إدوارد سعيد... كونشيرتو عربي

04 يناير 2015
المفكر العربي إدوارد سعيد(Getty)
+ الخط -
بالرغم من مرور إحدى عشرة سنة على رحيل المفكر العربي إدوارد سعيد، إلا أن إرثه كمثقف عربي استطاع أن يدشن حوارا عقلانيا مع الآخر لم يخبُ وهجه، وظلت على الدوام، أبحاثه، مرجعا لعدد من الأكاديميين المعنيين، بعلاقة الشرق بالغرب. 
وكتابه "الاستشراق" يشكل ردا مفحما على النزعات الاستشراقية التي حاولت أن تنمط الحضارة العربية وعطائها الإبداعي والثقافي والفني والعلمي ضمن الكليشيهات الجاهزة. 
لقد جادل إدوارد سعيد من خلال إطروحات فرانز فانون لمصلحة الوعي الاجتماعي كمدخل لإنهاء الإقصاء والانقسام. وبالرغم مما شكلته أفكار سعيد من إشكاليات خلافية بين قارئيه إلا أنه وفي "خارج المكان" أثار قضية فلسطين بما لم يرض الدوائر الصهيونية. 
فكتابه "الاستشراق" الذي تلقفه الغرب من إدوارد سعيد بترجمته إلى لغات حيوية عديدة، ومنها الألمانية، فضح ذلك الشرق الذي رسمه وليام موير وردد عباراته اللورد كرومر. وفي مقابل ذلك فتح إدوارد سعيد للمثقفين العرب، وغيرهم من المهتمين في الغرب تفكيك الخطاب الاستعماري. رغم أن بعض النخب العربية حملته مسؤولية الارتداد عن النموذج الغربي للحداثة. 
فسعيد تجاوز، بما قدمه، الصورة الضيقة تاركا إرثا فكريا وحضاريا وثقافيا يهم الإنسانية. ولم يغفل الراحل سعيد نضاله الأساسي في سبيل الحرية كمثقف عضوي ملتزم. 
ويمثل كتابه "المثقف والسلطة" إضاءة قوية على المثقف، أيا كان، وكيف يمكنه أن يتحول إلى سلطة موجهة، بدل أن يسقط في براثن السلطة السياسية التي تسلبه إرادته باعتباره مثقفا مستقلا، خارج كل توجيه مؤسساتي. 
وهذا ما يمنح أعماله، في مجملها طابع "الكونشيرتو" القادر على التأليف بين المختلف.
المساهمون