أســمـاء
إِنّني أُطلقُ أَسئلةً لا تُحصى على أَشياء لا تحتَمل سوى جوابٍ
واحد
- ما هو؟
لا أَدري
- وكيف عرفت إِذن؟
لأَنّ أَسئلتي واضحةٌ ومحددةٌ، انظر مثلاً السؤال التالي:
في العام 1965، أَطلق أَبي عليّ إِسماً، لقد صدّقتُ الاسم
عشتُ على أَنني "هو" وعاش الاسم على أَنه "أَنا"
وها أَنا ذا أَتساءل: من منّا كان الثاني؟
وإِذا كنا مشتركين، فمن منّا ذلك الثالث المشترك؟
أَلست أَيضاً، لا تدري
من هو؟
***
أَيتها الأَسماء امنحيني اسماً
وليكن ذلك الاسم: عبد الأَمير جرص
أَرجوكِ.
عبد الأمير جرص
يجب أَن لا أَتوقف عن كوني أَنا
يجب أَن أَعتادَ عليّ
يجب أَن أَألفني
كما أَنه من الواجب حتماً
أَن أَلمَّ شمل هذه العائلة
المهجورة
والمنكسرة
تلك التي يسمّونها نفسي.
حكمت عبد الرحيم
لأَبي أَولاده العديدون الذين سيأَخذون على عاتقهم حمل اسمه
أَمّا أَنا فلن أَحمل اسماً
لن أَقوم بمثل هذه الأَعمال الشاقة
حتّى اسمي الذي كم أُحاول التملّص منه
اسمي الذي أَطلقه أَبي عليّ
كما الرصاصة.
عبد الصاحب جرص
أَبي
يا أَبي
لماذا لم تقل لي أَنّ الأَرض أَصغر كثيراً من الشَّمس
وأَنّ الماء يشغل ثلاثة أَرباعها
أَبي
لقد ظننتُها كافية لإيوائي.
حسينة راهـي
حَبِلتْ بغيري عاقراً كانت
وأَعني:
أَ ن ج ب ت ن ي.
خلفة كاظــم
الأَرواح الكبيرة، لا تجد سوى الأَحزان الكبيرة
لتأَوي إِليها في الليل.
رامبـو
أَيها الطفل
ما أَجمل أَن نعيش صغاراً
نحن الذين لم نكبر ولن نكبر
إِلا
بعد موتنا
***
ما في نفوسنا أَكبر كثيراً من الشَّمس
إِنّا لنسير بأَسرع من الموت ثمّ لا نصل
إِلى ما في نفوسنا
مِنَ الشَّمس
***
خساراتنا الكبيرة
تلك التي تمنحنا أَحزاناً كبيرةً ورائعة
خساراتنا
أَهم ما حققناه في التاريخ المشرق
لأُمَمِنَا المجيدة.
كيركيغارد
ليس الأَمر عسيراً جداً
المسافات التي تفصل الوجود عن الساقية ليست كبيرة
انظر يا كيركيغارد
إِلى الزاوية التي أَرى منها نفسي
كم أَنا طويل
حقاً إِنّ الأَرض ما عادت جرداء
وإِنّ الأَمل ما زال يافعاً
إِنّ الأَيام لتحبو يا كيركيغارد
انظُرْ جيّداً
إِلى الزاوية التي لا أَرى منها نفسي
حياتي ما عادت طفلةً
كبرتُ بها أَو كبرتْ بي
حياتي ما عادت المرأَة التي أُحبّ
ولا الطفلة التي.. كبرتُ
***
إِنّني أَنظرُ من زاوية الجسد
من إِفرازات الغدد الصمّ
ومن تقلّصات حادةٍ في المعدة
أَنظرُ من خلال الأَلم اليومي
حياتي ما عادت المرأَة التي أُحبّ
ولا الطفلة التي.. أَلعبُ
أَبو العلاء المعرّي
هنالك أَشياء لا صلة لي بها مطلقاً
منها مثلاً
جسدي
إِنّي لأُحسّ بالغربة كلّما حدّقتُ
ربّاه..
أَيّ حيوانٍ أَتقمّصُ
أَنا الخارج من فمك
المطلوق على أَشياء
لا صلة لي بها
مُطْلقاً.
هند بنت عتبة
ابتدأَتْ هند رسالتها بهذا التحذير المُعتِم:
أَسلِمْ تسلَمْ..
أَسلَمْتُ ولكن لم أَسلَمْ.
