إسرائيل وحزب الله: "الميزان الهش" بعد "هامش النفي"

27 فبراير 2014
مقاتلون من حزب الله في عرض عسكري
+ الخط -
 
اعترف حزب الله بقصف سلاح الجو الإسرائيلي، قافلة أسلحة تابعة له، "كانت في طريقها بين سوريا ولبنان" بحسب الصحافة العبرية. وعلى الفور، تأهب جيش الاحتلال في الشمال، على الحدود الفلسطينية ــ اللبنانية، خوفاً من تنفيذ تهديد حزب الله بالرد، وفق ما جاء في بيانه، أمس الأربعاء. أطلقت الصحف الإسرائيلية على ما كان يحصل على مدار اليومين الماضيين، قبل اعتراف الحزب، وصف "هامش النفي" المتبادل بين حزب الله وإسرائيل. وقد مكّن ذلك تل أبيب من مواصلة شن هجمات على سوريا ولبنان، في مقابل عدم اضطرار الحزب إلى التهديد بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية. وأدى تهديد حزب الله، أمس الأربعاء، بالرد على الهجوم، إلى إعادة رفع حالة التأهب في الجيش الإسرائيلي، وتوزيع قواته مجدداً على الحدود الشمالية، مع الحديث عن ترقب شديد، واتخاذ خطوات ميدانية لتفادي وقوع خسائر في الطرف الإسرائيلي.

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية والصحف العبرية الصادرة اليوم، الخميس، أن الجيش أوعز للمزارعين الإسرائيليين في مستوطنات الجليل والجولان القريبة، من الحدود مع كل من سوريا ولبنان، بعدم الاقتراب من السياج الحدودي، خوفاً من انتشار قناصة في الطرف اللبناني من الحدود.

إلى ذلك، قالت الصحف الإسرائيلية إن المناطق الشمالية شهدت تحركات عسكرية ونقلاً للقوات الإسرائيلية ونشر قوات من الجيش في المستوطنات في الشمال. وفي السياق، أشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى أنباء عن فتح الملاجئ الآمنة في البلدات الإسرائيلية الحدودية، تحسُّباً لوقوع هجمات صاروخية، لكنها عادت ونقلت نفي الجيش لذلك النبأ.

وفي السياق، وعلى الرغم من إعلان "نهاية هامش النفي"، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن إسرائيل تخشى من قيام عناصر تابعة لـ"الجهاد العالمي" بمحاولة استغلال التوتر الأمني في المنطقة لإطلاق صواريخ باتجاه مستوطنات الشمال، على غرار ما حدث قبل شهرين. ووفقاً لـ"يديعوت"، فإن أحد السيناريوهات المتوقعة إسرائيلياً، يفيد باحتمال قيام منظمات صغيرة بفتح النار، بعد حصولها على تصريح بهذا الخصوص من حزب الله، مما يبقي الحزب خارج الصورة. أما السيناريو الآخر، فهو احتمال قيام الحزب نفسه برد عسكري يطاول ضباطاً رفيعي المستوى.

ميدانيا، أوعز رئيس بلدة شلومي الحدودية، إلى سكان البلدة، بالعمل وفق تعليمات وتوجيهات الجيش، وإعداد الغرف الآمنة والملاجئ لتكون جاهزة. كما أعلن عن وضع طواقم طوارئ لفتح 160 ملجأ عاماً في البلدة المذكورة خلال عشر دقائق من وقوع أي طارئ، ونشر بطاريات إنارة لحالات الطوارئ في المباني السكنية التي تم قطع التيار الكهربائي عنها، لعجز سكانها عن دفع فواتير الكهرباء.

ويرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، تسيفي برئيل، أن اعتراف حزب الله أمس بوقوع الهجوم الإسرائيلي، يشكل ليس ضربة لقواعد "هامش النفي" غير الرسمية فحسب، إنما أيضا تحولاً تكتيكياً قد يتطور إلى تحول استراتيجي جديد.

وبحسب برئيل، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن يسارع حزب الله أو سوريا إلى الاعتراف بوقوع الهجمات الإسرائيلية كلما تحصل، بل يعني أن الحساب بين الطرفين سيكون من الآن فصاعداً علنياً، و"على رؤوس الأشهاد"، مما يوفر للحزب اللبناني، شرعية مضاعفة. ففي حال قرر الحزب مهاجمة الدولة العبرية، لن يوجًه له بعد الآن اتهام بالمبادرة لمعركة جديدة، وسيتمكن من تبرير هجماته بأنها "تصفية حسابات"، كما سيمكنه ذلك من ضمان تأييد حكومي رسمي لمواصلة حمل السلاح، وخصوصاً في ظل تزايد الانتقادات الموجهة له على دوره في سوريا.

في المقابل، فإن كسر "هامش النفي" يعني أنه لن يعود بمقدور حكومة إسرائيل بعد الآن، الاختباء وراء مظلة النفي، وتنفيذ هجمات من دون إعلان مسؤوليتها عنها، وبالتالي من دون التخوف من رد فعل عليها.

ويقرّ برئيل بأنّ قدرات حزب الله العسكرية على الرد لم تتأثر، فترسانته من الصواريخ التي يمكنه إطلاقها باتجاه إسرائيل لا تزال على حالها، إلا أن "الاعتبارات السياسية الداخلية اللبنانية، والاعتبارات الإستراتيجية المرتبطة بالوضع في سوريا، هي التي تحدد خطوات الحزب وردوده". وبحسب المحلل نفسه، قد يكون الحزب "خائفاً من توسيع نطاق النشاط الإسرائيلي بشكل يساعد الثوار في سوريا، أكثر من خوفه من توجيه ضربات لقواعده في لبنان".

وبحسب برئيل، فإن هناك وجهاً آخر للدور الإسرائيلي، وهو الشق المتعلق بتقارير لمنظمات حقوقية للمعارضة السورية، تقول بأن إسرائيل قصفت منصات صواريخ أطلق منها حزب الله صواريخ باتجاه منطقة قلمون، وهو ما نفاه حزب الله، فيما يتهم قسم آخر من المعارضة السورية إسرائيل بالسعي للإبقاء على نظام الرئيس بشار الأسد.

وأشار برئيل إلى أن "عدم اليقين من حقيقة الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه الثورة السورية، يساهم في المرحلة الراهنة في كبح المنظمات الجهادية المحسوبة على القاعدة، ويمنعها من فتح جبهة جديدة مع إسرائيل، خوفاً من أن يوفر ذلك لإسرائيل شرعية للعمل داخل سوريا، بشكل لا يقتصر على ضرب شحنات الأسلحة الموجهة لحزب الله أو قواعده". ويسمّي برئيل هذا الوضع بـ"الميزان الهش" الذي "يمكن أن يتكسر وينهار في كل لحظة".

المساهمون