02 ابريل 2017
إضراب الأسرى والتضامن الشعبي في الخليج
هاشم الرفاعي
باحث وكاتب سعودي في علم الاجتماع، مهتم بدراسات علم الاجتماع الثقافية والدينية، ومهتم بدراسة الحركات الاجتماعية في الجزيرة العربية، مبتعث لدراسة علم الاجتماع في الولايات المتحدة.
انتصر إضراب الكرامة الفلسطيني، بعد أكثر من أربعين يوماً من الصمود داخل سجون المحتل الإسرائيلي، معلناً الوصول إلى مرحلة تفاوض، يكون فيها السجين أقوى من السجان. وقد رافقت الإضرابَ من بداياته مساندةٌ ومظاهر دعم فلسطينياً وعربياً. حيث يسجل الفلسطينيون ملحمة في الصمود ومقاومة المحتل بكل الطرق المتوفرة، وذلك بتكاتف 1800 أسير فلسطيني في مقاومة المحتل بالصمود بالماء والملح في وجه الكيان المستعمر.
ازداد وهج هذا الصمود يوما بعد يوم داخل فلسطين وخارجها في العالم العربي. إذ تداعت الشعوب العربية والحركات الاجتماعية المساندة للقضية الفلسطينية إلى التعريف بهذا الإضراب ودعمه، ما يعدّ دليلاً حياً على فاعلية القضية المخذولة سياسياً.
وأكدت شعوب الخليج العربي، في التضامن الواسع مع الأسرى في إضراب الكرامة، مساندتها التاريخية والداعمة للقضية الفلسطينية، حيث أنها بطبيعتها تنحاز للمواقف الشعبية للدول العربية الأخرى، حدث ويحدث هذا كل مرة. النبض العربي واحد من الخليج إلى المحيط، ولا حدود يمكن أن تصمد في وجه صنع التضامن مع القضايا العادلة، وهذا ما يثبته التاريخ وكذلك الواقع.
ربما تكون قضية فلسطين القضية الأبرز في المنطقة والأكثر حضوراً على المستوى الشعبي، ويمكن قراءة هذا من خلال انعكاس الانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة على الشارع الخليجي. ومن هذه المواقف ردود الفعل السريعة حال حدوث مجزرة أو عدوان من المحتل الإسرائيلي. وحدث هذا كثيراً. ونتذكّر ردود الفعل التي رافقت حادثة استشهاد محمد الدرة وفي أجواء الانتفاضتين، الأولى والثانية، والتي فسرت أشكال التعاطف الوجداني والمادي مع القضية الفلسطينية.
ربما أخذت ردات الفعل، في ما مضى، حيزا عاطفياً، ما لا يثمر تغييراً على أرض الواقع.
والحديث هنا عن تغييرات تمسّ واقع الصراع، إذ كان التضامن، وما زال، يأخذ شكل جمع الأموال والمساعدات، وإرسالها إلى الفئات الفلسطينية التي تستحقها، وتنتهي فترة التعاطف وردات الفعل، إلى أن تستجد أحداث أكثر وحشية، فيعيد الخليجيون والعرب التعاطف والحماس نفسه لنصرة القضية الفلسطينية، وهذه ظاهرة طبيعية في سياق التضامن المحدود والخارج عن الإمكانات المتاحة، بفعل السياسات العربية نحو القضية الفلسطينية.
وظهرت في السنوات القليلة الماضية حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، حيث تعرّف الحركة نفسها بأنها "حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد تسعى إلى مقاومة الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات". ونجحت هذه الحركة عالمياً في إلحاق هزائم اقتصادية وأكاديمية وثقافية في عزل النظام الإسرائيلي عالمياً ومحاولة حصاره بهذا النوع الخلاق من المقاطعات، التي تعبر عن حالةٍ من الوعي في التعاطي الشعبي والفردي مع القضية الفلسطينية.
