في ظل تعاظم الدعوات داخل إسرائيل لمواجهة حركة المقاطعة العالمية للحكومة الإسرائيلية وبضائع المستوطنات (المعروفة باسم BDS)، تعرضت المواقع الإلكترونية التابعة للحركة، أخيراً، لهجوم إلكتروني أدى إلى توقفها. وأثار هذا الاعتداء على الحريات العامة على الإنترنت ردود فعل مختلفة، تسمح بالاستنتاج بأن السلطات الإسرائيلية هي من يقف وراء التعدي على مواقع حركة المقاطعة.
ونقلت صحيفة "هآرتس"، قبل أيام عن مؤسسة " Deflect Labs"، التي تتولى مهمة توفير الحماية لهذه المواقع، أن كل الدلائل تشير إلى أن الجهة المسؤولة عن تنفيذ الهجوم تتمتع بـ"قدرات احترافية كبيرة جداً"، وأن الهجوم كان "بحجم وبمستوى دقة نادرة مقارنةً بالهجمات التي تعرضت لها هذه المواقع في السابق". وأضافت مؤسسة "Deflect Labs" أن أهم مواقع حركة المقاطعة الدولية (bdsmovement.net) تعرض لهجمات "حجب خدمة" (DDoS) خلال الشهرين الماضيين. ولفتت المؤسسة إلى أن تأثير هجمات "حجب الخدمة" يستمر عادة لوقت قصير نسبياً، لكن التغييب القسري لمواقع حركة "BDS" دام لمدة طويلة بسبب كثافة الهجمات الإلكترونية المتتالية. وهذا يعني، وفق المؤسسة، أن المهاجمين استخدموا "برمجيات خبيثة" بغرض تنفيذ الهجوم وتعطيل المواقع.
ولم تنحصر هذه الهجمات بمواقع حركة المقاطعة العالمية، بحسب صحيفة "هآرتس"، التي كشفت عن استهداف عدد كبير من مواقع مؤسسات حقوق الإنسان الداعمة باستمرار لقضايا الشعب الفلسطيني.
وأضاف نواجعة أن المهاجمين استخدموا تقنيات متقدمة "بشكل يدل على أن إسرائيل لعبت دوراً أساسياً في الهجمات"، لافتاً إلى أن الهجمات طاولت كل مواقع "BDS" في أوروبا وأميركا الشمالية. واعتبر نواجعة أن "يأس إسرائيل من عزلتها الدولية بسبب أنشطة حركة المقاطعة العالمية وعجزها عن وقف تنامي الدعم الدولي للحركة، التي تطالب باستعادة الفلسطينيين حقوقهم، والتي يكفلها القانون الدولي" هما عاملان دفعا سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى شن هذه الهجمات.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل، المنزعجة من حملات مقاطعتها، دشنت وزارة خاصة لمواجهة "BDS"، وتم تكليف وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، بإدارتها. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن نتنياهو أمر كلاً من وزارتي الخارجية والحرب والأجهزة الاستخبارية بوضع كل إمكاناتها تحت تصرف الوزارة الجديدة.
وفي السياق، هاجمت وسائل إعلام إسرائيلية مرتبطة بحكومة نتنياهو باحثين وأكاديميين إسرائيليين بحجة دعم "BDS" والترويج لأفكارها. وزعمت صحيفة "يسرائيل هيوم"، التي يملكها الملياردير اليهودي شيلدون أدلسون، والمقربة من ديوان نتنياهو، أن 20 باحثاً إسرائيلياً أرسلوا، أخيراً، عريضة لجمعية "الإنثروبولوجيين" الأميركيين العامة، لحثّها على المضي قدماً في اتخاذ قرار نهائي من مقاطعة إسرائيل. وزعمت الصحيفة أن منظمة "من يربح"، اليسارية الإسرائيلية، تقوم بتزويد "BDS" بالمعلومات والمعطيات التي تساعدها على تبرير دعواتها إلى فرض مقاطعة على إسرائيل والشركات المتعاونة معها. وأشارت الصحيفة إلى أن موقع "من يربح" يقدم معلومات حول 500 شركة إسرائيلية وأجنبية تستثمر بشكل مباشر أو غير مباشر في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، لتبرير مقاطعتها.
وحذرت الصحيفة في تقرير نشرته أخيراً، من أن القرار الذي ستتخذه الجمعية، التي تضم 10 آلاف عالِم، سيكون له آثار بالغة على "الأمن القومي" الإسرائيلي، والمؤسسات الاقتصادية والصناعية، إلى جانب المس بمكانة إسرائيل الدولية. في هذا الصدد، اعتبر الباحث الإسرائيلي البارز، أمير حتسروني، أن فرض المقاطعة الدولية على إسرائيل "مبرر"، مشيراً إلى أنه يتوجب مقاطعة إسرائيل ليس فقط بسبب احتلالها للشعب الفلسطيني، بل أيضاً بسبب "جملة القوانين العنصرية" التي تصر على التمسك بها. وفي مقال نشره موقع "وللا" الإخباري، أخيراً، قال حتسروني: "يتوجب علينا ألا نشعر بالمفاجأة بسبب المقاطعة، لأننا نطبق قوانين تجعل دولتنا أبعد ما تكون عن أسرة الدول الديمقراطية". وأكد حتسروني أن دوائر صنع القرار في تل أبيب والجمعيات اليهودية في أرجاء العالم لا تتردد بنعت كل من ينتقد سلوك إسرائيل بـ"اللاسامية". ومن الجدير ذكره أن استطلاعا للرأي العام أجري الشهر الماضي في إسرائيل، دلّ على أن 70% من الإسرائيليين يعتبرون أنشطة "BDS" سلوكا "لاساميا".