تعتزمالحكومة الأردنية اتخاذ حزمة إجراءات لإنعاش السوق العقارية، وزيادة عائداتها من الرسوم والضرائب المفروضة على التراخيص والمبيعات، وذلك ضمن محاولات لإعادة تنشيط بعض القطاعات التي تشهد تراجعاً، ما ساهم في انخفاض الإيرادات المحلية المتحققة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 2019.
وأكد مسؤول حكومي رفيع المستوى أن "قطاع العقارات يعد أحد أهم الروافد المالية للخزينة العامة للدولة ومحركاً للعديد من القطاعات، لذا تدرس الحكومة إجراءات إضافية لإنقاذه"، موضحاً أن هناك توجهاً لمنح مزيد من الإعفاءات للشقق السكنية والمنازل، منها زيادة مساحات المباني المعفاة من رسوم التسجيل وضريبة بيع العقارات، لتصل المساحات المعفاة إلى 180 متراً مربعاً بدلاً من 150 متراً.
وقال المسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "هذا الإجراء سيساهم بعض الشيء في تحريك سوق العقارات والحد من تراجع عمليات التداول التي شهدت انخفاضاً حاداً خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام".
وتراجع حجم التداول العقاري خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني حتى نهاية أغسطس/ آب، بنسبة 20.68 في المائة، على أساس سنوي، وفق بيانات صادرة في وقت سابق من سبتمبر/ أيلول الجاري عن دائرة الأراضي والمساحة الحكومية.
وأظهرت البيانات أن قيمة التداول العقاري بلغت 2.789 مليار دينار (3.95 مليارات دولار) خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2019، مقارنة بنحو 3.516 مليارات دينار (4.98 مليارات دولار) في نفس الفترة من العام الماضي.
وبحسب دائرة الأراضي والمساحة، فإن التراجع في التداول العقاري انعكس على مجمل الإيرادات المتحصلة لها خلال 8 أشهر لتصل إلى 144.3 مليون دينار (204.3 ملايين دولار)، بتراجع نسبته 19.25 بالمائة، على أساس سنوي. وحول بيع العقار لغير الأردنيين فقد انخفضت قيمته التقديرية خلال الفترة المذكورة بنسبة 15 بالمائة، إلى 138.4 مليون دينار.
ويواصل القطاع العقاري تراجعه، حيث أظهرت البيانات الرسمية أن حجم التداول العقاري تراجع بنسبة 21 في المائة خلال الأشهر السبعة الأولى من 2019، مسجلاً 2.4 مليار دينار (3.3 مليارات دولار)، مقارنة مع ثلاثة مليارات دينار (4.2 مليارات دولار) خلال الفترة ذاتها من 2018.
هذا التراجع أثر سلباً على الاستثمارات في قطاع العقارات والإسكان، كما أثر على العاملين في هذا القطاع، وخفّض الإيرادات المالية المتحصلة للحكومة. ووفق مستثمرين، فإن الدينار المنفق في قطاع العقار يعود 30 في المائة منه إلى الخزينة رسوماً وضرائب.
وقال معين الصايغ، المدير العام لدائرة الأراضي والمساحة لـ"العربي الجديد" إن حجم التداول في السوق واصل انخفاضه بنهاية الشهر الماضي، مضيفاً أن من الأسباب الأساسية لانخفاض التداول في سوق العقار الأردني تراجع مشتريات العرب والأجانب للعقارات بخلاف السنوات السابقة.
وكانت الحكومة قد اتخذت قبل شهرين إجراءات لتنشيط السوق العقارية، منها خفض أسعار الأساس بنسبة 20 في المائة، حيث تعد هذه الأسعار مرجعاً لتقدير الرسوم المستحقة على العقارات، وذلك حتى تتلاءم الرسوم مع أسعار العقارات الفعلية.
ويعاني الأردنيون منذ عدة سنوات من ارتفاع كبير في أسعار الشقق السكنية والأراضي، بنسب تجاوزت 200 في المائة بحسب البيانات الرسمية.
