احتفلت مؤسسة "الأقصى للوقف والتراث"، اليوم، في مدينة الناصرة، بموسوعة "المقدسات الفلسطينية" المكونة من أربعة مجلدت، والتي تشمل مسحاً شاملاً ودليلاً عاماً للمقدسات العربية الإسلامية والمسيحية.
وتقدم هذه الموسوعة العلمية وصفاً مفصلاً وموثقاً للمعالم العربية، الإسلامية والمسيحية، الموجودة في مدن فلسطين التاريخية، حيفا وعكا وصفد وطبريا وبيسان وجنين والناصرة وأقضيتها.
واعتمدت الدراسة على تحضير الخرائط من زمن الاحتلال البريطاني، لتحديد مواقع تقريبية للمعالم الدينية.
وأيضاً على السجلات الوقفية ووثائق المجلس الإسلامي الأعلى ووثائق المحاكم الشرعية. بالإضافة إلى زيارات ميدانية وتوثيق والاستعانة بكبار السن الذين عاشوا النكبة والتهجير. ومن ثم حوسبة الخرائط والمخططات الهندسية كافة.
وبدأ العمل على هذه الموسوعة منذ تأسيس مؤسسة الأقصى قبل 14 عاماً وكلف المؤسسة أكثر من مليون دولار وهي المرحلة الأولى من المشروع، بحيث يستمر العمل على المرحلة الثانية من توثيق المقدسات، وستكون من منطقة الوسط حتى الجنوب في بلدة إم راشراش_ إيلات.
وتم إحصاء 161 مسجداً، 33 منها ما زالت قائمة، 11 منها في مدينتي حيفا وعكا، و22 مسجداً آخر مغلقاً، وأخرى استعملت لأهداف أخرى، 5 منها متاحف، و2 حولا إلى كنيسين يهوديين و5 أخرى إلى مطاعم، وعشرة مساجد هدمت جزئيّاً و118 مسجداً هدمت كليّاً لم يبق لها أثر.
وفي المقابل تم إحصاء 41 كنيسة 35 منها ما زالت قائمة وكنيسة واحدة هدمت جزئيّاً ولا تصلح للاستعمال، وخمس كنائس هدمت كليّاً.
وأيضا تم مسح 383 مقبرة إسلامية، منها 221 مقبرة طمست تماماً ولم يبق لها أثر، وتم إحصاء 13 مقبرة مسيحية، 9 منها قائمة وواحدة طمست نهائيّاً.
وتقوم مؤسسة الأقصى برعاية وصيانة الأماكن المقدسات، وبصيانة المقابر في القرى المهجرة بشكل دوري طيلة أيام السنة وترميم الشواهد وتنظيف المقابر وصيانتها بالرغم من عرقلة عملها في كثير من الأحيان من السلطات الإسرائيلية.
إنجاز كبير
وقال الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية الشمالية: "هذه الموسوعة إنجاز كبير ومشروع عملاق تم لأول مرة بهذه الدقة والتفصيل، ونطمع من وراء هذا المسح إلى حفظ مقدساتنا من الاندثار. تقوم المؤسسات الإسرائيلية عن سبق إصرار بتدمير وجرف آلاف المساجد والمقابر المسيحية والإسلامية.
وتابع، نطمح أن نحول هذه الموسوعة في المستقبل إلى خريطة تفصيلية هندسية، ونطالب لجنة التنظيم والبناء القطرية الإسرائيلية بالاعتراف بها، وسنعمل بكل ثمن بأن يتم الاعتراف بها، ولن نيأس.
وقال، إن هذه الموسوعة تمثل بالنسبة لي الآن مفتاح العودة، عودة شعبنا الفلسطيني واللاجئين إلى أرضهم وبيوتهم من صفد إلى أم رشراش. لا يقبل النسيان ولا التحويل ولا التحريف. قانون حماية المقدسات لا يحمي هذه الأوقاف لأنها تعتبر أراضي مصادرة".
وقال المؤرخ الدكتور، جوني منصور، والذي شارك في الدراسة: هذه عملية توثيق لما هو قائم، لإعطاء صورة عن الواقع القاتم والمهمل والمتروك في القرى والمدن العربية المهجرة والقائمة في الداخل الفلسطيني. ولتعريف الفلسطيني والعربي بهذه المقدسات الإسلامية والمسيحية. الشيء الجديد هو المخططات العمرانية التي أضيفت إلى هذه الموسوعة حول الكنائس والمقابر والمقامات المقدسة.
والهدف وضع أدلة وبراهين وإثباتات على أهمية الحفاظ على هذه المقدسات، كجزء من موروث تاريخي وحضاري وفلسطيني.
وتابع "الحديث عن مقدسات كنائس ومقابر ومقامات مهجرة في قرية البصة وإقرث وكفر برعم والبروة والمجيدل المهجرات ومدينة صفد وطبريا وقرية سسيرين في بيسان. وباشرنا العمل أيضا على القسم الجنوبي ويشمل قضاء طول كرم ويافا وقضاء غزة وبئر السبع".
وتحدث البروفيسور أحمد ناطور رئيس محكمة الإستئناف الشرعية سابقا: "لا بد من علاقة فارقة فيما نحن فيه من هذا الواقع المر، هذه المقدسات اندثرت من الساحل إلى الجبل في فلسطين وهي أمانة في أعناقنا. مسألة المقدسات إحدى العلامات بين المؤسسة والمسلمين العرب.
وأضاف "إن إسرائيل غصبت الأوقاف الإسلامية، والغصب يؤخذ عنوة من غير حق وبالقوة. المحكمة الشرعية أرست فتوى للمقابر تبقي حرمتها قائمة إلى أن تقوم الساعة وهي ليس ملكا لأحد. واجب وفرض على كل واحد منا أن يدافع عن المقدسات. أين مصلحة المسلمين من بيع الأوقاف، هذا إستخفاف وإستهبال. فهذه محاولة لمحو الإنتماء والوجود.
أقترح تدويل قضية المقدسات والأوقاف، وتعريف المؤسسات الدولية عليها، إنها معضلة الزمان. ولا بد من إعادة هذه المقدسات إلى أصحابها".