في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السوسيولوجية واللغوية والتاريخية والثقافية والرواية والشعر والمسرح.
■ ■ ■
عن "شامة"، صدر مؤخراً كتاب "الدولة والوباء.. دراسة سوسيولوجية حول تأثير الأيديولوجيا على تفاعل البشر مع الأوبئة" للباحث التونسي محمد لسود (1963). بحسب تقديم الناشر، فإن العمل قد أُنجز خلال فترة الحجر الصحّي التي فرضها انتشار كورونا، حيث يستند إلى التفاعلات الاجتماعية مع هذا الواقع كمادة مبرزاً أثر المرجعيات السياسية للمواقف. كما يعود إلى تاريخ الأوبئة وطرق تناولها من زوايا الفقه والعلم والعلاقات الدولية. العمل هو رابع إصدار لمؤلفه بعد: "الانتحار"، و"الدين والتغير الثقافي"، و"نصوص عن البرلمانية والاستيزارية".
"الهزيمة الكبرى 1870 - 1871" عنوان كتاب الباحث الفرنسي آلان غوتمان الصادر مؤخراً عن منشورات "تومبوس". يدرس العمل بشكل تفصيلي الحرب التي قامت بين ألمانيا البيسماركية وفرنسا النابولونيونية والتي أفضت إلى هزيمة الأخيرة وإنهاء الإمبراطورية مقابل توحيد ألمانيا. يرى المؤلف أن النتيجة العسكرية لهذه الحرب هي العنصر الأقل أهمية حيث يشير إلى تحوّل في موازين القوى بين البلدين لصالح ألمانيا (عسكري واقتصادي وعلمي وديمغرافي)، كما يعتبر أن هذه الحرب قد ظهرت تبعاتها في القرن اللاحق مع الحربين العالميّتين.
في طبعة مشتركة بين "الروافد الثقافية" و"ابن النديم"، صدر مؤخراً كتاب "الإنسان كائنٌ تلقائي" لـ إبراهيم البليهي في جزأين. الإشكالية التي يتصدّى لها الكتاب هي نفيُ الناس لمبدأ التلقائية وهو ما يعيده المؤلف إلى آثار التطبّع فالإنسان محكوم بالنسق الثقافي الذي تكيَّف معه واعتاد عليه، واعتقاده أنه اختار بعقلٍ واعٍ، وإرادةٍ خالصة، أنماط ذهنه ومنظومة تصوراته ضمن أشكال أخرى من التوهّم تلازمه طول عمره. يرى البليهي أن "البشر لا ينتبهون لفاعلية أيٍّ من هذه الأطواق المهيمنة عليهم؛ إلا إذا ارتطموا بما يكسر بداهة الغفلة".
صدر حديثاً عن "دار ومكتبة عدنان" بالتعاون مع "جمعية المترجمين العراقيين" كتاب "مسرح الدمى الياباني" الذي يضمّ مجموعة مقالات ترجمها الأكاديمي قاسم محمد حسن الأسدي. يضيء الكتاب نشوء مسرح العرائس الذي يسمّى "بونراكو" في اليابان وكان بمثابة فرجة لأغراض التسلية فقط، قبل أن يتطوّر ليصبح فنّاً مسرحياً في أواخر القرن السابع عشر، ويصل إلى ذروته في القرن اللاحق على يد الكاتب شيكاماتسو موانزيمون الذي كتب أيضاً مسرح الكابوكي، مستعرضاً عناصره الرئيسة وهي: الراوي ومحرّكي الدمى وعازف آلة العود وموضوعاته مثل الحب والتضحية.
"البشرية: تاريخ متفائل" عنوان النسخة الإنكليزية التي صدرت حديثاً عن منشورات "ليتل، براون آند كومباني" من كتاب الباحث الهولندي روتغر بريغمان بترجمة إليزابيث مانتون وإريكا مور. يعارض المؤلّف التصوّر المتوارث في الثقافة الغربية بأن الشر متأصل في الإنسان، فهو بطبعه أناني ويغلّب مصلحته الذاتية، كما يتناوله فرويد وهوبز وميكافيلي بأساليب مختلفة، مقدّماً الحجج والبراهين على أن الميل إلى الثقة ببعضنا بعضاً هي أساس تطوري راسخ تعود بدايته الإنسان العاقل منذ نحو مئتي ألف سنة وتثبته العديد من الوقائع والأمثلة التاريخية.
بترجمة رنجدر جبار، صدرت النسخة الكردية من رواية "أبناء وأحذية" للكاتب والباحث العراقي المقيم في مدريد محسن الرملي عن "دار رهند" في مدينة السليمانية العراقية. كانت الرواية قد صدرت بالعربية في عام 2018 وهي تعالج تغريبة العراقيين ضمن تقلبات تاريخ بلادهم المعاصر وإشكاليات البلاد التي يستقرون فيها. من إصدارات الرملي الأخرى: "هدية القرن القادم" (1995)، و"البحث عن قلبٍ حيّ" (1997)، و"أوراق بعيدة عن دجلة" (1998)، و"الفَتيت المُبَعثَر" (2000)، و"برتقالات بغداد وحب صيني" (2011)، و"حدائق الرئيس" (2012).
صدرت مؤخراً عن دار "بوف" طبعة جديدة من كتاب "بُنية اللغات" لعالم اللسانيات الفرنسي من أصول تونسية كلود حجاج (قرطاج، 1936). منذ صدوره في 1982 أصبح هذا الكتاب مرجعاً في الدراسات العابرة للغات حيث تميّز بتحليله لظواهر تخترق جميع اللغات، ولا يقتصر حجّاج على أمثلة من اللغات الأوروبية كمعظم الباحثين في الغرب بل يدرس لغات من أفريقيا وآسيا إضافة إلى لغات مندثرة. يقوم السؤال الرئيسي للكتاب على اكتشاف العناصر التي تحضر في كل اللغات ومن دونها يصبح التواصل غير ممكن. يدرس حجّاج ذلك من زوايا عدة؛ صوتية ونحوية ومعجمية.
صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب "مسامرات بجوار الموقد" للفيلسوف الصيني وان يونغ بينغ، بترجمة وانغ يويونغ (فيصل) عن "مؤسسة الفكر العربي". يتضمّن الكتاب سيرة أحد الفلاسفة الذين عاشوا المرحلة الأخيرة من عصر أسرة تشينغ الملكية الصينية خلال القرن التاسع عشر، التي شهدت أزمات كبرى أوصلتها إلى عصر الضعف والانحطاط، حيث تتركّز كتاباته حول تدهور الأخلاق الذي نجم عند تردي الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، وانتقاد الفساد والظلم ودعوته للإصلاح السياسي، وتضمّنت أيضاً تنظيرات في التنشة اعتمدت على تطوير أفكار كونفوشيوس.
"درويش" هو عنوان الرواية الأولى للكاتب المسرحي والمترجم العراقي ماجد الخطيب، التي صدرت عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر". تتحرّك أحداث الرواية، مع بطلها "درويش" بين أهوار البصرة وقرى الأهواز في زمن الحكم العثماني والاحتلال الإنكليزي للعراق. يستفيد الكاتب من خلفيته المسرحية بإدماج ثلاثة مشاهد مسرحية قصيرة إذ يسرد مغامرات "درويش" مدخلاً أدوات المسرح إلى السرد الروائي. صدر للخطيب عدة أعمال مسرحية موضوعة ومترجمة، ومن كتبه الأخرى "هاينريش هاينه: روح الشعر الألماني" (2012)، الذي صدر أيضاً عن نفس الدار.