ويصل سعر الشقق السكنية ذات المساحات المتوسطة من 150 متراً إلى أكثر من 100 ألف دولار ويتضاعف المبلغ بالنسبة لبعض المناطق، خاصة داخل العاصمة عمان، ما قلل من قدرة المواطنين على امتلاك المساكن، بالتزامن مع ضعف القدرة الشرائية.
وحذر كمال عواملة، رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان السابق في تصريح لـ"العربي الجديد" من استمرار هجرة الاستثمارات العقارية إلى الخارج، خاصة نحو تركيا وإمارة دبي وغيرهما بسبب الحوافز الاستثمارية الممنوحة هناك.
وشهدت تركيا على وجه الخصوص تدفقات استثمارية من قبل الأردنيين في آخر عامين، حيث تتجه أنظارهم لشراء المساكن هناك في ظل ارتفاع التكاليف والأسعار في بلادهم.
وقال عواملة إن المستثمرين في هذا القطاع يعانون بسبب التراجع الكبير في شراء الشقق السكنية في مختلف مناطق الأردن حيث إن كثيراً من الشركات غير قادرة على بيع المباني السكنية ومشاريع الإسكان التي أنشأتها بتمويل من البنوك المحلية.
وأكد أهمية تخفيض رسوم تسجيل العقارات البالغة حاليا 9 في المائة من قيمة العقارات، والتي تحول دون إتمام بيوعات الأراضي والمساكن إضافة إلى ضرورة تخفيض البنوك لأسعار الفائدة على التسهيلات الموجهة للعقارات. وتتراوح أسعار الفائدة على القروض السكنية في المملكة ما بين 7.995 في المائة إلى 11 في المائة.
وقدرت جمعية مستثمري قطاع الإسكان في وقت سابق حجم الاستثمارات العقارية التي هجرت الأردن في آخر 3 سنوات بنحو 1.8 مليار دولار، إذ توجهت إلى بلدان عدة خاصة الإمارات التي تتصدر فيها الاستثمارات العقارية الأردنية مختلف الدول العربية والأجنبية بقيمة 900 مليون دولار.
وأشارت الجمعية إلى أن عدد الشركات المسجلة رسميا في جمعية مستثمري قطاع الإسكان بلغ 3500 شركة لم تقم 1850 شركة منها بتجديد تسجيلها، كونها توقفت عن العمل خلال العام الحالي، لافتة إلى أن شركات إسكان أخرى توقفت عن العمل في السنوات الثلاث الماضية لكنها غير مسجلة أصلا لدى الجمعية.
وقال خيرو صعيليك، رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب لـ"العربي الجديد" إن البنك المركزي وجه البنوك لتخفيض أسعار الفائدة على التسهيلات الائتمانية، وبخاصة القروض التجارية والسكنية بهدف إنعاش هذه القطاعات وفي مقدمتها سوق العقار في ظل التراجع الكبير الذي يعاني منه.
وكانت الحكومة قالت إن إيراداتها من الضرائب المتأتية من مختلف القطاعات شهدت تراجعاً كبيراً خلال العام الحالي، ما أدى إلى اختلالات في الموازنة العامة وتقديراتها.
ورغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لزيادة ضريبة الدخل وإلغاء دعم الخبز وزيادة ضرائب المبيعات، إلا أن بيانات وزارة المالية الصادرة مؤخرا، أكدت أن العجز المالي في الموازنة العامة ارتفع إلى 682 مليون دولار حتى نهاية مايو/ أيار من العام الحالي، مقارنة مع عجز قدره 614 مليون دولار للفترة ذاتها من عام 2018.
كما يعاني الأردن من مديونية تجاوزت 41 مليار دولار، وبطالة بلغت نسبتها 19 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري، وفق تقرير أصدرته دائرة الإحصاءات العامة الحكومية في يونيو/ حزيران الماضي.