إسرائيل: خشية من امتداد انتفاضة القدس إلى الضفّة الغربيّة

24 أكتوبر 2014
الحكومة الإسرائيلية فرضت تعتيماً على انتفاضة القدس (عصام الريماوي/الأناضول)
+ الخط -

لم تهدأ القدس المحتلة وضواحيها، التي تسمّيها إسرائيل بأحياء القدس العربية، مثل وادي الجوز، سلوان، العيساوية، بيت حنينا، شعفاط، والرام، منذ قتل الطفل محمد أبو خضير، في الثاني من يوليو/ تموز الماضي. وفرضت إسرائيل تعتيماً إعلامياً، وانصاعت له وسائل الإعلام الإسرائيلية، مع إطلاق العدوان على غزة، في محاولةٍ واضحة لتفادي امتداد نيران القدس، إلى أنحاء الضفة الغربية.

لكن حادث الدهس الذي وقع، يوم الأربعاء الماضي، وأسفر عن مصرع طفلة يهودية، وما سبق ذلك من حالات متواصلة، منذ استشهاد أبو خضير، لرشق خط الترام في القدس المحتلة، خصوصاً في حي شعفاط وبيت حنينا، فجّر القضية من جديد، وإن كانت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، قد تحدّثت عن انتفاضة متواصلة في القدس، أطلقت عليها اسم "انتفاضة الأطفال"، لكون المشاركين فيها  لم يتجاوزوا 18 عاماً، في ظلّ استمرار المواجهات المتكرّرة في باحات المسجد الأقصى، بين المرابطين الفلسطينيين، وبين المستوطنين، الذين يقودهم عدد من أعضاء الكنيست، في محاولات اقتحام الأقصى، وإقامة شعائر يهودية في باحاته. 

وفي حين تبدو الشرطة الإسرائيليّة في حالة استنفار، مع دعوة المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يوحنان دانينو، إلى تعزيز قوات الأمن والشرطة، وحرس الحدود في القدس، لضمان الأمن العام، لم يتأخر رئيس بلدية القدس، نير بركات، بالاعتراف بأنّ عمليات رشق الحجارة، والمواجهات في القدس المحتلة، بلغت حداً كبيراً وغير محتمل، علماً بأنّه نفى قبل أسبوعين وجود انتفاضة في القدس المحتلة، معتبراً أنّ الحديث عنها يهدّد بضرب المدينة اقتصادياً.

في غضون ذلك، تحذّر أوساط مختلفة في إسرائيل، من امتداد نار انتفاضة القدس الحالية إلى مدن وبلدات الضفّة الغربيّة المحتلة، خصوصاً بعد اندلاع المواجهات يوم الأربعاء الماضي، بين الشبان الفلسطينيين في أحياء مختلفة في القدس. وويذهب وزير الاقتصاد المتطرّف نفتالي بينت، إلى حدّ اعتبار أنّ من يخشى البناء في القدس، يسلِّم عملياً بفقدان السيادة على عليها، متّهماً الحكومة الإسرائيلية بالفشل في حماية وضمان أمن سكّان القدس.

وفي هذا السياق، يلفت المحلّل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أنّ الانتفاضة في القدس، لم تهدأ منذ حادثة حرق وقتل أبو خضير على أيدي المستوطنين، على الرغم من أن الحرب على غزة طغت عليها، وعلى الرغم من عودة الهدوء إلى الضفّة الغربيّة، والبلدات الفلسطينيّة في الداخل بعد انتهاء الحرب. ويشير هرئيل، إلى أنّ الوضع الأمني في الأحياء الاستيطانية اليهودية، شرقي القدس، تدهور كثيراً في الفترة الماضية، وازداد سوءاً مع محاولات فرض ترتيبات جديدة، تسمح لليهود بدخول باحات الأقصى، وتكثيف محاولات الاستيطان في الأحياء الفلسطينية، وآخرها في سلوان.

ويوضح هرئيل، أنّه من المشاريع الطموحة التي يسعى الاحتلال، ورئيس بلدية القدس إلى تطويرها كوجهٍ من "وجوه توحيد المدينة"، وتطوير السياحة فيها، والبنى التحتية المختلة، هو مشروع الترام (القطار الخفيف)، الذي يربط بين الأحياء الشرقية في المدينة (الأحياء الفلسطينية)، وبين الأحياء الغربية. ويشكّل هذا المشروع في واقع الحال، هدفاً للانتفاضة الشعبية التي يخوضها الفلسطينيون في القدس، إذ باتت عمليات رشق حافلات الترام من قبل ملثّمين فلسطينيين أمراً عادياً، وحاولت الشرطة الإسرائيلية، وبلدية القدس التخفيف من أهميتها، وفرضت تعتيماً إعلامياً عليها.

ويقرّ هرئيل بأنّ حالة القدس المحتلّة، وخصوصاً فرض القانون الإسرائيلي عليها، ومنح سكانها بطاقات إقامة زرقاء، تفرض قيوداً على تعامل الشرطة، وقوات الأمن في مواجهة الأحداث، بنحو يحدّ من إمكانية عملها بحريّةٍ، كما هو الحال في مدن الضفة الغربية المحتلة.

وكانت مراسلة الإذاعة الإسرائيليّة للشؤون العسكريّة، نقلت صباح أمس الخميس، أنّ أجهزة الأمن الإسرائيليّة تتابع تفاقم الأوضاع في القدس المحتلّة بقلق، خوفاً من امتداد التصعيد ونيران الانتفاضة إلى مناطق أخرى في الضفّة الغربيّة، وإن كانت التقديرات الإسرائيلية لا ترجح، في ظلّ التنسيق الأمني، اتساع رقعة المواجهات إلى الضفة الغربيّة المحتلّة، لكنّ هذا لا ينفي الحاجة إلى تعزيز وزيادة عدد القوات العاملة، في الأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة.
المساهمون