طالب وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينيت، أمس الأحد، بأن يتم التعامل مع قتلة الفتى الفلسطيني، محمود أبو خضير من حي شعفاط في القدس المحتلة، كما يتم التعامل مع "إرهابيي حماس"، مدّعياً أنّه "لا يجوز التفرقة بين دم ودم". حاول بينيت أن يظهر بلباس الحمل الوديع، وأن يتملّص من الجريمة، وأن "يحسن" صورة إسرائيل العنصرية التي تحرّض على قتل الفلسطينيين.
هو بينيت نفسه، الذي استبدّ به الغضب خلال جلسة عقدتها حكومة الاحتلال في مطلع مارس/آذار الماضي، عندما "اعترض" أحد زملائه على أن يقوم جيش الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي على الفتيان الفلسطينيين الذين يلقون الحجارة على الدوريات العسكرية وقوافل المستوطنين. ونقلت عنه "هآرتس" في حينه قوله "ما المشكلة في قتل العرب؟ لقد قتلت في حياتي الكثير من العرب".
هو بينيت نفسه الذي يفتخر بأن الحاخام يعكوف ليئور، الحاخام الأكبر لمستوطنة "كريات أربع"، هو المرجعية الدينية الأبرز لحزب "البيت اليهودي"، الذي يقوده. رغم أنّ ليئور هو صاحب سجل طويل في التحريض على قتل العرب لمجرد كونهم عرباً. وليئور هو الذي اعتبر باروخ جولدشتاين "قديس"، وأفتى بعدم جواز تغسيل جثمانه بحجة أنه "شهيد". جولدشتاين هو منفّذ مجزرة المسجد الإبراهيمي في الخليل في منتصف فبراير/شباط 1994، وهي المجزرة التي قتل فيها 29 فلسطينياً وجرح العشرات وهم ركوع أثناء أداء صلاة الفجر.
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حاول بدوره أن يظهر في صورة الحمل الوديع، في تعليقه على حادثة قتل المستوطنين الثلاثة الذين اختطفوا قبل ثلاثة أسابيع، قائلاً "أعداؤنا يقدّسون الموت، ونحن نقدّس الحياة. أعداؤنا يقدّسون الوحشية. ونحن نقدس الرحمة". غير أنّ نتنياهو نفسه، هو الذي رثى الحاخام مردخاي إلياهو، زعيم التيار الديني الصهيوني عند وفاته، ووصفه بـ"معلم الجيل"، على الرغم من أن أكثر ما عُرف به مردخاي، هو إصداره فتاوى كثيرة تركّز على "تقديس" الدم اليهودي والاستخفاف بدماء الآخرين.
ونقلت صحيفة "معاريف" في حينه عن مردخاي قوله في خطابه أمام طلاب مدرسة "مركاز هراب" في القدس المحتلة "طالب في إحدى المدارس الدينية اليهودية يعادل أكثر من 100 عربي". لا داعي لتأكيد المؤكّد عن تبني حكومة الاحتلال سياسات التحريض على قتل الفلسطينيين، لكن ما يستدعي التوقف عنده هو الصورة "الوردية" التي يحاول قادة الاحتلال أن يظهروا بها، في تعليقهم على جرائم المتطرّفين، بعد تحقيق غاياتهم من السياسات العنصرية والتحريضية.
فقد حولت حكومة الاحتلال مئات الآلاف من الدولارات الى المدرسة الدينية التي يديرها الحاخام، يتسحاك جينزبورغ، في مستوطنة "يتسهار" شمالي نابلس. وبحسب صحيفة "معاريف"، فإنّ جينزبورغ هو الذي تصدّى لمهمة بلورة التسويغ "الفقهي" الذي يبرر جرائم منظمة "شارة ثمن" اليهودية الإرهابية، التي نفّذت خلال العامين الماضيين مئات العمليات الإرهابية ضدّ الفلسطينيين في الضفة الغربية وفلسطين المحتلة.
قبل عامين، كشف بنحاس فالنشتاين، أحد قادة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية لصحيفة "يديعوت أحرنوت"، أنه التقى قائد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، الجنرال بنيامين بن أليعازر، خلال عام 1981 بُعيد التفجيرات التي نفّذها "التنظيم الإرهابي اليهودي"، والتي استهدفت رؤساء البلديات الفلسطينيين في الضفة الغربية. أشار فالنشتاين إلى أن بن إليعازر عبر أمامه عن امتعاضه لأن عمليات التفجير لم تسفر عن قتل رؤساء البلديات. وقد أصبح بن إليعازر فيما بعد وزيراً للحرب وزعيماً لحزب "العمل"، الذي يقدّم نفسه كممثل لـ"معسكر السلام الإسرائيلي". لا خلاف على أنّ الذي دفع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للتحرك للكشف عن هوية قاتلي الفتى أبو خضير هو خشية القيادة السياسية الإسرائيلية أن يؤدي الغضب الفلسطيني العارم عقب هذه الجريمة إلى تفجير انتفاضة ثالثة.