21 نوفمبر 2017
إسرائيل والمغرب
في التاسع من شهر مارس/ آذار هذا العام شهدت منطقة أكادير بجنوب المغرب حدثاً قد يبدو بسيطاً مقارنة مع ما تعيشه مناطق أخرى في البلاد من تظاهرات اجتماعية واقتصادية، هذا ما جعل من الرأي العام المغربي لا يولي اهتماماً كبيراً به..
الحديث هنا عن رفع العلم الإسرائيلي وعزف النشيد الصهيوني داخل قاعة لرياضة الجودو إثر فوز إسرائيليتين بالميدالية البرونزية ضمن منافسات الدوري الدولي للجودو، لكن قبل الشروع في الحديث عن خطورة هذه الخطوة التي تدق مسماراً آخر في نعش ارتباط المغرب (حكومة) مع القضية الفلسطينية..
لابد من إشارة كرونولوجية لارتباط الفئات السياسية والمثقفة بالقضية الفلسطينية؛ ففي سنة 1967 وعلى إثر الهزيمة العربية ضد إسرائيل، تحول النقاش عند هذه الفئات المتمثلة بشكل كبير من الطلاب الجامعيين، من واقع الجامعة المغربية والنضال من أجل رفع الحظر العملي على النقابة الطلابية (الاتحاد الوطني لطلبة المغرب)، إلى القضية الفلسطينية وقضايا التحرير التي فجرت النقاش داخل النقابات والحركات اليسارية داخل المنظومة الأممية جمعاء؛ وهذا النقاش تمخض عنه في المؤتمر الحادي عشر لأوطم في سنة 1969 قرارات تتماشى مع ما تعرفه الساحة العربية من قضايا وأحداث..
كان أبرز هذه القرارات هو اعتبار القضية الفلسطينية قضية وطنية، وعلى إثر هذا القرار، تم إنجاز مقرر خاص بالقضية الفلسطينية، بقي مرجعاً أساسياً في فهم الموقف الطلابي من هذه القضية، متجاوزين بذلك الطرحين القومي والديني، هذا الموقف هو الذي حافظت عليه هذه النقابة لحدود المرحلة رغم ما تعيشه من تضييق ونخر من الداخل.
وعلى الجهة الأخرى توالت المفاجآات، فالحكومة المغربية تحاول التطبيع مع هذا الكيان على غرار بعض شقيقاتها العربية، وذلك بداعي التسامح ولسان حالهم يقول كفانا صراعات دونكيشوطية، أو هذه أحداث رياضية لا دخل لها في السياسة، وهنا أستحضر أيضاً أزمة الميكروفونات التي طفت على السطح مؤخراً مع الحصار على قطر، وهو دليل بسيط لإثبات تناقضاتهم..
وبالعودة إلى أكادير؛ فاللافتة الكبيرة التي تثير انتباه كل من يدخل للقاعة مكتوب عليها "أكادير أرض التسامح"، أكان قصدهم التسامح أم التماسيح، الذين يطبعون مع الكيان الإرهابي مستفزين كل أم فقدت ولدها برصاصة بين عينيه، وكل ابن فقد والده بصاروخ سقط فوق رأسه بدون سابق إنذار، إذا كنا نتسامح مع هؤلاء، فلا عجب من أن السيد عبدالإله بنكيران كان صادقاً عندما قال عن لصوص الوطن عندما كان رئيساً للحكومة "عفا الله عما سلف"، فعلاً إنها بلاد التسامح.