وفي السنوات الخمس الماضية، كان لحركة المقاطعة حضور خليجي بارز في "فضح" الحضور الإسرائيلي في دول مجلس التعاون الخليجي، وأيضا حث الموقف الرسمي على مقاطعة التعاون والتبادل الاقتصادي مع الكيان الصهيوني. انتشرت هذه الحركة بين طلاب الجامعات والمنظمات الشبابية، ما أعاد للقضية الفلسطينية حضورا أكثر، وتفاعلاً داخل
المجتمعات الخليجية، وإن كان هذا الحراك ما زال بين شرائح شبابية، إلا أنه يسير ويتمدّد نحو انتشار أوسع داخل المؤسسات الأكاديمية والثقافية، وكذلك الاقتصادية، حيث أظهرت الفكرة فعاليتها على أرض الواقع، ومن أبرز الفعاليات في هذا كله، "أرض وكرامة".. أسبوع مقاومة الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي في الدوحة، الذي نظمته مجموعة "شباب قطر ضد التطبيع"، وهو برنامج ثقافي استمر عدة أيام، استضاف باحثين ومهتمين بالقضية الفلسطينية.
ربما ليست مواقف الماضي مثل مواقف الحاضر، فقد كانت في الماضي قوافل من المتطوعين تُدعم للذهاب لنصرة الفلسطينيين، ثم تغيرت المعطيات في السنوات الأخيرة، ما جعل التعامل مع القضايا العربية يختلف شعبيا، إلا أن القضية الفلسطينية تبقى حاضرة في الوجدان الخليجي، وعلى أرض الواقع، ولكن بأدوات تتناسب مع الزمن الذي تعيش فيه، مع كامل الإصرار والتحدّي ضد الرضوخ الذي تحاول أن تخطّه أطراف عربية في التطبيع مع الكيان الصهيوني. يبقى هناك إعلان موقف يؤكد رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو موقف قاطع لدى شريحة واسعة من المحيط إلى الخليج في النظر إلى الكيان المستعمر.
إضراب الكرامة الذي خاضه أسرى فلسطينيون في سجون المحتل الإسرائيلي استدعى تضامنا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي، التي تعتبر الفضاء المفتوح والمتاح ساحة للتعبير عن وحدة الرأي ومناصرة القضايا العادلة. يزداد، في الخليج العربي، يوما بعد يوم، الإحساس بالقضية الفلسطينية، ويثمر حركات اجتماعية شبابية أكثر وضوحاً في التعبير والعمل لنصرة القضية الفلسطينية. وقد شاهد جيل هذه الحركات في صغره الانتفاضات الفلسطينية، وصور قتل محمد الدرة، وها هو اليوم يحاول أن يوجد واقعاً متضامناً بالقلم والفكر والضمير، وبكل ما هو متاح مع القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا العربية، ولسان حال هؤلاء الشباب قول الشاعر العربي بلاد العرب أوطاني وكل العرب إخواني.
ازداد وهج هذا الصمود يوما بعد يوم داخل فلسطين وخارجها في العالم العربي. إذ تداعت الشعوب العربية والحركات الاجتماعية المساندة للقضية الفلسطينية إلى التعريف بهذا الإضراب ودعمه، ما يعدّ دليلاً حياً على فاعلية القضية المخذولة سياسياً.
وأكدت شعوب الخليج العربي، في التضامن الواسع مع الأسرى في إضراب الكرامة، مساندتها التاريخية والداعمة للقضية الفلسطينية، حيث أنها بطبيعتها تنحاز للمواقف الشعبية للدول العربية الأخرى، حدث ويحدث هذا كل مرة. النبض العربي واحد من الخليج إلى المحيط، ولا حدود يمكن أن تصمد في وجه صنع التضامن مع القضايا العادلة، وهذا ما يثبته التاريخ وكذلك الواقع.
