريته، طالباً اللجوء إلى القضاء لتسوية الخلافات مع السلطات. في حين أكّدت المقابلة وما قاله فيها، أنّ تسوية ما قد حصلت وربما كانت المقابلة جزءاً من هذه التسوية، لحفظ ماء وجه الأمير، على أن يدفع لاحقاً للسلطات من دون الإعلان عن ذلك.

وقال بن طلال، إنه لا توجد اتهامات ضده "هناك فقط مناقشات بيني وبين الحكومة. تأكدوا أن هذه عملية نظيفة ونحن نتناقش فقط مع الحكومة بخصوص أمور متعددة لا يمكنني البوح بها الآن"، نافياً كل التقارير التي نشرت حول تسوية جرت مناقشتها للإفراج عنه، كطلب الحصول على أصول وحصص في شركات تابعة له.

وعما إذا كانت ستكون هناك تسوية مالية بعد مغادرته؟ قال: "ليس بالضرورة. لا يمكنني البوح، فهناك طرفان. حتى الآن، نتحدث، وحتى الآن، الأمور جيدة"، مؤكداً في جواب عن سؤال آخر عن كيف يتوقّع حل المسألة؟ وهل سيقدم تبرعاً أو تنازلاً عن حصص في شركات؟: "نتناقش مع الحكومة في الوقت الحالي". وهو ما يعدّ إقراراً من الأمير بأن تسوية ما قد حصلت.

كذلك نفى بن طلال أن يتم تحويل أي أصول إلى الدولة، وكذلك حول ما إذا جرت أي مناقشة لتعهدات بشأن الدخل في المستقبل... تبرع بشكل ما أو وعد بالاستثمار في "أرامكو" أو مشروعات صندوق الاستثمارات العامة، قائلاً "لا لا. لا شيء. أبداً".

وأكّد بن طلال، أنه لن يغادر السعودية "بالقطع"، في وقت يطرح سؤال حول ما إذا كانت ستسمح السلطات السعودية، في الأساس، له ولمن تم اعتقالهم بمغادرة البلاد، بحيث سيكون باستطاعتهم حينها تقديم شكوى ضد السلطات المملكة في الخارج.

وكثرت التقارير والمعلومات المسربة حول ظروف احتجاز الوليد بن طلال والتنازلات التي يجب أن يقدمها مقابل إطلاق سراحه. ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة أن الحكومة طلبت منه تقديم جزءٍ من شركته "المملكة القابضة" بدلاً من دفع الأموال المطلوبة نقداً، حيث طالبته السلطات بدفع 6 مليارات دولار للإفراج عنه. كما ذكرت تقارير أخرى عن نقله إلى سجن الحائر الشديد الحراسة أخيراً، بعد فشل المفاوضات بينه وبين الحكومة، حيث تعرّض للتعذيب هناك.


وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير، أمس، أن السلطات السعودية زادت من حدة ضغوطها على عشرات المحتجزين من الأمراء ورجال الأعمال للخروج بتسويات مالية معهم، مشيرة إلى فشلها في تعقب أموالهم في الخارج.

ويأتي الإفراج عن الوليد بن طلال وآخرين، بعد معلومات نشرتها الصحيفة نقلاً عن مسؤولين سعوديين عن أن المملكة انتزعت، حتى الآن، نحو مائة مليار دولار من أكثر من 350 شخصاً بين أمير ورجل أعمال، وهو المبلغ الذي كان يريد جمعه محمد بن سلمان من المعتقلين، ويبدو أنه تحقق.

ونقلت الصحيفة عن مكتب النائب العام السعودي القول، إن 95 محتجزاً رفضوا عرض ما تصفه السلطات السعودية بـ"التسوية المالية" وستتم محاكمتهم، مضيفةً أن "العقبة التي تواجه السعودية هي أن أرصدة غالبية المحتجزين خارج البلاد بعيداً عن متناول السلطات، مما يضع السلطات السعودية أمام عقبات قانونية أهمها حماية السرية.

كذلك، أوضح التقرير، أن السلطات السعودية لم تتمكن من إقناع معظم البنوك الأجنبية بتجميد أو تسليم الأموال الخاصة بالمحتجزين "لأنها لا تستطيع دعم الادعاءات بقرارات قانونية أو قرارات ضد المتهمين". وقالت مصادر للصحيفة، إن المسؤولين السعوديين في الخارج لم يحققوا نجاحاً في تجميد أرصدة الأمراء حتى في الدول المتحالفة سياسياً، بما فيها دولة الإمارات العربية المتحدة.


(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)