أبو الطيّب المتنبي
" أَيَّ عظيمٍ أَتّقي أَيَّ مقـــام أَرتقــي
وكلّ ما خَلَقَ الله وما لم لَم يُخلــــَقِ
محتقَرٌ في هِمّتي كشعرةٍ في مفرقي"
أَمّا أَنا فأَرى أَنّ مفرِق المتنبي ليس في رأسه كما يظنّ الكثيرون
إِنّه في مكان آخر، مكانٍ أَنا الآخر أَستقبحُ ذِكْرَه
صراعٌ كبير بين أَن يقف المرء بين يديه هو، في حضرة نفسه هو،
أَو أَن يقف في حضرة ما يُستَقبَح ذِكرُهُ من الأُمراء والملوك
الشِّعر كبير
إِنّه أَكبر من القتل الذي انتهى إِليه المتنبي
أَكبر من آمال المتنبي
ولهذا ظلّ المتنبي يتنقل عسى أَن يحظى بقتل الدولة لا بسيفها
الحمداني.
بشّار بن بُردْ
أَمّا أَنا فألتَهمُ حياتي بشَبَق
مُسْتَغنياً عن كلّ ما فاتني منها
وعن كلّ ما سيفوتني.
حمزة بن عبد المطلب
"كانوا حين يجوبون الصحراء في الليل يؤمنون بأَنّ الله
لا يمكن أَن يُحَدَّ بجدران أَربعة"
لذا ابتكروا ربّاً أَكبر مما يحيطُ بهم
ربّاً أَوسع من عيون زوجاتهم العديدات
لا يحدّه شيء
و"ليس كمثله شيء".
عباس الدرّة
مُشكلتي أَنّي من زمن
أَشعر بالحزن
ولا أَبكي
يرفسني "الشمر"
ولا أَبكي
أُطعَنُ في الظهر
ولا أَبكي
أُذبحُ كالشّاة
ولا أَبكي
فمتى أَبكي؟
الحــلاج
"وأَيّ الأرض تخلو منك حتّى تعالوا يطلبونك في السماء
تراهم ينظرون إِليك جهراً وهم لا يبصرون مِنَ العماء"
ربما لأَنني لا أَرى الحقيقة
أَرى كل ما عداها بوضوح
أَو ربما لأَنني أَرى الأَشياء الأُخرى بوضوح
لا أَرى الحقيقة
إِنّ الأَشياء الواضحة تُفسد العين
تجعلني
أَقلّ قدرة على الاستبصار.
أَبو موسى الأشعري
أَمّا أَنا فأُحبّ صاحبي
أُحبّ موت صاحبي
أُقبِّل جوعه
أَنحني
لتمره
وبصله.
محمد مهدي الجواهري
أَمّا أَنا فأَرى العكس
أَرى أَنّ الجواهري لم يعش سبعة وتسعين عاماً
بل على العكس تماماً
إِنّه مات سبعة وتسعين عاماً
إِذ منذ نعومة أَظفاره والجواهري يشعر بالموت إِلى العراق
هذا الموت الذي يبلغ حنين الواحد منّا سبعة وتسعين عاماً
من الترقّب.
عبد الزهرة زكي
فراغات الذات ينبغي ملؤها إِنْ لم أَقل ردعها
يجب أَن نتصرف بحزمٍ إِزاء ذواتنا
أَنا لستُ أَنا فقط
إِنني كلّ هذا الذي أُريده
مضافاً إِليّ
كلّ ما لا أُريده.
أَسماء
ما الذي أَجهضتِ؟
كانت له أَسماؤه الحُسنى
كانت له أَسماؤه الأُنثى
فما الذي أَجهضت؟
كانت له أَيامه
كانت له أَحلامه
وكان له نهران من خمرٍ يصبّ كلاهما في القلب
وكانت له أُنثى تجوع فتجهض طفلها "خشية إملاق".
رعد زامل
روحي دائمة البحث
إِذْ لا توجد أَرضٌ في الأرض
ولا سماءٌ في السماء
يمكن أَن تضع عليها بيوضها
تلك التي
تفقس.
خالد علي مصطفى
أَنت لا ترى إِلا من ترسو عليه الأَضواء
ترى فقط
من تُسلَّط عليه هذه الأَضواء اللمّاعة
تلك التي صُنعتْ خصيصاً
لتمرير الظلمة
ولإِدامة أَمدها.
وسـام هاشـم
خلِّني في القعر واصعد
أَنت تصعد
ثم تصعد
مثل أَسفلنا
وتصعد مثل...
