08 يناير 2019
إخضاع غزّة
جمال حاج علي (فلسطين)
أظهرت غزة، منذ القِدم، قوة صمودها أمام الغزاة على مرّ التاريخ، وتغلبت بثبات سكانها على تشتيت أيّ غزو يستهدفها، لكنّها لم تكن بصمودها وثباتها كما هي عليه الآن، وهذا بسبب قوة الهجمة التي تتعرّض لها من جهات عدّة، لتنال من مواطنيها ومقاومتها على حدٍّ سواء، وليس ذلك إلاّ لوقوفها وحيدة منفردة أمام طوفانٍ انحنى أمامه كثيرون.
من هنا، كان القرار أن تبقى غزة تحت حصار آثمٍ شديد الوطأة، اجتمع عليه العرب والعجم لقتل نموذج لم تعهده الساحة العربية الحديثة التي تعودت الانبطاح منذ عقود، ولم تسجل في تاريخها المعاصر فخراً واحداً تعتز به شعوبها المغلوبة المقهورة. ومن هنا يظهر يوماً إثر يوم، بعض المستور الذي يشير إلى تورطِ بعض قادة الأعراب الذين ينطبق عليهم أنهم "أشدُّ كفراً ونفاقاً"، وذلك بتواطئِهم ومشاركتهم وتحريضهم المباشر، بل وتمويلهم لتفاصيل هذا الحصار الظالم.
تعرضت غزة المحاصرة لثلاث حروب قاسية، نالت من رملها وحجارة أبنيتها، وطال بعض أذاها أجساداً مزقتها قذائف المدافع وصواريخ الطائرات، وكان من المنتظر أن ترفع الراية البيضاء مسلّمة أمرها لمحاصريها الذين كانوا ينتظرون موافقتها واستسلامها وقبولها بشروط محاصريها، بنزع أنيابها وأظفارها التي تدافع بها عن كرامتها وكرامة شعبها، وإذ بها تفاجئهم بعنادها وصبرها ولاءاتها. ومن هنا، كان يشتد الحصار عليها يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة، حتى طال قوت عيالها ودواء مرضاها، وازداد التشديد على معابرها التي تربطها بالعالم الخارجي، حيث لم تفتح مصر العروبة والإسلام معبر رفح في العام الواحد سوى أيام لا تفي بنقل المرضى، ولا طلاب العلم أو ذوي الاضطرار.
مع اشتداد الحصار، ابتكرت غزة طريقة المواجهة السلمية على السياج الأمني الفاصل عن حدود فلسطين المحتلة عام 1948، وعدلت من أساليب مواجهتها في مسيرات العودة، سواء من اجتياز الحدود الفاصلة أو وسائل المظاهرات التقليدية كإشعال إطارات الكاوتشوك ورمي الحجارة، ثمّ تطورت إلى الطائرات والبالونات الحارقة التي التهمت نيرانها عشرات آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المحتلة.
أظهرت غزة رباطة جأشها في الشهور الأخيرة، ورفعت شعارها أنْ لا شيء يثنيها عن رفع الحصار الخانق. ومع إيلامها، وعلى مرّ ثلاثة شهور لمحاصريها الذين صبّوا نيران قذائفهم على رؤوس الأبرياء، فسقط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى، ظنّاً منهم أنّ عنفهم كفيل بثني غزة عن عزمها وقوة إصرارها، باتوا يبحثون عن وسائل فيها من الحيل والخداع ما انطلى على غير غزة، حينما أوهموهم بجعل الديار المسالمة جنّة من جنان الأرض، وإذ بهم الآن يصادرون أموال السلطة الفلسطينية، بحجة دعم الأسرى أو غير ذلك من تشديد وابتزاز. ومن هنا، رفضت فصائل غزة ما عرضته الولايات المتحدة من إغراءات لإعمار غزة ودعمها وفتح آفاق العمل فيها وترميم بناها التحتية مقابل تطويعها إلى حمامةٍ بيضاءَ تسرُّ الناظرين.
عجزت كل وسائل القهر والإغراء، من القريب والغريب، عن إخضاع غزة، إذ تقول بلسان حالها إنّ مقاومتها الاحتلال مشروعة ما دام جاثماً على ربوع فلسطين، وأنّ أي وسيلة من وسائل المقاومة المرحلية لن تقف دون رفع الحصار غير الشرعي عنها.
من غير المتوقع، أن يحلّ هدوء على حدود غزة وإن كان يتحقق بصورة مرحلية بين فترة وأخرى بتفاهمات أو غير تفاهمات، وأنّ جولات عديدة قد تصل لمواجهة شاملة في وقت ما رغم عدم جدواها من إخضاع هذه البقعة العنيدة الصامدة من الأرض الفلسطينية، وذلك لأنّ شعباً كاملاً يقع تحت احتلال يفرض حصاراً منذ اثني عشر عاماً، حصار أذى كل تفاصيل الحياة البريئة لمواطني قطاع غزة الصامد الذي يبذل كلّ ما بوسعه لرفع هذا الحصار الجائر.
