في ظل المعاناة التي تعيشها المرأة في السودان، وانتهاك القوانين لحقوقها وتحكمها في أزيائها، بالإضافة إلى نظرة المجتمع الدونية إليها، كانت مبادرة "لا لقهر النساء" التي تعمل على مناصرة النساء، خصوصاً في ما يتعلق بالأزياء. "العربي الجديد" التقت الأستاذة في كلية الطب (بحري)، ورئيسة اللجنة التنسيقية والمتحدثة باسم المبادرة، إحسان فقيري، للحديث عن تفاصيل المبادرة ووضع المرأة في السودان.
كيف بدأت مبادرة "لا لقهر النساء"؟
في البداية، أطلقت مبادرة لمناصرة قضية الصحافية السودانية، لبنى أحمد حسين، التي أدينت بسبب ارتدائها البنطال، بدعوة من عدد من الصحافيات في جريدة "أجراس الحرية". بعدها، تطورت الفكرة، وأردنا مناصرة جميع النساء اللواتي يتعرضن للقهر أو العنف. على سبيل المثال، تتعرض بائعات الشاي للملاحقة من السلطات المحلية، علماً أنهن يعانين كثيراً لتأمين لقمة العيش. كما أن بعض الفتيات يتعرضن، يومياً، للجلد والاعتقال تطبيقاً لقانون النظام العام. وبعد مناقشات ومقترحات عدة، كانت مبادرة "لا لقهر النساء".
هل تضم المبادرة أحزاباً سياسية؟
تضم المبادرة ناشطات من جميع الأحزاب السياسية، وأخريات مستقلات. هي عبارة عن جماعة مهمتها الضغط لدعم حقوق النساء.
هل يعني ذلك أنه يمكن أن تناصرن امرأة تنتمي إلى الحزب الحاكم؟
بالطبع. إذا تعرضت إحدى نساء الحزب الحاكم لقهر، ستقف المبادرة معها. سبق وأن ناصرت وزيرة سودانية تطاول عليها رئيس حزب منبر السلام العادل، الطيب مصطفى، في أحد مقالاته، وطالبها أن "تتبعّل" لزوجها بدلاً من مزاحمة الرجال.
ما الذي حققته المبادرة حتى الآن؟ وهل أنتن راضيات عن النتيجة؟
طموحنا أكبر مما تحقق حتى الآن، علماً أن هذه المبادرة تدعم نفسها بنفسها. ولقلة الأموال تأثير سلبي على عملنا. مع ذلك، توقفت ملاحقات الشرطة لبائعات الشاي في الطرقات العامة. وكنا نسمع دائماً عن توقيف فتيات من شرطة النظام العام بسبب الزي، وقد تراجع الأمر كثيراً. لكن في ظل استمرار النظام القمعي، ستتحسن الأمور بصورة تدريجية. طموحنا أكبر من أن نناصر فقط. يجب أن نساهم في تقديم حلول للنساء المقهورات اللواتي يتعرضن لعنف منزلي أو التحرّش في المدراس أو أماكن العمل.
لماذا تعملن في العاصمة الخرطوم فقط؟
نطمح، أيضاً، إلى العمل في الأرياف والأقاليم. من الطبيعي أن تستهدف المبادرة الناشطات، وأن تعمل بعض النساء على رفع وعي المرأة. عموماً، تستقطب المبادرة المزيد من الأشخاص يوماً بعد يوم.
هل تواجه المبادرة أية ضغوط؟
طبعاً، نواجه ضغوطاً كبيرة جداً. بعد تنظيم أول تظاهرة سلمية، كتبت إحدى الصحف: "العاهرات والشاذات جنسيّاً يتظاهرن في الخرطوم"، ما يدخل في إطار العنف اللفظي. وعادة ما نتعرّض لعنف لفظي من الشرطة التي تفض تظاهرتنا السلمية، بالإضافة إلى السلفيين.
كيف تقبّل المجتمع السوداني المبادرة؟
كان الأمر صعباً في البداية ككل شيء جديد. على سبيل المثال، اعترضت والدتي على مناصرتي للبنى حسين، إلى أن رأت الزي الذي كانت ترتديه فتعاطفت معها. كما أن إعلام الحكومة قوي جداً.
