19 يوليو 2019
إدمان السندات الدولارية
أحمد البهائي (مصر)
خرج علينا وزيرالمالية المصرية، محمد معيط، متفاخرا، حين قال "نجحت وزارة المالية في إصدار سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار، على ثلاث شرائح (5 -10- 30 سنة) بأسعار عائد جيدة، وأن هناك إقبال هائل على المشاركة في اكتتاب السندات الدولارية المصرية الجديدة"، مضيفا وهو منتشي: "لقد تمت تغطيتها بأكثر من خمس مرات، حيث تلقينا طلبات من قبل المستثمرين أثناء عملية الطرح بلغت نحو 21.5 مليار دولار، ما أدى إلى إقفال باب تلقي طلبات الاكتتاب مبكراً جداً"، لنتساءل: ماذا كنت تتوقع، وهي السندات الأعلى عائد بين السندات العالمية الأخرى المطروحة، لتبين حقيقة موقع مصر في جدول التصنيف الائتماني العالمي؟ فهل لا تعلم سيادة الوزير أن الديون الخارجية أصبحت 102مليار دولار حسب بياناتكم؟ ومن سيتحمل تلك الديون وأعباءها؟ وهل أصبح الاقتراض من الخارج وسيلة من أجل سداد الديون الخارجية القديمة، لتصبح مصر غارقة في بحر القروض التضخمية؟ وهل يصح مع اتباع سياسة تخفيض قيمة العملة الجنيه إصدار سندات دولارية بهذه الشراهة (إدمان السندات)، خاصة أنّ سداد أصل تلك القروض وفوائدها تتم بالعملة الأجنبية؟ إذإ ما الهدف من ذلك؟ ولمصلحة من؟
تخطت الديون الخارجية لمصر حتى الآن حاجز 100 مليار دولار (قروض وسندات)، رغم التحذيرات المتصاعدة من تداعيات ذلك على الاقتصاد، والتي تنبئ بكارثة لا مفر منها، غير أنّ السلطة النقدية والمالية ترى أنّ الديون ما تزال في مستويات آمنة، مع العلم أن الديون الخارجية تجاوزت بكثير توقعات صندوق النقد الدولي، الذي رجح أن تصل إلى 98 مليار دولار، في نهاية العام المالي 2019 /2020، وهو آخر عام مالي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق بشأنه مع مصر نهاية 2016، والذي بمقتضاه تم الموافقة على قرض بقيمة 12 مليار دولار، حصلت الحكومة على 10 مليار دولار منه حتى الآن.
من يتمعن في أسعار الفائدة الثلاث (6.2% و7.6% و8.7%) المقدرة على أجل وقيمة الشرائح الثلاث (5 سنوات بقيمة 750 مليون دولار، وأجل 10 سنوات بقيمة 1.750مليار دولار، وأجل 30 عاما بقيمة 1.500 مليار دولار) للطرح الجديد، حسب موديز CAA1يعلم أن التصنيف الائتماني هو في حقيقته أقل بأكثر من ست درجات عن درجة الإستثمار، رغم ما قيل عن تحسنه حسب وكالات التصنيف الائتمانية الدولية، ما يعني وجود مخاطرة عالية. وهذا كان له بالطبع تداعيات سالبة عند إصدار السندات الدولية الجديدة، وعند مقارنتها مع آخر إصدار كان لها في فبراير 2018، حيث تجد أنها تتفق معها في الآجال وقيمة الشريحة فقط، بينما اختلفت في أسعار العوائد عليها، هذا ما تجده بالفعل، حيث ارتفعت عن أسعار عوائد الإصدار الأخير التي كانت على التوالي 5.58% و6.59% و7.9%، رغم أنّ التصنيف الإئتماني لمصر كان وقت الطرح الأخير مستقرا، وهذا يعني أن الارتفاع ليس حقيقيا، وأن تصنيف مصر الإئتماني المعلن عنه ليس حقيقيا.