من هنا، كان القرار أن تبقى غزة تحت حصار آثمٍ شديد الوطأة، اجتمع عليه العرب والعجم لقتل نموذج لم تعهده الساحة العربية الحديثة التي تعودت الانبطاح منذ عقود، ولم تسجل في تاريخها المعاصر فخراً واحداً تعتز به شعوبها المغلوبة المقهورة. ومن هنا يظهر يوماً إثر يوم، بعض المستور الذي يشير إلى تورطِ بعض قادة الأعراب الذين ينطبق عليهم أنهم "أشدُّ كفراً ونفاقاً"، وذلك بتواطئِهم ومشاركتهم وتحريضهم المباشر، بل وتمويلهم لتفاصيل هذا الحصار الظالم.
تعرضت غزة المحاصرة لثلاث حروب قاسية، نالت من رملها وحجارة أبنيتها، وطال بعض أذاها أجساداً مزقتها قذائف المدافع وصواريخ الطائرات، وكان من المنتظر أن ترفع الراية البيضاء مسلّمة أمرها لمحاصريها الذين كانوا ينتظرون موافقتها واستسلامها وقبولها بشروط محاصريها، بنزع أنيابها وأظفارها التي تدافع بها عن كرامتها وكرامة شعبها، وإذ بها تفاجئهم بعنادها وصبرها ولاءاتها. ومن هنا، كان يشتد الحصار عليها يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة، حتى طال قوت عيالها ودواء مرضاها، وازداد التشديد على معابرها التي تربطها بالعالم الخارجي، حيث لم تفتح مصر العروبة والإسلام معبر رفح في العام الواحد سوى أيام لا تفي بنقل المرضى، ولا طلاب العلم أو ذوي الاضطرار.
مع اشتداد الحصار، ابتكرت غزة طريقة المواجهة السلمية على السياج الأمني الفاصل عن حدود فلسطين المحتلة عام 1948، وعدلت من أساليب مواجهتها في مسيرات العودة، سواء من اجتياز الحدود الفاصلة أو وسائل المظاهرات التقليدية كإشعال إطارات الكاوتشوك ورمي الحجارة، ثمّ تطورت إلى الطائرات والبالونات الحارقة التي التهمت نيرانها عشرات آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المحتلة.
أظهرت غزة رباطة جأشها في الشهور الأخيرة، ورفعت شعارها أنْ لا شيء يثنيها عن رفع الحصار الخانق. ومع إيلامها، وعلى مرّ ثلاثة شهور لمحاصريها الذين صبّوا نيران قذائفهم على رؤوس الأبرياء، فسقط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى، ظنّاً منهم أنّ عنفهم كفيل بثني غزة عن عزمها وقوة إصرارها، باتوا يبحثون عن وسائل فيها من الحيل والخداع ما انطلى على غير غزة، حينما أوهموهم بجعل الديار المسالمة جنّة من جنان الأرض، وإذ بهم الآن يصادرون أموال السلطة الفلسطينية، بحجة دعم الأسرى أو غير ذلك من تشديد وابتزاز. ومن هنا، رفضت فصائل غزة ما عرضته الولايات المتحدة من إغراءات لإعمار غزة ودعمها وفتح آفاق العمل فيها وترميم بناها التحتية مقابل تطويعها إلى حمامةٍ بيضاءَ تسرُّ الناظرين.
عجزت كل وسائل القهر والإغراء، من القريب والغريب، عن إخضاع غزة، إذ تقول بلسان حالها إنّ مقاومتها الاحتلال مشروعة ما دام جاثماً على ربوع فلسطين، وأنّ أي وسيلة من وسائل المقاومة المرحلية لن تقف دون رفع الحصار غير الشرعي عنها.
من غير المتوقع، أن يحلّ هدوء على حدود غزة وإن كان يتحقق بصورة مرحلية بين فترة وأخرى بتفاهمات أو غير تفاهمات، وأنّ جولات عديدة قد تصل لمواجهة شاملة في وقت ما رغم عدم جدواها من إخضاع هذه البقعة العنيدة الصامدة من الأرض الفلسطينية، وذلك لأنّ شعباً كاملاً يقع تحت احتلال يفرض حصاراً منذ اثني عشر عاماً، حصار أذى كل تفاصيل الحياة البريئة لمواطني قطاع غزة الصامد الذي يبذل كلّ ما بوسعه لرفع هذا الحصار الجائر.
مقالات أخرى
04 ديسمبر 2018
16 نوفمبر 2018
07 نوفمبر 2018