ربما تكون قضية فلسطين القضية الأبرز في المنطقة والأكثر حضوراً على المستوى الشعبي، ويمكن قراءة هذا من خلال انعكاس الانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة على الشارع الخليجي. ومن هذه المواقف ردود الفعل السريعة حال حدوث مجزرة أو عدوان من المحتل الإسرائيلي. وحدث هذا كثيراً. ونتذكّر ردود الفعل التي رافقت حادثة استشهاد محمد الدرة وفي أجواء الانتفاضتين، الأولى والثانية، والتي فسرت أشكال التعاطف الوجداني والمادي مع القضية الفلسطينية.
ربما أخذت ردات الفعل، في ما مضى، حيزا عاطفياً، ما لا يثمر تغييراً على أرض الواقع.
وظهرت في السنوات القليلة الماضية حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، حيث تعرّف الحركة نفسها بأنها "حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد تسعى إلى مقاومة الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات". ونجحت هذه الحركة عالمياً في إلحاق هزائم اقتصادية وأكاديمية وثقافية في عزل النظام الإسرائيلي عالمياً ومحاولة حصاره بهذا النوع الخلاق من المقاطعات، التي تعبر عن حالةٍ من الوعي في التعاطي الشعبي والفردي مع القضية الفلسطينية.
وفي السنوات الخمس الماضية، كان لحركة المقاطعة حضور خليجي بارز في "فضح" الحضور الإسرائيلي في دول مجلس التعاون الخليجي، وأيضا حث الموقف الرسمي على مقاطعة التعاون والتبادل الاقتصادي مع الكيان الصهيوني. انتشرت هذه الحركة بين طلاب الجامعات والمنظمات الشبابية، ما أعاد للقضية الفلسطينية حضورا أكثر، وتفاعلاً داخل
ربما ليست مواقف الماضي مثل مواقف الحاضر، فقد كانت في الماضي قوافل من المتطوعين تُدعم للذهاب لنصرة الفلسطينيين، ثم تغيرت المعطيات في السنوات الأخيرة، ما جعل التعامل مع القضايا العربية يختلف شعبيا، إلا أن القضية الفلسطينية تبقى حاضرة في الوجدان الخليجي، وعلى أرض الواقع، ولكن بأدوات تتناسب مع الزمن الذي تعيش فيه، مع كامل الإصرار والتحدّي ضد الرضوخ الذي تحاول أن تخطّه أطراف عربية في التطبيع مع الكيان الصهيوني. يبقى هناك إعلان موقف يؤكد رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو موقف قاطع لدى شريحة واسعة من المحيط إلى الخليج في النظر إلى الكيان المستعمر.
إضراب الكرامة الذي خاضه أسرى فلسطينيون في سجون المحتل الإسرائيلي استدعى تضامنا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي، التي تعتبر الفضاء المفتوح والمتاح ساحة للتعبير عن وحدة الرأي ومناصرة القضايا العادلة. يزداد، في الخليج العربي، يوما بعد يوم، الإحساس بالقضية الفلسطينية، ويثمر حركات اجتماعية شبابية أكثر وضوحاً في التعبير والعمل لنصرة القضية الفلسطينية. وقد شاهد جيل هذه الحركات في صغره الانتفاضات الفلسطينية، وصور قتل محمد الدرة، وها هو اليوم يحاول أن يوجد واقعاً متضامناً بالقلم والفكر والضمير، وبكل ما هو متاح مع القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا العربية، ولسان حال هؤلاء الشباب قول الشاعر العربي بلاد العرب أوطاني وكل العرب إخواني.
هاشم الرفاعي
باحث وكاتب سعودي في علم الاجتماع، مهتم بدراسات علم الاجتماع الثقافية والدينية، ومهتم بدراسة الحركات الاجتماعية في الجزيرة العربية، مبتعث لدراسة علم الاجتماع في الولايات المتحدة.
هاشم الرفاعي
مقالات أخرى
22 فبراير 2017
07 فبراير 2017
18 يناير 2017