إذا، عند تلك العوائد، توصف الالتزامات بأنها ضعيفة وتخمينية بصورة كبيرة وتحمل مخاطر إئتمانية مرتفعة جدا، والدول التي تحمل هذه السقوف تكون متأخرة مالية وغير قادرة على السداد، فزيادة معدل مبادلة المخاطر ينتج عنها ارتفاع سعر الفائدة، وهو ما جعل المستثمرين يطلبون عوائد بالغة الارتفاع، وبالتالي معدلات الخسارة عند كل درجة تتجاوز 25%. ولمعرفة ذلك، حسب المؤشرات العالمية، نجد أن فائدة السندات السيادية بالأسواق الناشئة 4.9 %، بينما تجدها على السندات المصرية من قيمة أول شريحة 6.2%، أي بزيادة قدرها 1.3% عن أسعار السندات بالأسواق الناشئة، تلك الزيادة التي لو قسمت على كل درجة من درجات فائدة سندات الأسواق الناشئة (4.9%) تجد نصيبها 26.5 %، وهذا ما تحملته أسعار السندات المصرية لتصبح 6.2% (4.9% +1.3%) على الشريحة الأولى، ولتضاف تلك الزيادة مرة أخرى (1.3%) على أسعار الشريحة الأولى لتصبح أسعار الشريحة الثانية 7.6%، وهكذا بالنسبة للشريحة الثالثة لتصبح 8.7%.، فالشرائح الثلاثة للسندات الجديدة بعوائدها تمثل كارثة كبرى، وخاصة الشريحة ذات الثلاثين عاما تمثل وحدها أكبر الكوارث التي يقدر العائد عليها 3.915مليار دولار، أي أن الفائدة ستبلغ على التوالي 31%و76% و261% (حاصل ضرب أجل كل الشريحة في سعر العائد عليها) من قيمة السندات لكل شريحة، أي ستصل مجموع الفوائدة وحدها إلى 5.477 مليار دولار. ولكي تعرف حجم الكارثة الحقيقية، علينا أن نعلم، أن هذا الطرح الجديد يمثل واحدة من ست أطروحات تمت حتى الآن، فالفكر الاقتصادي المتبع، يشير أن هذا الطرح لن يكون الأخير، حسب التصريحات الأخيرة لوزير المالية، لنتساءل من جديد: من سيتحمل تبعات وأعباء تلك الكارثة الكبرى؟
تخطت الديون الخارجية لمصر حتى الآن حاجز 100 مليار دولار (قروض وسندات)، رغم التحذيرات المتصاعدة من تداعيات ذلك على الاقتصاد، والتي تنبئ بكارثة لا مفر منها، غير أنّ السلطة النقدية والمالية ترى أنّ الديون ما تزال في مستويات آمنة، مع العلم أن الديون الخارجية تجاوزت بكثير توقعات صندوق النقد الدولي، الذي رجح أن تصل إلى 98 مليار دولار، في نهاية العام المالي 2019 /2020، وهو آخر عام مالي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق بشأنه مع مصر نهاية 2016، والذي بمقتضاه تم الموافقة على قرض بقيمة 12 مليار دولار، حصلت الحكومة على 10 مليار دولار منه حتى الآن.
من يتمعن في أسعار الفائدة الثلاث (6.2% و7.6% و8.7%) المقدرة على أجل وقيمة الشرائح الثلاث (5 سنوات بقيمة 750 مليون دولار، وأجل 10 سنوات بقيمة 1.750مليار دولار، وأجل 30 عاما بقيمة 1.500 مليار دولار) للطرح الجديد، حسب موديز CAA1يعلم أن التصنيف الائتماني هو في حقيقته أقل بأكثر من ست درجات عن درجة الإستثمار، رغم ما قيل عن تحسنه حسب وكالات التصنيف الائتمانية الدولية، ما يعني وجود مخاطرة عالية. وهذا كان له بالطبع تداعيات سالبة عند إصدار السندات الدولية الجديدة، وعند مقارنتها مع آخر إصدار كان لها في فبراير 2018، حيث تجد أنها تتفق معها في الآجال وقيمة الشريحة فقط، بينما اختلفت في أسعار العوائد عليها، هذا ما تجده بالفعل، حيث ارتفعت عن أسعار عوائد الإصدار الأخير التي كانت على التوالي 5.58% و6.59% و7.9%، رغم أنّ التصنيف الإئتماني لمصر كان وقت الطرح الأخير مستقرا، وهذا يعني أن الارتفاع ليس حقيقيا، وأن تصنيف مصر الإئتماني المعلن عنه ليس حقيقيا.
إذا، عند تلك العوائد، توصف الالتزامات بأنها ضعيفة وتخمينية بصورة كبيرة وتحمل مخاطر إئتمانية مرتفعة جدا، والدول التي تحمل هذه السقوف تكون متأخرة مالية وغير قادرة على السداد، فزيادة معدل مبادلة المخاطر ينتج عنها ارتفاع سعر الفائدة، وهو ما جعل المستثمرين يطلبون عوائد بالغة الارتفاع، وبالتالي معدلات الخسارة عند كل درجة تتجاوز 25%. ولمعرفة ذلك، حسب المؤشرات العالمية، نجد أن فائدة السندات السيادية بالأسواق الناشئة 4.9 %، بينما تجدها على السندات المصرية من قيمة أول شريحة 6.2%، أي بزيادة قدرها 1.3% عن أسعار السندات بالأسواق الناشئة، تلك الزيادة التي لو قسمت على كل درجة من درجات فائدة سندات الأسواق الناشئة (4.9%) تجد نصيبها 26.5 %، وهذا ما تحملته أسعار السندات المصرية لتصبح 6.2% (4.9% +1.3%) على الشريحة الأولى، ولتضاف تلك الزيادة مرة أخرى (1.3%) على أسعار الشريحة الأولى لتصبح أسعار الشريحة الثانية 7.6%، وهكذا بالنسبة للشريحة الثالثة لتصبح 8.7%.، فالشرائح الثلاثة للسندات الجديدة بعوائدها تمثل كارثة كبرى، وخاصة الشريحة ذات الثلاثين عاما تمثل وحدها أكبر الكوارث التي يقدر العائد عليها 3.915مليار دولار، أي أن الفائدة ستبلغ على التوالي 31%و76% و261% (حاصل ضرب أجل كل الشريحة في سعر العائد عليها) من قيمة السندات لكل شريحة، أي ستصل مجموع الفوائدة وحدها إلى 5.477 مليار دولار. ولكي تعرف حجم الكارثة الحقيقية، علينا أن نعلم، أن هذا الطرح الجديد يمثل واحدة من ست أطروحات تمت حتى الآن، فالفكر الاقتصادي المتبع، يشير أن هذا الطرح لن يكون الأخير، حسب التصريحات الأخيرة لوزير المالية، لنتساءل من جديد: من سيتحمل تبعات وأعباء تلك الكارثة الكبرى؟
مقالات أخرى
03 مايو 2019
21 ابريل 2019
05 فبراير 2019