إضراب موظفي البريد: متقاعدو تونس بلا رواتب

28 اغسطس 2019
إغلاق مكاتب البريد يزيد معاناة المتقاعدين المعيشية(العربي الجديد)
+ الخط -
تسبب إضراب لموظفي ديوان البريد في تونس منذ نحو أسبوع في عدم صرف رواتب المتقاعدين، الذين يقترب عددهم من مليون شخص، الأمر الذي يفاقم من وضعهم المعيشي، وسط مخاوف من استمرار الأزمة لعدم التوصل إلى حلول من شأنها إنهاء الإضراب أو صرف مستحقات المتقاعدين.

ويضطر المتقاعدون إلى الذهاب يومياً منذ 21 أغسطس/آب الجاري، إلى مقرات البريد والانتظار في الطوابير، أملا في انفراج الأزمة، قبل أن يعودوا أدراجهم بجيوب فارغة، بسبب تواصل الأزمة بين نقابة موظفي البريد وإدارتهم.

يقول علي السياري من سكان العاصمة تونس لـ"العربي الجديد" إن المتقاعدين يدفعون ثمناً غالياً للصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد واحتقان المناخ الاجتماعي في وقت كان يفترض أن ينعموا بالراحة.

وأضاف السياري (67 عاما): "نذهب يومياً إلى مقرات البريد على أمل الحصول على معاشاتنا غير أننا نصطدم بالأبواب الموصدة"، منتقدا صمت الجهات الرسمية على ما يتعرضون له من انتهاكات لأبسط حقوقهم المادية والاجتماعية.

ويطالب الموظفون في البريد، وزارة الاتصال والاقتصاد الرقمي التي يتبعها ديوان البريد، بتطبيق اتفاق جرى التوصل إليه في فبراير/شباط الماضي ويتضمن تخصيص نسبة 2 في المائة من كتلة الأجور للترقيات، بالإضافة إلى حوافز مالية أخرى.

ووفق الكاتب العام للجامعة العامة للبريد الحبيب الميزوري، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "وات"، فإن الجامعة على استعداد للتفاوض فوراً مع وزارة الاتصال والاقتصاد الرقمي، "إلا أن الوزارة هي من ترفض الحوار".

ويتجاوز عدد المتقاعدين في تونس بحسب بيانات الجامعة العامة للمتقاعدين، 950 ألف شخص. وقال كاتب عام جامعة (نقابة) المتقاعدين عبد القادر النصري لـ"العربي الجديد" إن 40 في المائة من المحالين على المعاش يتقاضون رواتب دون الأجر الأدنى المضمون المقدر بـ450 دينارا (157 دولارا) شهرياً، من بينهم 350 ألف متقاعد من القطاع الحكومي و600 ألف من القطاع الخاص.

وإزاء تواصل أزمة صرف المعاشات، دخل متقاعدون في محافظات عدة في تحركات احتجاجية، وعمد متقاعدون من محافظة قفصة (جنوب غرب) إلى غلق الطرق.

في المقابل، قال الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، (صندوق صرف معاشات متقاعدي القطاع الحكومي) إنه ليس مسؤولاً عن عدم صرف المعاشات، موضحا في بيان له يوم الإثنين الماضي، أنه "تم تحويل مبالغ المتقاعدين والأرامل وذوي الحق لشهر أغسطس/آب الجاري في آجالها".

ويمثل المتقاعدون في تونس ومن يتمتعون بالمنح الاجتماعية عملاء رئيسيين للبريد، إذ يهرب أصحاب المعاشات من العمولات المصرفية إلى البريد الذي يقدم خدمات مالية بكلفة أقل بالنسبة إليهم.

وكشفت دراسة حديثة، أجراها مكتب دراسات متخصص لصالح البنك المركزي ووزارة المالية، تحت إدارة بنك الاستثمار الأوروبي، عن ضعف تعاملات التونسيين مع الكيانات المالية الرسمية، من مصارف ومؤسسات القرض والتأمينات والبريد.

وذكرت الدراسة أن 12 في المائة فقط من أصحاب الدخل الشهري، الذي يقل عن 500 دينار (175 دولاراً) لديهم حسابات مصرفية وأن 33 في المائة منهم لديهم حسابات بريدية. وقالت وزارة الاتصال والاقتصاد الرقمي، إن "إضراب موظفي البريد مخالف للتشريع الجاري به العمل في فض النزاعات الشغلية الجماعية (العمل الجماعي)".

وأكد مصدر مسؤول في الوزارة لـ"العربي الجديد" أن الوزارة بصدد بحث حلول لتمكين المواطنين من تحصيل رواتبهم، مشيرا إلى أن الوكالات عادت للعمل بصفة استثنائية في انتظار إيجاد حل للأزمة الحالية نهائياً.

وبالإضافة إلى الصعوبات التي يتعرض لها المتقاعدون في تحصيل مستحقاتهم والتغطية الاجتماعية، فإنهم يعانون من تراجع قدراتهم على الإنفاق بسبب الزيادة في كلفة المعيشة والدواء.

ويتوقع أن يبلغ عدد المتقاعدين في تونس نحو مليون و200 ألف و500 متقاعد في غضون سنة 2024، بحسب دراسة بعنوان "أي مستقبل للمتقاعدين في تونس؟" أنجزها، مؤخرا، عدة خبراء لفائدة المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية.

وكان مدير المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، ناجي جلول، كشف في حديث لوكالة الأنباء التوسنية مؤخرا، عن وجود 3 في المائة من المتقاعدين من كبار إدارات الدولة تحت خط الفقر بسبب ضعف جراياتهم (معاشاتهم) وارتفاع نفقات الصحة.

وأكد أن هناك 117 ألف متقاعد يتقاضون معاشات بقيمة 100 دينار أو أقل في الشهر، محذرا في الوقت نفسه من تدهور الرعاية الصحية الموجهة لفئة المتقاعدين، بسبب تدهور مقدرتهم الشرائية، فضلا عن تدني الخدمات الصحية وتفاقم عجز الصناديق الاجتماعية.

دلالات