إبريل فلسطيني خاص

31 مارس 2016

عباس العقاد يحاضر في القدس

+ الخط -
لا أدري ما اسم الشاعر الأردني الذي كتب مرة: أنا شاعر أردني من السلط، وأطالب بحقي في العودة إلى فلسطين، ظلت هذه العبارة بمثابة صيحة ضمير الأمة، أو نشيد إنشادها، أو جرس الحقيقة القومية الكبرى التي تقاس عليها تفاصيل حق الأخوة العرب في فلسطين، باعتبارها جزءاً من وطن عربي واحد، انتزعت منه ذات جريمةٍ عالميةٍ لا تصدق، بفعل إعاقةٍ عقلية تاريخية، همجيةٍ مرعبةٍ هي الاستعمار العالمي وصنيعته الحركة الصهيونية.
أربعة أدباء عرب (سيعودون) إلى فلسطين، الجزء المحتل من وطنهم الكبير في أوائل إبريل، تلبية لدعوة من متحف محمود درويش في رام الله، للقاء الجمهور الفلسطيني المتعطش لرؤية الأدباء الذين طالما قرأ لهم. هذا خبر يملأ الآن صفحات الشبكة العنكبوتية، الشاعر البحريني قاسم حداد، الروائي السوداني حمور زيادة، الروائية الكويتية بثينة العيسى، والروائي الفلسطيني الأردني إبراهيم نصر لله، جدال عاصف وكبير يجري في فلسطين باستمرار، كلما انتشر خبر عودة كاتب عربي إلى بلاده فلسطين. كثيرون وهم يحملون نيات صادقة بالطبع يرون أن هذه الزيارات تساعد في تطبيع العلاقة مع الجندي الواقف في نقاط العبور، كثيرون أيضاً يرفضون هذا الكلام، ويرون في العودة دعماً لفلسطين، وتأكيداً على عروبتها، وعلى انتمائها لمستقبل أمة كبرى، بغض النظر عن حاضر هذه الأمة المضطرب والمخيف والمخزي.
أرى أن كلا الرأيين صحيح، ويبقى فقط احترامهما بعضهما، وفض اشتباكهما بطرق حضارية حوارية، من دون تخوين أو تكفير أو تهديد بالقتل والفضائح، كما حدث للأسف مرة. هما طريقان إذن، أو رؤيتان فلسطينيتان وعربيتان نحترمهما، فكل منهما حريصة على مستقبل فلسطين، وخائفة على صورة فلسطين وتقدمّها، حريةً واستقلالاً وسيادةً. أدباء عرب كثر رفضوا العودة، لأسبابٍ نفسية، مبدين احترامهم لمن يقدر على تحمل وجه الجندي الصهيوني من وراء زجاج نقطة تفتيش (الجسر). آخرون أبدوا تفهمهم لعدم قدرة بعضهم على نفي وجود الجندي الغريب، لكنهم أصرّوا على تحمل وجوده، لأن هذا التحمل هو الطريق المتاح الآن لرؤية فلسطين، ثقافةً وشعباً.
يحق لمتحف محمود درويش، بإدارة الصديق الناجح والمثقف، سامح خضر، التباهي بإحداث فرقٍ ثقافي كبيرٍ بين زمني ما قبل المتحف وما بعده، حتى أعداء المتحف التقليديون والمتوقعون يجدون صعوبة في إقناع الجمهور الفلسطيني بخلاف هذا الفرق الواضح. لا تغيب شمس في فلسطين من دون فعاليةٍ لكاتبٍ، أو معرضٍ لفنانٍ أو أمسيةٍ موسيقيةٍ لفرقةٍ. سيقف البحريني الشفاف، صاحب "الجواشن"، قاسم حداد في التاسع من إبريل،على منصة المتحف. سيقول للجهمور الفلسطيني: هي رحلة العمر أيها الفلسطينيون، رحلة عمر أتجرّع فيها مرارة وجود الجنود الغرباء على بابكم.
أستذكر، الآن، عشرات الفنانين العرب والشعراء والمفكرين والإعلامين الذين زاروا فلسطين قبل نكبتها، القدس ويافا تحديداً، وأحيوا حفلاتهم أو أمسياتهم وندواتهم فيها، بل وسكن بعضهم فيها. حاضر عباس محمود العقاد، في جمعية الشبان المسيحية، عشرات المرات. عاش المفكر اللبناني، لبيب غلمية، في البقعا الفوقا في القدس، وشارك خليل السكاكيني تأسيس كلية النهضة في 1938. عاش الشاعر العراقي معروف الرصافي طويلا في القدس، ودّرس في كلياتها. أقامت المغنية أسمهان في القدس أشهرا عديدة، وكان لأم كلثوم وجود شهير في مسارح القدس ونواديها.
أحفاد العقاد وأسمهان وأم كلثوم ونخلة زريق يعودون قريباً إلى فلسطين، على الرغم من الحاجز العسكري الذي سيذهب إلى جحيمه لا محالة. مرحبا بالعرب (النيسانيون)، العائدون إلى نيسان فلسطين، إلى خضرتها الثقافية، إلى قاع دار محمود درويش.
4855FC54-64E3-49EB-8077-3C1D01132804
زياد خداش

كاتب قصة فلسطيني، مواليد القدس 1964، يقيم في رام الله، يعمل معلما للكتابة الإبداعية، له عدد من المجموعات القصصية.