وجاء إقرار المشروع، أمس، على الرغم من جهود أميركية وإسرائيلية لمنع اتخاذه، بما في ذلك ممارسة ضغوط على دول الاتحاد الأوروبي، ودول لاتينية، بالإضافة إلى محاولة الضغط على السلطة الفلسطينية لسحب الاقتراح أو على الأقل تعديله.
وحاولت الولايات المتحدة الضغط على السلطة الفلسطينية، من خلال طلب إلغاء البند 17 من القرار المقترح، والذي ينص على أن مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، يطالب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإنجاز "بنك معلومات عن كافة الشركات التجارية (الإسرائيلية والدولية) التي تنشط في المستوطنات، على أن يتم تحديثه مرة كل عام".
اقرأ أيضاً: جهود إسرائيلية وأميركية لمنع بلورة قائمة سوداء لشركات المستوطنات
وأصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بياناً اعتبر فيه أن "مجلس حقوق الإنسان الدولي تحول إلى ساحة معادية لإسرائيل، يهاجم الدولة الوحيدة الديمقراطية في الشرق الأوسط، فيما يتجاهل الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها كل من إيران وسورية وكوريا الشمالية".
ودعا البيان، الذي عممه الناطق باسم نتنياهو، من وصفها بـ"الحكومات المسؤولة إلى عدم احترام قرارات مجلس حقوق الإنسان"، التي ادعى أنهات تمارس التمييز ضد إسرائيل.
في المقابل، رحب وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، باعتماد مجلس حقوق الإنسان لمشروع القرار، مؤكداً، من خلال بيان صحافي، أن الدبلوماسية الفلسطينية، ومن خلال بعثتها في جنيف، انخرطت في مفاوضات جدية مع جميع الأطراف والدول الأعضاء من أجل اطلاعها على الاستراتيجية الفلسطينية، "حيث تم صياغة وتطوير القرارات الفلسطينية بما ينسجم مع أهداف المرحلة القادمة للاستراتيجية الفلسطينية في مساءلة الاحتلال، ومحاسبة مجرميه على جرائمهم التي يرتكبونها بشكل يومي بحق الفلسطينيين، من خلال تجفيف مستنقع الاحتلال ومنظومته المتمثلة بالاستيطان وإرهاب المستوطنين".
وشكر المالكي الدول الأعضاء على دورها وتصويتها لصالح القرارات، وإجماعها على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما يشكل دعماً لتجسيد مبادئ القانون الدولي، الذي يؤكد على حل الدولتين، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة، وإدانة ورفض ممارسات وإرهاب المستوطنين، وسياسة الاستيطان، وبناء جدار الضم والفصل العنصري، والاعتقال والاعتقال التعسفي، والعقاب الجماعي، والإعدامات الميدانية، وتهويد القدس، والتهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين، وحصار قطاع غزة، وغيرها من انتهاكات الاحتلال المنهجية لحقوق الفلسطينيين.
اقرأ أيضاً: المصادقة على إقامة مشروع سياحي استيطاني بالقدس
وطالب وزير الخارجية الفلسطيني الدول التي امتنعت عن التصويت بمراجعة مواقفها، و"أن تنحاز لمبادئها، كي لا تستخدم اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، هذا الامتناع كغطاء جديد لجرائمها ضد شعبنا"، مؤكداً على الحاجة إلى ضمان مساءلة ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين على انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
واعتبر المالكي اعتماد قرار المستوطنات غير الشرعية في الأرض الفلسطينية المحتلة "تأكيداً على ضرورة وقف دعمها ومقاطعتها، وصولاً إلى تفكيكها وإزالتها فوراً، بصفتها سياسات خطيرة وتهدد السلام وحل الدولتين على حدود العام 1967"، مشدداً على ضرورة حظر بضائع المستوطنات، وأن التعامل التجاري والمساعدة في تقديم الخدمات والأموال لمنظومة الاستيطان تخالف قواعد القانون الدولي، الذي التزمت به جميع دول العالم.
وثمن المتحدث، كذلك، اعتماد المادة التي تطلب من المفوض السامي، بالتعاون مع مجموعة العمل الخاصة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، بإعداد قائمة شاملة بكافة الشركات التجارية العاملة مع أو في المستوطنات، بشكل مباشر أو غير مباشر، داعياً دول المجتمع الدولي لاتخاذ تدابير فورية ومواقف واضحة وصارمة تجاه انتهاكات وممارسات الاحتلال في أرض دولة فلسطين المحتلة، بما فيها من خلال تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومؤسساتها، وتوفير حماية للشعب الفلسطيني، والطلب إلى مجلس الأمن تحمل مسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، باعتماد قرار حول المستوطنات الإسرائيلية، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال، وتجسيد دولة فلسطين كاملة السيادة بعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها بناء على القرار 194.
يذكر أن 32 دولة صوتت لصالح مشروع القرار، فيما امتنعت 15 دولة أخرى عن التصويت، رغم المحاولات الأميركية والإسرائيلية، وحتى البريطانية، لمنع تمريره أو تغييره.
ودعا القرار دول العالم إلى الامتناع عن تقديم أي نوع من المساعدات للمستوطنات، وتحذير الشركات ورجال الأعمال من الانخراط في مبادرات اقتصادية وصفقات تجارية مع المستوطنات الإسرائيلية.
ويطاول القرار المقترح مختلف النشاطات التجارية والاقتصادية، ولا يقتصر على البناء في المستوطنات، بحيث يشمل منع التزويد بمواد البناء ومعداته، ومنع التزويد بمعدات المراقبة على الجدار الفاصل، وكذا العتاد لهدم البيوت، وخدمات أو معدات الحراسة، أو الخدمات المالية والمصرفية لمساعدة المستوطنات، بما في ذلك قروض الإسكان.
وكانت صحيفة "هآرتس" قد ذكرت أن الولايات المتحدة وإسرائيل تبذلان محاولات وجهوداً حثيثة لمنع وضع قائمة سوداء بأسماء الشركات الغربية الناشطة في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، علماً أن مشروع القرار نص، كذلك، على إدانة المستوطنات، وحدد أنها غير قانونية، بحسب القانون الدولي.
اقرأ أيضاً: عباس يطالب الدول العظمى بالتحكيم في القضية الفلسطينية