كشف المدير العام لمجموعة الهيدرولوجين الفلسطينية، عبدالرحمن التميمي، وهي مؤسسة أهلية مختصة بتطوير مصادر المياه والبيئة، اليوم الخميس، عن سعي إسرائيلي متواصل لإقامة 12 محطة تحلية للمياه موزعة في عدة مناطق بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، من أجل توفير المياه الصالحة للشرب، تمهيدا لبيعها للفلسطينيين.
وقال التميمي، خلال مؤتمر صحافي عقده في مدينة رام الله، حول "أزمة المياه في فلسطين وتداعياتها"، إن "مسؤولين إسرائيليين كانوا قد صرّحوا في هذا الشأن مرارًا بأن الفلسطينيين سيكونون سوقًا لتلك المحطات، والتي تمت خصخصتها حتى تكون العلاقات بهذا المجال تجارية كمحاولة لإخلاء المسؤولية من الحقوق المائية الفلسطينية"، لافتًا إلى أن إسرائيل قد تزيد الأزمة المائية في فلسطين، ليسهل جعل الفلسطينيين سوقًا مائية لها.
وتسعى إسرائيل إلى توفير 300 مليون متر مكعب من المياه الإضافية من مشاريع التحلية بحلول عام 2020، ضمن خطط مستقبلية، حيث تم إنشاء 4 محطات تحلية، و4 أخرى قيد الإنشاء، فيما تم التخطيط لإنشاء 4 إضافية في الفترة المقبلة، وفق ما قاله التميمي لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر.
ويبلغ حجم المياه الفلسطينية على مساحة فلسطين التاريخية 560 مليون متر مكعب، تسيطر إسرائيل على 80% منها، ولا تعطي الفلسطينيين منها سوى 20% فقط، بحاجة إلى تنسيق مع الجانب الإسرائيلي من أجل الحصول عليها، فيما تبيع شركة "ميكروت" الإسرائيلية 52 مليون متر مكعب للفلسطينيين.
أزمة متفاقمة
وحول أزمة المياه التي تواجهها المناطق الفلسطينية، أكد التميمي لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر، أن "المياه المتبقية إذا أحسن توزيعها بشكل عادل، فإنها ستخفف من الأزمة بشكل كبير، خاصة في المدن الكبيرة، لكن سوء توزيع المياه على المناطق والقطاعات المختلفة وعدم وجود أولوية في التوزيع، وخاصة مياه الشرب، فاقم تلك الأزمة".
وبيّن المسؤول الفلسطيني أن فائضًا من المياه يوجد في بعض المناطق الفلسطينية، ولو تم توزيعها بشكل عادل لخفت الأزمة المائية، مبيًنا أن إسرائيل تنقل المياه من طبريا في الشمال إلى النقب في الجنوب، من أجل زراعة النخيل.
وألمح التميمي، خلال المؤتمر، إلى وجود فوضى في التفكير الفلسطيني، والذي يجب أن يرتقي إلى تخطيط لبنى تحتية لدولة فلسطينية وليس بشكل مجتزأ، وأنه يجب الطلب من الدول المانحة خلق بنية مياه تحتية فلسطينية.
كما يشكل ضعف الإدارة في المياه على مستوى البلديات سببًا آخر في تفاقم أزمة المياه، علاوة على تعدد مرجعيات المياه الفلسطينية، إذ إن سلطة المياه الفلسطينية ومجلس تنظيم المياه، هما الجهتان المشرفتان على قطاع المياه في الأراضي الفلسطينية.
وبين التميمي أنه لا بد من دراسة جدية من قبل جهات مستقلة لواقع البلديات، وإمكانية أن تكون صالحة لإدارة قطاع المياه، فيما لفت إلى وجود محاولات لإيجاد مؤسسات تسمى "مصالح مياه"، وتعتبر نصف خصصة لقطاع المياه.
عدادات ضد القانون
ويعتبر استخدام العدادات مسبقة الدفع انتهاكا صريحا للقانون الفلسطيني والميثاق والاتفاقيات التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية، بما يتعلق بالحق المائي للمواطن الفلسطيني، والذي يجبر السلطة على ضرورة توفير المياه بشكل كافٍ ونقي وبأسعار معقولة للمواطن الفلسطيني، وفق ما قال التميمي.
وشدد التميمي على أن محاولة تركيب عدادات مسبقة الدفع من قبل بعض البلديات، هو مؤشر على أن السلطة الفلسطينية غير قادرة على تطبيق القانون، ما أعطى رؤساء البلديات الحرية في تطبيق ما يريدون.
ويجب أن يحدد القضاء فقط انتهاكات المواطن الفلسطيني بخصوص المياه، وليس العداد مسبق الدفع، والذي لا يضمن وصول الخدمة، ولا يضمن منع السرقات، حتى لو تم تحصيل أثمان الكهرباء بشكل جيد، إضافة إلى أنه قد يهدر حق الفقراء المهمشين في الحصول على حقهم في المياه.
وبخصوص قضية ما يعرف بأزمة عدادات المياه مسبقة الدفع في نابلس، شمالي الضفة الغربية، والتي أدت إلى احتجاجات، اضطر عقبها رئيس وأعضاء مجلس بلدي مدينة نابلس، إلى الاستقالة وتشكيل لجنة تسيير أعمال من قبل السلطة الفلسطينية خلال الأيام القليلة الماضية، أكد التميمي أن تلك الاحتجاجات كانت الهيدرولوجين قد حذرت من وقوعها في حال الشروع في تركيب تلك العدادادت.
وشدد على أن ما حدث في مدينة نابلس هو مجرد فقاعة صغيرة من الاحتجاجات، والتي يمكن لها أن تمتد إلى بقية محافظات الضفة الغربية، نتيجة ما سماه "الظلم في توزيع المياه".
وكشف التميمي أن ممولاً أوروبيًا (رفض ذكر اسمه)، يقوم بالاشتراط على البلديات لتوفير التمويل لها، بأن "تقوم تلك البلديات بتركيب عدادات مسبقة الدفع لتحصيل مستحقات المياه"، ما يظهر أنه يجبرها على تركيب تلك العدادات، وهو لا يعرف أن هذه الطريقة هي آلية لعدم تطبيق القانون.