إسرائيل تخنق غزة: نيران وتدمير

25 يوليو 2014
تدمير البنى التحتية في قطاع غزة ( وكالة باسيفيك/getty)
+ الخط -

دفع قطاع غزة خلال السنوات الماضية ثمناً مرتفعاً نتيجة الحروب التي شنها الكيان الاسرائيلي، فكانت العمليات العسكرية تستهدف البنى التحتية للقطاع، تضرب عمق الاقتصاد، وتمزق أوتار الحياة، الأمر الذي حول غزة الى منطقة منكوبة في كل المجالات.

عمليات الرصاص المصبوب، عامود السحاب والجرف الصامد، وغيرها من العمليات العسكرية التي ضربت أعماق قطاع غزة، ساهمت في تدمير الاقتصاد بشكل رئيسي، حتى اليوم لا توجد أرقام واضحة عن حجم الخسائر الاقتصادية، إلا أنها فاقت المليارات، خسائر في القطاع الزراعي، الصناعي، التجاري، وحتى التربوي.

تدمير ممنهج
عمدت السلطة الاسرائيلية الى اتباع منهج تدميري لشكل الحياة في غزة، فقد فرضت حصار على القطاع، وجعلت الاوضاع المعيشية رهينة المعابر، ما ادى الى ارتفاع البطالة بين الشباب التي وصلت الى ما يقارب 40 في المئة بحسب المركز الوطني للاحصاء.

وترافق مع السياسية التدميرية هذه، عمليات عسكرية تشن بين الحين والآخر، فتجعل سبل الحياة في القطاع شبه مستحيلة، وفي هذا الاطار، أوضح الخبير في الشؤون الاقتصادية الفلسطينية حسين أبو نمل أن خسائر غزة لا تتعلق بحجم ونوع العمليات العسكرية، بقدر ما تتركه هذه العمليات من اثار سلبية وتدميرية للاقتصاد بعد الانتهاء من العمليات العسكرية.

وقال ابو نمل لـ"العربي الجديد": "ان سلطات الاحتلال، ومن خلال الحصار المفروض على قطاع غزة، ساهمت في تدمير الاقتصاد كلياً، حيث دمرت جميع مقومات الحياة، نتيجة اقفال المعابر، مشيراً الى أن غزة تعيش تهميشاً وفقراً منذ سنوات، والحروب المتتالية على القطاع ساهمت في زيادة الخسائر في الاقتصاد الغزاوي، والذي لا يمكن وصفه الا بالاقتصاد ذي البنية الضعيفة".

وتابع الخبير: "تسعى اسرائيل من خلال حصار غزة الى تضييق الخناق على المواطنين ودفعهم الى التهجير، وترك الارض"، مشيراً الى أن "نسب الفقر تعدّت الى 40 في المائة، بالاضافة الى انتشار البطالة التي وصلت الى اكثر من 44 في المئة".

اقتصاد محدود

من جهة اخرى، تطرق أبو نمل إلى بنية الاقتصاد الهشة، وقال: "جغرافية قطاع غزة، بالاضافة الى محدودية الموارد، جعلته من أفقر المناطق في فلسطين، فقبل عام 1948، كانت منطقة غزة الافقر بين جميع المناطق، بسبب الطبيعة الجغرافية، وسيطرة المناخ الصحراوي على قسم من أراضيها فغابت جميع أوجه النشاطات الاقتصادية، ومع الاحتلال الاسرائيلي، بات الوضع أكثر مأساوية"، لافتاً الى أن "العمليات العسكرية التي  يشنها الاحتلال، تستهدف البنى التحتية، مما يؤدي الى تدمير أوجه الحياة في القطاع".

وأضاف: "يعيش أهل غزة في ظل الحصار المفروض عليهم على انماط معينة تساعدهم على الاستمرار في الحياة، كالاعتماد على الورش الصغيرة، والاعمال الحرفية، الاعتماد على تحويلات ابنائهم المهاجرين، بالاضافة الى وجود قسم منهم يعمل في الوظائف العامة".

وعن أبرز القطاعات الاقتصادية التي تعاني من كساد، قال الخبير أبو نمل: "تعاني جميع القطاعات الاقتصادية الكساد، خصوصاً انه لا يمكن الحديث عن قطاعات انتاجية بالمعنى الحقيقي للكلمة في غزة، فهناك ورش بسيطة يعتاش من خلالها الشعب".

حروب متتالية

شنت اسرائيل خلال السنوات العشر الماضية هجمات عدوانية ضد قطاع غزة، وتمكنت قوات الاحتلال من إلحاق الخسائر في كل القطاعات الاقتصادية، ووصلت قيمة الخسائر في السنوات الماضية الى مئات ملايين الدولارات، ففي عامي2007 و 2012، شنت اسرائيل حروباً على قطاع غزة، وبلغت حينها التقديرات  للخسائر الفلسطينية في القطاع بعد انتهاء العدوان  بحوالي 1.9 مليار دولار، حسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.

