إخوة المغول مذبحة جامعة موي

09 ابريل 2015
لم يحدث أن تعرضت جامعة لهجوم من النوع(فرانس برس)
+ الخط -
لم يحدث أن تعرضت جامعة لهجوم من النوع الذي تعرضت له جامعة موي في مدينة غاريسا في كينيا. الحصيلة التي تحدثت عنها الصحف الكينية ووكالات الأنباء كانت سقوط 148 طالبا قتيلا، إضافة إلى حوالي 80 جريحاً. والفاجعة التي أصابت ذوي الطلاب وكينيا هي غيض من فيض، تتسبب به الهجمات التكفيرية في كينيا وسواها من الدول الأفريقية والعربية والإسلامية.

لم يحدث أن هوجمت جامعة على نحو مكشوف وسافر، وقام المهاجمون بفرز الطلاب بين مسلمين وغير مسلمين، وقتل من ظهر من ملابسه كما ذكر ناجون أنه من غير المسلمين. ما شهدته الجامعات في دوامة هذه العقود اقتصر على الكليات العسكرية، التي نالت نصيبها من الهجمات إلى الحد الذي سقط معه عدة مئات من طلابها الذين سيتحولون إلى ضباط في المؤسسات العسكرية.

يمكن أن يفهم ما حدث على أنه جزء من الهجوم على المؤسسة العسكرية. أما في حالة جامعة موي فليس هناك حد أدنى من الالتباس، إذ إن الجامعة الريفية المذكورة تضم طلابا من أبناء محافظة غاريسا. طلاب يطمح آباؤهم في أن يكون التعليم هو طريقهم للارتقاء الاجتماعي من خلال الحصول على شهادات جامعية. قد يكون آباء هؤلاء مجرد مزارعين وصيادين أو عمال مناجم وصغار موظفين، اكتشفوا أن طريق أبنائهم يجب أن يختلف عن طريقهم في تأمين لقمة العيش، فعملوا على تأمين مقومات دخول أبنائهم للدراسة في كليات الجامعة المذكورة. لكن الإرهاب كان لهؤلاء بالمرصاد، عندما تم جمعهم من غرف نومهم وإطلاق النار عليهم على نحو يذكر بالمذابح المعروفة في تاريخ جرائم الحروب.

حملات الإدانة لهذه الجريمة الشنيعة والتي شملت عشرات الدول والمنظمات الدولية، لم تعن لحركة الشباب الصومالية التي نفذت الهجوم شيئا، والثابت أنها تتوعد بمزيد من الهجمات، علما أنها ومنذ سنوات باتت كينيا واحدة من الأهداف المفضلة للجماعات الإرهابية الصومالية. أما اختراق حرم الجامعة فهو قفزة نوعية تنسف ما جرى التعارف عليه من صيانة الحرية والديمقراطية للطلاب والأساتذة، وتأمين مساحة للحوار والتسامح وتبادل الرأي المنتج.

لكن ما يجب أن نتوقف عنده هو أن هذا الانتهاك لحرمة واحدة من مؤسسات التعليم العالي، يأتي فيما أفريقيا بأمس الحاجة إليها لتخريج كوادر تستطيع رفد القطاعات بكفاءات علمية قادرة على انتشال القارة مما تتخبط به؛ من تخلف وجهل وأمية وأمراض. وكل هذا يتناقض مع ما تريده حركة الشباب الصومالية التي تدرك أن رفع مستوى ثقافة المجتمع وشبابه تحديدا؛ من شأنه أن يقطع أمامها الطريق نحو مزيد من كسب المؤيدين ممن يحملون خطابا له مفاعيله التدميرية على المجتمعات التي يستهدفها أيا كانت.

(أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية)
المساهمون