و
د
ع
ص
ت
زينب الـباقـر
ماذا سأَصنع كي أُحبّكِ
وهبيني أُحبّكِ
من أَين سأَجد ما أُحبّك به
صدّقيني
ليس لي غير يدي تلك التي – توجعني –
والتي ما إِنْ أَمسكتني بها حتّى بكيت
أَيتها الآلهة
لستُ قذراً لأَعيش
ولا ميتاً فأَحيا
ليس لي غير حفنةٍ من الكلمات البذيئة النابية
تلك التي
سأُحبّك بها.
الاسكندر المقدوني
في صحراء شاسعةٍ من السِلم ليس فيها ولا حبّة صراعٍ واحدة
ولا حتّى بصيصٌ من الحرب..
في هذه الصحراء الشاسعة من السلم والمحاطة بجبال عالية من الطمأنينة
أَراد الاسكندر المقدوني أَن يشقّ نهراً من الدم
الاسكندر المقدوني الذي فاته أَنْ يتذكَّر أَنّ عليه أَولا أَن يبني سدّاً ضخماً يحمي به قصوره وممتلكاته من دموع ضحاياه التي لا بدّ لها في النهاية من أَن تفيض.
فراعنة
الأَيام تتشابه
وحده الملك يختلف
حتّى أَنّ عينه اليسرى ترى ما لا تراه اليمنى
يختلف دقيقتين في الدقيقة، ساعتين في الساعة
أَياماً في اليوم
يختلف بأَسرع من الضوء
أَو يختلف في الضوء نفسه
الأَيام تتشابه.. الليل نفسه
الفراعنة وحدهم حنّطوا الليل
أَفرغوه من ليليته ثم ملؤوه بالقشّ
العوام في الليل ينامون مما يسبّب إِزعاجاً:
- اقتلوا الليل إذن
* ولماذا لا نقتل النوم؟
- قلت: اقتلوا الليل وكفّنوه بالنهار
الليل والنهار يسبّبان إِزعاجاً
لا أُريد أَن أَراهما.
صـــدام حســــين
التراب الذي أَهلت أَكثره على جثّتي
جثّتي المتروكة
في العراء
طيلة حياتي.
حسين علــــي يونــــس
ما الذي جاء بك
لقد خسرت العدم كلَّه بقدومك الأَعرج هذا
خسرت اللاشيء واللامعنى
خسرت العبث
وكل اللاءات الحلوة
تلك التي لم تكن لتنفيك
يوم كنت
غير موجود.
أَحمـــد عبد اللــطيــف
كل الدروب مؤدية
قالوا
ولكن
أَين روما؟
أَين أَنت؟
على التوالي كنتَ مربوطا معي
ثمّ انطفأَت
فأَيّ روما أَنت؟
تحلم بالكواكب ثمّ ترميني بِجُبّ الخطوة الأولى
لأَحلم بالذئاب
ومن الذئاب إِلى الكواكب.
أحمــــــد الــــشــــيخ
كأَنك يا أَحمد الشيخ قامتي
كأَنك أَنت الذي أَنحني
كأَنك أَنت الذي "أَستميح لهم العذر"
كأَنك أَنت الذي أَنتهي
وكأَنك أَنت
لا شيء يشبه قلبي سواك
لا شيء يشبه موتي سواك
ولا شيء يشبهني
كأَنك أَنت
تهزّ بجذع نخيل العراق فيتساقط التمر
أَنا راحلٌ يا أَحمد الشيخ
حلمتُ بأَني أَعصر شعراً فيأَكل من لغتي الطير
أَلا هل وفّيت
لقد أَحببت بما فيه الكفاية
ثلاثين عاماً وأَنا أَنحني
أَرقب العراق بعيون دامعة
وبغضّ الأَمل عمّا إِذا كان اليأس يشدّ عقال القلب بغترة التصبّر
لعلّ حياةً أُخرى تلتفّ على خيمة الأَهل
وبغضّ الأَمل عن اليأس أَيضاً
راحلٌ أَنا
حلمتُ بأَني أَنفث جمراً فتأكل النارُ قلب الحبيبة.
ثلاثون عاماً والحياة "بقرة في عيني"
ثلاثون عاماً و"البقرات السمان يأكلهنّ سبع"
ثلاثون عاماً و"الليالي عجاف"
والصباحات بلون دماء القتيلة أَحمر
ثلاثون عاماً يا وطني
وأَنت مصابٌ بحمّى التوقّد في الذهن
ثلاثون عاماً ومَطَرك أسود
ونفطك لا يُشعل سوى القلب
وسماواتك دخان
ثلاثون عاماً
أَلا هل وفيت
اللهم فأشهد.