كيف تقيمين وضع المرأة اليوم؟
على الرغم من الإنجازات التي حققتها المرأة السودانية، خصوصاً أن الحركة النسائية تعمل منذ عام 1952، إلا أن الوضع اليوم ليس بأفضل حال، بل هو سيئ. في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كنا أفضل بالمقارنة مع الدول العربية والأفريقية الأخرى. على سبيل المثال، تم تعيين أول قاضية في السودان في الستينيات من القرن الماضي، ما يعني أن وضع المرأة والثقة في قدرتها على تولي الوظائف السياسية وغيرها كان أفضل.
ماذا عن القوانين؟
القانون الجنائي يمنع الاختلاط بين المرأة والرجل، علماً أننا مجتمع متعدد الثقافات والتقاليد. هناك المادة 152 "أ" الخاصة بالزي الفاضح والعمل الفاضح، علماً أن الثياب في رأيي حرية شخصية، ولا يعقل أن تضع الدولة قوانين تجبرني على ارتداء زي محدد. عموماً، حرمت القوانين السودانية المرأة من حقوقها. أمر آخر، حدد قانون الأحوال الشخصية سن الزواج بعشر سنوات، ما يحملها مسؤولية كبيرة، ويحرمها من طفولتها.
ألا تعتقدين أن المرأة في السودان تتعرض إلى عنف مجتمعي؟
العنف المجتمعي موجود، لكن الأخطر يتمثل في القوانين. فعادة ما يتطور المجتمع، ولا يبقى على حاله. على سبيل المثال، في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، كانت النساء تخفين ملامحهن قبل الخروج. اختلف الوضع قليلاً اليوم. فالنساء مسؤولات عن إعالة نسبة كبيرة من الأسر. ويمكن القضاء على العنف المجتمعي من خلال الجمعيات. إلا أن المشكلة تكمن في النظام القمعي والقوانين التي تضطهد النساء.
يرى البعض أن وضع المرأة في الستينيات كان أفضل بالمقارنة مع الوقت الحاضر؟ ما رأيك؟
في الستينيات، كان هناك فريق تنس للنساء. وكان باستطاعة المرأة ارتداء ما يحلو لها باعتبار أن الزي خيار شخصي. اختلف الوضع اليوم، بسبب طغيان الفكر السلفي الذي يحاول إعادة النساء إلى البيوت باسم الإسلام. أيضاً، يمكن القول، إن الأغنيات انعكاس لما يحدث على أرض الواقع. بعد النكبة، غنت السودانيات لفلسطين تضامناً مع القضية الفلسطينية. ولما بدأت الثورة الكورية، غنين لها. كل هذا يعكس الوعي الذي كن يتمتعن به في ذلك الوقت، والتفاعل مع قضايا العالم من حولنا. أما اليوم، فالأغنيات التي ترددها الفتيات باتت محصورة في الرجل، وقد انعكس الأمر على كثير من تفاصيل الحياة اليومية.
حدثت هذه الردة لأن السلطة والفتوى الدينية أصبحت في يد مجموعة واحدة، ما أثر على كل المجتمع. كما أن المرأة استسلمت. على الرغم من هذا الجو، ما زلنا قادرين على إيجاد بقعة ضوء والعمل.
هل تعتقدين أن المرأة السودانية قادرة على المشاركة في التغيير؟
المرأة قادرة على إحداث التغيير حتى السياسي. عادة ما تشارك النساء بكثرة في التظاهرات التي شهدتها البلاد. أمرٌ يشير إلى أن دورها رئيسي، وهي معنية بالتغيير على جميع الأصعدة.
مدافعة عن حقوق النساء
ولدت الطبيبة والأستاذة الجامعية والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء إحسان فقيري في منطقة أم درمان عام 1955، حصلت على منحة من الاتحاد النسائي السوداني لدراسة الطب في تشيكوسلوفاكيا. وكانت من أوائل النساء اللواتي عملن على مكافحة العادات السيئة التي تؤثر على صحة النساء كالختان. تابعت الدراسات العليا في بريطانيا، وتعد إحدى أبرز الوجوه في الاتحاد النسائي، ورئيسة اللجنة التنسيقية لمبادرة لا لقهر النساء، بالإضافة إلى كونها أستاذة في كلية الطب في جامعة بحري.
