التقى السوريون، نظاماً ومعارضة، على إدانة الاتفاق النفطي الذي وقّعه مظلوم عبدي، قائد ما تسمى قوات سورية الديمقراطية "قسد" قبل أيام مع شركة "دلتا كريسنت إنرجي" (Delta Crescent Energy LLC) الأميركية، على تحديث الآبار وتوريد معدات نفطية.
وقال رئيس تجمّع المحامين السوريين الأحرار المعارض، غزوان قرنفل لـ"العربي الجديد": ما هي الصفة القانونية للولايات المتحدة التي تخوّلها إبرام عقود تتصرف خلالها بثروات الشعب السوري، من دون أي موافقة، وهي أصلاً لا تملك أي صفة، ولا حتى دولة احتلال لتتصرف بالأموال لصالح الشعب المحتل.
ويضيف القانوني السوري المعارض: وبالوقت نفسه تعتبر "قسد" كياناً سياسياً عسكرياً كأي مليشيا في سورية، ولا يملك حق التصرف بحقوق السوريين وثروات الشعب، ولو يمتلك قوة السلاح ويفرض سياسة الأمر الواقع، معتبراً "الاتفاق" اعتداءً على حق السوريين وثرواتهم لاستخدامها في إعادة الإعمار والتطوير، وتحسين ظروف معيشتهم.
والاتفاق، برأي قرنفل، مخالف لجميع القوانين الدولية، ويحق لنظام الأسد رفع دعاوى أمام محكمة العدل الدولية وإبطال مفاعيله وآثاره، لأن النظام بصرف النظر عن رأينا به وجرائمه، هو المعبّر عن السيادة والممثل القانوني للدولة، واللجوء إلى المؤسسات الدولية منوط به، ولا يمكن المعارضة رفع أي دعوى أو اتخاذ إجراء قانوني.
وكانت وزارة الخارجية في حكومة نظام الأسد قد أدانت توقيع اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية وشركة النفط الأميركية المتعلق بتحديث حقول النفط في شمال شرقي سورية، مؤكدة أن "الجمهورية العربية السورية تدين بأشد العبارات الاتفاق الموقع بين مليشيا (قسد) وشركة نفط أميركية لسرقة النفط السوري برعاية الإدارة الأميركية ودعمها".
واعتبرت أن الاتفاق المبرم عبارة عن "سرقة موصوفة متكاملة الأركان، وصفقة بين لصوص تسرق ولصوص تشتري"، والاتفاق بحسب بيان الخارجية في حكومة الأسد "اعتداء على السيادة السورية واستمرار للنهج العدائي الأميركي تجاه سورية في سرقة ثروات الشعب وإعاقة جهود إعادة الإعمار"، معتبرة أن الاتفاق "باطل ولاغٍ ولا أثر قانونياً له".
وكان قائد قوات سورية الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، قد وقّع يوم الخميس 30 تموز، اتفاقاً مع شركة نفط أميركية من أجل تحديث آبار النفط التي تسيطر عليها القوات بدعم الولايات المتحدة الأميركية.
وجاءت الاتفاقية خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بحضور وزير الخارجية مايكل بومبيو، الذي قال: "أخذ الاتفاق وقتاً أكثر مما كان متوقعاً، ونحن في إطار تطبيقه الآن".
ويقول مصدر رفيع في ما تُسمى "الإدارة الذاتية" إن نتاج النفط من حقلَي الرميلان وقره تشوك، اللذّين شملهما الاتفاق، كان يبلغ قبل الثورة نحو 160 ألف برميل يومياً، ثم تناقص حتى 20 ألف برميل في عام 2018، واستؤنفت عمليات الحفر الإنتاجي بتشغيل حفارتين عام 2019، وارتفع الإنتاج إلى 40 ألف في 2020، ولكن بسبب الحرب وسيطرة النظام على مصافي النفط في مدينتي بانياس وحمص، يُكرَّر النفط بطريقة بدائية بأسلوب الفصل الحراري، ويُصدَّر الفائض إلى مناطق النظام وإدلب وكردستان العراق من خلال مهربين عراقيين.
وحول الاتفاق، يضيف مصدر خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد: "إنّ الاتفاق الذي تمّ أخيراً أخذ أكبر من حجمه، فهو لا يعدو كونه اتفاقاً على توريد وتشغيل مصافٍ صغيرة تصل طاقتها إلى 10000 برميل تقوم بتصفية جزء من النفط المنتج من آبار سويدية والقحطانية لتغطية الطلب المحلي"، موضحاً أن الاتفاق تمّ بين قيادة قسد والشركة الأميركية المعنية بتسهيل من الحكومة الأميركية والبنتاغون تحديداً، ما يدل على أنه ضمن إطار التعاون والدعم العسكري، وليس له أي طابع سياسي، كاشفاً عن أن "الإدارة الذاتية" كانت خارج كل تفاصيل المفاوضات والنقاش.
وإجابةً عن سؤالنا عن المسؤول، إن كانت "الإدارة الذاتية" خارج المفاوضات، كشف المصدر عن أن ملف النفط "وبالكامل يسيطر عليه علي شير، وهو تركي كردي، مرتبط مباشرة بقنديل".
وكان إنتاج سورية من النفط نحو 380 ألف برميل يومياً قبل الحرب على الثورة عام 2011 وتخريب البنى ومواقع الإنتاج، وتتموضع جلّ الآبار شمال شرق سورية، ضمن المناطق التي تسيطر عليها "المليشيات الكردية" المدعومة أميركياً، ما جعل المنطقة محط أنظار وصراع بين الروس والأميركان.
وسبق لوزارة الدفاع الأميركية أن حذرت روسيا ونظام بشار الأسد نهاية العام الماضي من الاقتراب من آبار النفط الموجودة في منطقة شرق الفرات.
وهدد وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، بالتصدي لأي محاولة لانتزاع السيطرة على حقول النفط من أي طرف كان، معتبراً أن "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ستعتمد على الدخل من النفط من أجل تمويل مقاتليها، وخاصة القوات التي تحرس مقاتلي تنظيم الدولة "داعش".
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر مطلعة من ريف دير الزور لـ"العربي الجديد"، أن صهاريج تتبع لشركة "قاطرجي" وصلت إلى المنطقة أمس الأحد، لتنقل النفط الخام من مناطق سيطرة "قسد" إلى مناطق سيطرة "الأسد".
وكشفت المصادر أن 150 صهريجاً دخلت من معبر الهورة جنوبي مدينة الطبقة، إلى مناطق سيطرة "قسد" لنقل النفط الخام إلى مناطق سيطرة النظام السوري، مبينة أن إمداد "قسد" للأسد بالنفط، لم يتوقف، "رغم ما يقال عن نزاع في الإعلام" وأن شركة حسام قاطرجي التي كانت تنقل النفط الخام من المنطقة منذ سيطرة تنظيم داعش، مستمرة بالعمل وبالطريقة ذاتها، حتى اليوم".