ومُني قطاع الزراعة والأراضي الزراعية بخسائر فادحة، حيث دمر ما يقارب 80 في المئة من الأراضي الزراعية والمحاصيل، بحسب إحصاءات وزارة الزراعة.

لقد شمل العدوان القطاعات الاقتصادية كلها، وتقييماً للخسائر الناجمة عن العدوان، قام جهاز الاحصاء الفلسطيني بحصر الخسائر في ثلاثة قطاعات رئيسية، هي: البنية التحتية والمباني، والأنشطة الاقتصادية، والخسائر البشرية.

وبلغت نتائج تعداد المباني والمنشآت الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء خلال الربع الرابع من العام 2007، الى وجود 147437 مبنى، وبينت التقديرات أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى الإضرار بحوالي 14 في المائة من هذه المباني.

كذلك أدى العدوان إلى توقف شامل في الحركة الاقتصادية في قطاع غزة، حيث قدرت خسائر الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة بحوالي 86.7 مليون دولار، وافاد الجهاز بأنه لكي يتم استرداد النشاط الاقتصادي الفلسطيني في قطاع غزة عافيته، نحتاج إلى عام كامل، وإلى 717.3 مليون دولار أميركي. وفي المجمل، يكون الاقتصاد الفلسطيني قد خسر حوالي 804 ملايين دولار، جرّاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتبعاته المستقبلية.

خسائر مرتفعة

وفي  27 ديسمبر/ كانون الاول  2008 شن جيش الاحتلال عملية عسكرية على قطاع غزة، سميت بعملية الرصاص المصبوب. امتدت العملية الى 18 يناير/ كانون الثاني 2009، واسفرت الحرب عن تكبد الاقتصاد خسائر وصلت الى ما يقارب 5 ملايين دولار، وتعرضت البنى التحتية، والمؤسسات العامة والخاصة الى تدمير ممنهج بحسب وزارة الاقتصاد الفلسطنية، وفي العام 2012، شنت اسرائيل حرباً اخرى، اطلق عليها اسم عامود السحاب،  ساهمت في تعميق الأزمة الاقتصادية والمالية للقطاع، وتعرض القطاع خلال العدوان إلى تدمير البنية التحتية لقطاع الخدمات العامة وتدمير مباني المؤسسات العامة والخاصة، وقدرت الخسائر المادية في القطاعات الاقتصادية والخدمية بقيمة 300 مليون دولار خلال تلك الفترة بحسب وزارة الاقتصاد الفلسطينية.

وقد ساهم العدوان بتوقف شامل في الحركة الاقتصادية في قطاع غزة، وقدرت وزارة الاقتصاد الخسائر اليومية المباشرة الناتجة من توقف عموم الأنشطة الاقتصادية بـ5 ملايين دولار، بناءً على قيمة الإنتاج اليومي لكل الأنشطة الاقتصادية المختلفة، أي بإجمالي 40 مليون دولار خلال فترة العدوان.

وأعلنت وزارة الزراعة في غزة عن خسائر مباشرة وغير مباشرة بلغت في القطاع الزراعي 120 مليون دولار نتيجة استهداف الاحتلال المباشر للأراضي الزراعية بهدف التأثير على السلة الغذائية والأمن الغذائي لسكان القطاع.

اما بالنسبة الى قطاع التعليم، فقد قدرت الخسائر المباشرة بحسب وزارة التربية والتعليم بغزة 4 ملايين دولار في تقديرات أولية نتيجة تعرض ما يزيد عن 50 مدرسة للأضرار ما بين الجسيمة والمتوسطة.

الجرف الصامد

وفي الثامن من تموز/ يوليو 2014، أعلنت القوات الإسرائيلية بدء عملية "الجرف الصامد" ضد قطاع غزة، وقدرت وزارة الاقتصاد حجم الخسائر المباشرة وغير المباشرة، الناجمة عن العدوان الإسرائيلي بنحو 3 مليارات دولارفي الايام الاولى من العدوان، مشيرة إلى قيام الاحتلال بتدمير المساكن والمزارع والمنشآت الاقتصادية والصحية والاجتماعية في القطاع.

كذلك دمرت خلال العدوان جميع المنشآت الصناعية التي تعرضت للقصف الإسرائيلي في المنطقة الصناعية في القطاع.

وأعلن وزير الأشغال الفلسطيني مفيد الحساينة في تصريح صحافي أن "القصف المتواصل على القِطاع أدى إلى تدمير 1100 وحدة سكنية كلياً، وتدمير 18.000 وحدة سكنية جزئياً، بينها 995 وحدة غير صالحة للسكن".

المساهمون