كيف بدأت مبادرة "لا لقهر النساء"؟
في البداية، أطلقت مبادرة لمناصرة قضية الصحافية السودانية، لبنى أحمد حسين، التي أدينت بسبب ارتدائها البنطال، بدعوة من عدد من الصحافيات في جريدة "أجراس الحرية". بعدها، تطورت الفكرة، وأردنا مناصرة جميع النساء اللواتي يتعرضن للقهر أو العنف. على سبيل المثال، تتعرض بائعات الشاي للملاحقة من السلطات المحلية، علماً أنهن يعانين كثيراً لتأمين لقمة العيش. كما أن بعض الفتيات يتعرضن، يومياً، للجلد والاعتقال تطبيقاً لقانون النظام العام. وبعد مناقشات ومقترحات عدة، كانت مبادرة "لا لقهر النساء".
هل تضم المبادرة أحزاباً سياسية؟
تضم المبادرة ناشطات من جميع الأحزاب السياسية، وأخريات مستقلات. هي عبارة عن جماعة مهمتها الضغط لدعم حقوق النساء.
هل يعني ذلك أنه يمكن أن تناصرن امرأة تنتمي إلى الحزب الحاكم؟
بالطبع. إذا تعرضت إحدى نساء الحزب الحاكم لقهر، ستقف المبادرة معها. سبق وأن ناصرت وزيرة سودانية تطاول عليها رئيس حزب منبر السلام العادل، الطيب مصطفى، في أحد مقالاته، وطالبها أن "تتبعّل" لزوجها بدلاً من مزاحمة الرجال.
ما الذي حققته المبادرة حتى الآن؟ وهل أنتن راضيات عن النتيجة؟
طموحنا أكبر مما تحقق حتى الآن، علماً أن هذه المبادرة تدعم نفسها بنفسها. ولقلة الأموال تأثير سلبي على عملنا. مع ذلك، توقفت ملاحقات الشرطة لبائعات الشاي في الطرقات العامة. وكنا نسمع دائماً عن توقيف فتيات من شرطة النظام العام بسبب الزي، وقد تراجع الأمر كثيراً. لكن في ظل استمرار النظام القمعي، ستتحسن الأمور بصورة تدريجية. طموحنا أكبر من أن نناصر فقط. يجب أن نساهم في تقديم حلول للنساء المقهورات اللواتي يتعرضن لعنف منزلي أو التحرّش في المدراس أو أماكن العمل.
لماذا تعملن في العاصمة الخرطوم فقط؟
نطمح، أيضاً، إلى العمل في الأرياف والأقاليم. من الطبيعي أن تستهدف المبادرة الناشطات، وأن تعمل بعض النساء على رفع وعي المرأة. عموماً، تستقطب المبادرة المزيد من الأشخاص يوماً بعد يوم.
هل تواجه المبادرة أية ضغوط؟
طبعاً، نواجه ضغوطاً كبيرة جداً. بعد تنظيم أول تظاهرة سلمية، كتبت إحدى الصحف: "العاهرات والشاذات جنسيّاً يتظاهرن في الخرطوم"، ما يدخل في إطار العنف اللفظي. وعادة ما نتعرّض لعنف لفظي من الشرطة التي تفض تظاهرتنا السلمية، بالإضافة إلى السلفيين.
كيف تقبّل المجتمع السوداني المبادرة؟
كان الأمر صعباً في البداية ككل شيء جديد. على سبيل المثال، اعترضت والدتي على مناصرتي للبنى حسين، إلى أن رأت الزي الذي كانت ترتديه فتعاطفت معها. كما أن إعلام الحكومة قوي جداً.
