دخل إضراب عمال المناجم في الشركة الموريتانية للصناعة والمناجم (اسنيم)، في مدينة ازويرات شهره الثاني، وسط تصعيد في لهجة العمال تجاه إدراة الشركة، بعد رفضها الدخول في حوار معهم.
ويأتي إضراب عمال المناجم، بعد تراجع الشركة عن اتفاق سابق بينها وبين العمال عقد في شهر مايو/أيار 2014، ويقضي ضمن بنوده بزيادة رواتب العمال في مطلع العام الجاري، غير أن الشركة رفضت تنفيذ بند زيادة الرواتب، بدعوى انهيار أسعار الحديد عالمياً.
وإثر تصاعد الإضراب في مدينة ازويرات، انضم عمال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم في مدينة نواذيبو أيضا للإضراب، بعد فشل مفاوضاتهم مع الشركة، ما أصاب الشركة الكبرى في البلاد بشلل شبه تام، حسب مصادر العمال.
شركة "اسنيم" أصدرت بياناً اعترفت فيه بأنها لم تستطع تنفيذ بند زيادة الأجور، بسبب أزمة انهيار أسعار الحديد في السوق الدولية. وذكرت أنها تتبع سياسة تقشف صارمة، غير أن هذه السياسة لن تمس أجور العمال ولا حقوقهم في الرعاية الاجتماعية والصحية، واصفة الإضراب بأنه غير مشروع، وأن تأثيره على مستوى إنتاج الشركة محدود.
العمال المعتصمون في ساحة الاستقلال وسط مدينة زويرات، ينظمون فعاليات ومسيرات يومية، وسط احتضان شعبي من قبل ساكني المدينة التي تعتبر مدينة عمالية بامتياز. فقد تضامن التجار والجزارون والحراس، ومختلف التشكيلات المهنية والنقابية في المدينة، مع عمال المناجم المضربين، وأصبحت ساحة الاستقلال على موعد يومي مع المهرجان العام الذي يعقد مساء كل يوم، حيث يتحدث قادة الإضراب للعمال عن آخر مستجدات الإضراب، ويجددون موقفهم حيال ما يصدر عن إدارة الشركة من مواقف وقرارات.
إدارة شركة "اسنيم" أصدرت قرارات بفصل بعض قادة الإضراب، ومنعت المضربين من الحصول على رواتبهم، وحاولت الاستعاضة عنهم بالاستعانة بالعمال المتقاعدين من الشركة، حيث ينشط مكتب رعاية المتقاعدين، في توفير أعداد كبيرة من أعضائه ليعملوا في الشركة بشكل مؤقت، لسد النقص باليد العاملة من المضربين.
وزير النفط والطاقة والمعادن محمد سالم ولد البشير، قام بزيارة قصيرة إلى مدينتي انواذيبو وازويرات على متن طائرة عسكرية، وعقد اجتماعاً مع عمال انواذيبو، أبلغهم فيه رسالة أوضح فيها إنه يحملها نيابة عن الحكومة، ومفادها بأن يخير العمال بين العودة إلى عملهم مقابل فتح حوار شامل معهم، أو أن يواصلوا الإضراب وتدمير الشركة، وهو ما لن تقبل به الدولة حسب تعبيره.
وتحدث الوزير عن أزمة انهيار أسعار الحديد عالمياً، والتي أدت إلى إغلاق شركات عالمية وتسريح عمالها وفق الوزير، مشيراً إلى إن ذلك ما لن تصل إليه شركة "اسنيم".
عمال المناجم في انوذيبو أبلغوا الوزير رفض المقترح الحكومي، في حين رفض عمال مدينة ازويرات الاجتماع مع الوزير، بعد منع الحرس حضور بعض قادتهم المفصولين.
زيارة وزير المعادن زادت من حنق العمال وغضبهم، وفاقمت من الأزمة بدل حلّها، لتدخل الأزمة بذلك منعطفاً جديداً، في ظل تحذير العمال من مخاطر الأزمة الحالية على واقع ومستقبل شركة "اسنيم".
أحمد ولد آبيلى أحد قادة الإضراب قال لـ "العربي الجديد":اتهم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بتدمير الشركة، عبر تعيينه مجموعة من المفسدين الذين أفسدوا الشركة، ومنعوا عن العمال حقوقهم"، حسب تعبيره.
واعتبر ولد آبيلى أن ما يطلبه العمال أمر بسيط، وهو أن تنفذ الشركة الاتفاق السابق الذي يقضي بزيادة أجور العمال.
وعن مبررات الشركة بتراجع أسعار الحديد قال ولد آبيلى:"إن ذلك مجرد أعذار، لأن أسعار الحديد شهدت ارتفاعاً كبيراً خلال الأعوام الخمسة الماضية، بحيث تجاوز 190 دولاراً للطن الواحد، وجمعت الشركة أرباحاً كبيرة، من دون أن يستفيد العمال من ذلك إلا قليلاً".
وتابع ولد آبيلى "إن نحو 3700 عامل، من أصل أربعة آلاف عامل في مدينة ازويرات، يشاركون في الإضراب منذ أكثر من شهر، وانضم إليهم عمال الشركة في انوذيبو بنسبة قريبة من 100 في المئة".
من جانبه، قال رئيس منسقية عمال زويرات سيدن ولد سيد محمد، لـ"العربي الجديد":" إن الإضراب يعبر عن حالة من الاحتقان والغضب، وإن ما قام به العمال في زويرات طيلة شهر من الاضراب، من سلمية ورقي أمر نادر في بلدان أفريقيا والعالم الثالث"، مشدداً على ضرورة منح العمال حقوقهم ومطالبهم، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.
وأكد ولد سيد محمد حرص العمال على حماية الإضراب من كل مظاهر التسييس، واستعدادهم للحوار في أي لحظة، إذا قبلت الشركة بالجلوس إلى طاولة الحوار.
أما بالنسبة لمحاولات "العربي الجديد" في الحصول على تعليق من شركة "اسنيم"، فلم تنجح.
اقرأ أيضاً:مناجم الموت في المغرب
اقرأ أيضاً:نساء الطوارق