إسرائيل: نتائج عكسية للمنطقة العازلة في سيناء

07 ديسمبر 2014
لن تسمح اسرائيل بوجود الجيش المصري قرب مدنها(فرانس برس)
+ الخط -

تحذّر مراكز إسرائيليّة استراتيجيّة من أنّ قيام الجيش المصري بتدشين المنطقة العازلة على الحدود بين سيناء وقطاع غزة، سيفضي إلى نتائج عكسيّة. وفي سياق متصل، يعتبر "مركز أبحاث الأمن القومي"، أهم مراكز التفكير الإسرائيليّة ارتباطاً بمؤسّسة الحكم في تل أبيب، أنّ قيام الجيش المصري بتدمير منازل الآلاف من المواطنين المصريين، لن يُسهم في استعادة الهدوء واستتباب الأمن في سيناء.

وينوّه المركز، في ورقة صادرة عنه ونشرها قبل أيّام، إلى أنّ ما أقدمت عليه السلطات المصريّة، يلعب في الواقع، لصالح التنظيمات "الإرهابية" العاملة في سيناء، لأّنه سيوفر لها بيئة داعمة، من خلال ردة الفعل الغاضبة التي سيردّ بها الجمهور السيناوي على سياسات الجيش المصري.

ويعتبر المركز أنّ التحديات الأمنيّة التي سيواجهها الجيش المصري ستتعاظم، لأنّه قلّص هامش المناورة المتاح أمام مجموعات كبيرة من السكان الذين يحافظون على القانون، ويدفعهم إلى تأييد التنظيمات "الإرهابية". ويشير إلى أنّ "إهمال الإدارات المصريّة المتعاقبة حلّ مشاكل أهالي سيناء، سيفاقم الأزمة ويزيد من اندفاع السكان للانخراط في الأنشطة "الإرهابيّة".

وكان يتوجّب على القيادة المصريّة أن تعيد تقييم سياساتها في سيناء، وفق المركز، الذي يقول إنّه تبيّن بشكل واضح أنّ الجيش المصري استثمر جهوداً هائلة ونفّذ عمليات كبيرة ضدّ هذه التنظيمات، لكنّه فشل فشلاً ذريعاً في وقف عمليات استهداف قواته. ويرى أنّه "كان ينبغي على القيادة المصريّة أن تنتهج سياسة أخرى تأخذ بعين الاعتبار حاجات الجماهير السيناوية لتقنعها بجدوى محاربة التنظيمات "الإرهابيّة"، مشيراً إلى أن "الكثيرين في مصر باتوا يطرحون تساؤلات حول عائدات عمليات الجيش في سيناء، وما إذا كانت تفضي إلى نتائج سلبية".
ولن يُفلح الزجّ بحركة حماس، في تحسين الأوضاع الأمنيّة بسيناء، إذ ينقل المركز في ورقته عن مصادر عليا في الجيش الإسرائيلي قولها، إنّه لا يوجد ما يدلّل على علاقة حركة حماس بالعمليات التي تنفذها مجموعات "أنصار بيت المقدس". ويدعو إلى وجوب بلورة خطة لإعادة إعمار مناطق سيناء لتقليص اندفاع الأهالي للانضواء تحت ولاء الجماعات الجهادية أو تقديم المساعدة لها.

وفي سياق آخر، يقول رئيس قسم الدراسات الشرقيّة في جامعة تلّ أبيب، إنّ "الشكوك في قدرة نظام عبد الفتّاح السيسي على البقاء، يجب أن تفرض على إسرائيل رفض اقتراحه القاضي بإرسال قوات أمن مصريّة إلى مناطق الدولة الفلسطينية العتيدة". ويعتبر، في مقال نشره موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوم الاثنين الماضي، أنّه على الرغم من أنّ هدف السيسي من الاقتراح هو "محاصرة التنظيمات الإسلامية العاملة في مناطق الدولة الفلسطينية والتي يمكن أن تعمل فيها مستقبلاً، فإنه لا يمكن لإسرائيل السماح للجيش المصري بأن يكون موجوداً على مسافة قصيرة من المدن الإسرائيلية". ويرى فريدمان أنّه "لا يوجد ما يضمن استمرار بقاء نظام السيسي وعدم عودة حكم الإسلاميين إلى مصر، الأمر الذي يجعل الموافقة على تمركز قوات مصريّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزة مخاطرة كبيرة".

وتمرّ منطقة الشرق الأوسط حالياً، وفق فريدمان، في أوج تحولّات دراماتيكية هائلة، الأمر الذي يدفع إلى عدم الثقة في إمكانيّة استمرار بقاء نظام السيسي. ويوضح فريدمان أنّ "رفض الاقتراح المصري لا يعني بحال من الأحوال، تجاهل التحوّلات الكبيرة التي طرأت على العلاقات مع مصر في عهد السيسي"، مشيراً إلى أنّ "مساحة التقاء المصالح بين نظام السيسي وإسرائيل، أكبر مما كانت عليه مع نظام حسني مبارك، على اعتبار أنّ الأخير "قدّس الجمود"، في حين أن السيسي في حركة دؤوبة ضدّ التنظيمات "الإرهابية".

وفي سياق متّصل، ترى صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في مقال نشرته على موقعها باللغة العبرية، أنّ تبرئة مبارك تعني أن مصر "عادت بقوة إلى عهد العسكر وأنها تقطع علاقاتها مع الحركة الإسلامية"، معتبرة أنّ "هذا الواقع يوفّر بيئة مناسبة لتطوير العلاقات بين تل أبيب والقاهرة". وتذكّر بأنّ مبارك يمثّل لإسرائيل، الشخص الذي حافظ وضمن احترام اتفاقيات "كامب ديفيد"، التي تُعد ركيزة أساسيّة للأمن "القومي الإسرائيلي". وتشير الصحيفة إلى أن تبرئة مبارك ومحاكمة قادة ورموز الإخوان المسلمين وإصدار أحكام قاسية بحقهم، يدلّل على الوجهة التي ارتضاها السيسي.
وتستنتج الصحيفة أنّ "حكم "الإخوان المسلمين" القصير أظهر أهمية نظام مبارك، مشيرة إلى أنّ "الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي، لم يكن يستطع لفظ كلمة "إسرائيل" بلسانه، زاعمة أنّ مرسي خطّط على المدى البعيد لتحويل مصر إلى دولة تمنح الغطاء والدعم والحماية لحركة حماس في نضالها ضد "إسرائيل".

ويحرص السيسي، بحسب الصحيفة، و"بكل ما أوتي من قوة، على التأكيد لإسرائيل أنه يسير على نهج مبارك في كلّ ما يتعلق بالعلاقة معها، وفي حربه ضد الإسلاميين"، مشيرة إلى أنّه "لا يفرّق بين المعتدلين والمتطرفين من الإسلاميين، فهو لا يفرق بين "الإخوان المسلمين" و"حماس" من جهة وتنظيم "القاعدة من جهة أخرى، ذلك أنّ مصير هؤلاء جميعاً إما "الموت أو السجن". على حدّ تعبيرها.

المساهمون