إتجار بالوثائق السورية المزورة

14 أكتوبر 2015
حلم اللجوء يرفع قيمة وثائق سورية المزورة (فرانس برس)
+ الخط -
نجح صحافي هولندي في الحصول على جواز سفر سوري مزور يحمل اسم وصورة رئيس وزراء هولندا مارك روتي مقابل 750 يورو، ما فتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول سهولة الحصول على هذه الوثائق، كما سلط تقرير الصحافي الضوء على تجارة تزوير الوثائق الرسمية السورية التي انتعشت بصورة كبيرة في سورية وحتى في دول اللجوء.

يؤكد الناشط السوري المقيم في تركيا كايد الحلو سهولة الحصول على هوية شخصية سورية أو جواز سفر مزورين. ويقول لـ"العربي الجديد": "يتراوح سعر الحصول على تلك الوثائق المزورة بين 400 دولار و1500 دولار حالياً، وذلك تبعاً للمزور الذي يتم التعامل معه".

ويؤكد بدوره أبو قصي المقيم في مدينة غازي عنتاب التركية تلك المعلومات، ويعزو التفاوت الكبير في الأسعار إلى تعدد طرق استخراج تلك الوثائق وتفاوت جودتها، إذ إن بعضها، وهي الأقل سعراً، تكون مزورة بآلات غير احترافية ويمكن اكتشافها في حال التدقيق من قبل السلطات والخبراء. وفي المقابل يقول أبو قصي إن هنالك وثائق مزورة "يتم استصدارها بالتعاون مع موظفي الحكومة السورية، أو باستخدام آلات الطباعة التي تعود للحكومة، والتي تم الاستيلاء عليها من مؤسساتها في المناطق المحررة، وتكون تكلفة تلك الوثائق أعلى".

كما يمتلك المزورون "مئات الهويات الشخصية الأصلية التي تعود لسوريين متوفين في ظل الحرب حيث قتل أكثر من ربع مليون سوري فضلاً عن عشرات آلاف المفقودين والمعتقلين، يقومون ببيعها لمن يرغب في حال كان هنالك تشابه في الصورة"، بحسب أبو قصي.
يعيش أكثر من 10 ملايين سوري مصاعب النزوح الداخلي واللجوء الخارجي. وقد أجبرت أعداد كبيرة من هؤلاء على ترك منازلهم بصورة مفاجئة بسبب المعارك، ليفروا حاملين أرواحهم، وتاركين وثائقهم الرسمية خلفهم، لتلتهمها نيران الحرب. وبسبب العراقيل المختلفة التي تضعها الحكومة السورية لاستصدار وثائق رسمية لأعداد كبيرة من السوريين وخصوصاً المصنفين كمعارضين أو المطلوبين للخدمة العسكرية في جيش النظام، فقد ساعد ذلك على انتعاش تجارة التزوير.

يقول الشاب السوري "نزار" الذي لجأ إلى السويد قبل عامين لـ"العربي الجديد" أنه "رفضت جامعة دمشق التي تخرجت منها قبل أكثر من خمسة أعوام إصدار شهادة تخرج مصدقة، لأنني مطلوب للخدمة العسكرية في جيش النظام، وهو ما يعرقل متابعة دراستي هنا". ويضيف: "دفعني ذلك لكي أتحرى عن إمكانية تزوير شهادة جامعية عن طريق أحد أصدقائي في مدينة غازي عنتاب التركية، وقد أخبرني أن سعر الحصول على شهادة جامعية مزورة يتراوح بين 400 و1000 دولار بحسب الاختصاص المطلوب".

هنالك من يحتاج إلى عقد زواج أو قيد نفوس من سورية وخصوصاً أولئك الذين يركبون البحر للهرب إلى أوروبا ويأملون لم شمل زوجاتهم. وبسبب الصعوبات التي تواجه إصدار تلك الوثائق من القنصليات السورية في دول العالم، يلجأ هؤلاء إلى المزورين أيضاً الذين يستصدرون تلك الوثائق بأسعار تتراوح بين 200و500 دولار أميركي بحسب الناشط الحلو.

كما يحتاج الكثير من السوريين لتجديد جوازات سفرهم بعد انتهاء مدتها، وقد كانت الحكومة السورية قد وضعت الكثير من العراقيل لتجديد واستصدار جواز سفر، ما ساعد على انتشار تجارة التزوير قبل أن تخفف الحكومة عراقيلها وذلك بسبب "أزمة تراجع الإيرادات التي تعصف بها منذ اندلاع الثورة والتي اشتدت منذ عامين، وهو ما دفعها إلى تسهيل استصدار وثائق رسمية مقابل رفع الرسوم بشكل كبير" بحسب ما تقوله الباحثة الاقتصادية سما مهنا لـ"العربي الجديد". وتضيف مهنا "استفاد موظفو النظام السوري من انتعاش تجارة التزوير بصورة أو بأخرى، إذ يمتلكون قنوات اتصال مع شبكات التزوير حتى في خارج سورية".

وتعتبر مهنا أن "انتشار تجارة التزوير يحمل آثاراً كارثية على مستقبل الاقتصاد السوري، إذ إن استمرارها لسنوات لاحقة سيؤدي إلى تكريسها وتغلغلها في كل المفاصل القانونية والاقتصادية". وتضيف: "نحن أمام تزوير آلاف الشهادات الجامعية ووثائق السفر، وفي حال استمرار الحرب سوف تصبح عشرات وربما مئات الآلاف من الوثائق المزورة، والتي سيكون لها بكل تأكيد آثار سلبية على الاستقرار الاقتصادي وعلى سوق العمل في المستقبل، حيث ستؤدي إلى إضعاف الثقة بالاقتصاد السوري وبقوة العمل السورية".
المساهمون