كيف تقيمين وضع المرأة اليوم؟
على الرغم من الإنجازات التي حققتها المرأة السودانية، خصوصاً أن الحركة النسائية تعمل منذ عام 1952، إلا أن الوضع اليوم ليس بأفضل حال، بل هو سيئ. في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كنا أفضل بالمقارنة مع الدول العربية والأفريقية الأخرى. على سبيل المثال، تم تعيين أول قاضية في السودان في الستينيات من القرن الماضي، ما يعني أن وضع المرأة والثقة في قدرتها على تولي الوظائف السياسية وغيرها كان أفضل.
ماذا عن القوانين؟
القانون الجنائي يمنع الاختلاط بين المرأة والرجل، علماً أننا مجتمع متعدد الثقافات والتقاليد. هناك المادة 152 "أ" الخاصة بالزي الفاضح والعمل الفاضح، علماً أن الثياب في رأيي حرية شخصية، ولا يعقل أن تضع الدولة قوانين تجبرني على ارتداء زي محدد. عموماً، حرمت القوانين السودانية المرأة من حقوقها. أمر آخر، حدد قانون الأحوال الشخصية سن الزواج بعشر سنوات، ما يحملها مسؤولية كبيرة، ويحرمها من طفولتها.
ألا تعتقدين أن المرأة في السودان تتعرض إلى عنف مجتمعي؟
العنف المجتمعي موجود، لكن الأخطر يتمثل في القوانين. فعادة ما يتطور المجتمع، ولا يبقى على حاله. على سبيل المثال، في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، كانت النساء تخفين ملامحهن قبل الخروج. اختلف الوضع قليلاً اليوم. فالنساء مسؤولات عن إعالة نسبة كبيرة من الأسر. ويمكن القضاء على العنف المجتمعي من خلال الجمعيات. إلا أن المشكلة تكمن في النظام القمعي والقوانين التي تضطهد النساء.
يرى البعض أن وضع المرأة في الستينيات كان أفضل بالمقارنة مع الوقت الحاضر؟ ما رأيك؟
في الستينيات، كان هناك فريق تنس للنساء. وكان باستطاعة المرأة ارتداء ما يحلو لها باعتبار أن الزي خيار شخصي. اختلف الوضع اليوم، بسبب طغيان الفكر السلفي الذي يحاول إعادة النساء إلى البيوت باسم الإسلام. أيضاً، يمكن القول، إن الأغنيات انعكاس لما يحدث على أرض الواقع. بعد النكبة، غنت السودانيات لفلسطين تضامناً مع القضية الفلسطينية. ولما بدأت الثورة الكورية، غنين لها. كل هذا يعكس الوعي الذي كن يتمتعن به في ذلك الوقت، والتفاعل مع قضايا العالم من حولنا. أما اليوم، فالأغنيات التي ترددها الفتيات باتت محصورة في الرجل، وقد انعكس الأمر على كثير من تفاصيل الحياة اليومية.
حدثت هذه الردة لأن السلطة والفتوى الدينية أصبحت في يد مجموعة واحدة، ما أثر على كل المجتمع. كما أن المرأة استسلمت. على الرغم من هذا الجو، ما زلنا قادرين على إيجاد بقعة ضوء والعمل.
هل تعتقدين أن المرأة السودانية قادرة على المشاركة في التغيير؟
المرأة قادرة على إحداث التغيير حتى السياسي. عادة ما تشارك النساء بكثرة في التظاهرات التي شهدتها البلاد. أمرٌ يشير إلى أن دورها رئيسي، وهي معنية بالتغيير على جميع الأصعدة.
مدافعة عن حقوق النساء
ولدت الطبيبة والأستاذة الجامعية والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء إحسان فقيري في منطقة أم درمان عام 1955، حصلت على منحة من الاتحاد النسائي السوداني لدراسة الطب في تشيكوسلوفاكيا. وكانت من أوائل النساء اللواتي عملن على مكافحة العادات السيئة التي تؤثر على صحة النساء كالختان. تابعت الدراسات العليا في بريطانيا، وتعد إحدى أبرز الوجوه في الاتحاد النسائي، ورئيسة اللجنة التنسيقية لمبادرة لا لقهر النساء، بالإضافة إلى كونها أستاذة في كلية الطب في جامعة بحري.