19 ابريل 2021
أي مصير ينتظر سورية؟
بشّرنا رجل أمن أوروبي مسؤول بأن الشرق الأوسط القديم زال من الوجود، وأن سورية التي نعرفها اختفت، وصار من المحال استعادتها واسترداد وضعها السابق. وبرهن المسؤول على صحة أقواله بأدلةٍ، منها أن شمال سورية لم يعد سورياً، بل صار "كرديا" ووسطها "داعشيا".
لا شك في وجود ميل إلى تفتيت سورية لدى جهات بعينها، أهمها "داعش". بينما تنفي تصريحات وأقوال جهات أخرى، منها حزب المجتمع الديمقراطي الكردي، نفياً قاطعاً رغبتها في الانفصال عن بقية وطنها، أو فصل قومها عن بقية شعبه السوري، وتدعي أن نشاطها في شمال سورية مكرّس لحماية الكرد والعرب، وغيرهم من القوميات، ولإبعاد الحرب عنهم، وإنقاذهم من بطش السلطة وجرائمها. إذا كان يصح استشهاد المسؤول الأوروبي بـ"داعش"، فإن استشهاده بـ "حزب المجتمع الديمقراطي" لا يدعم زعمه حول اختفاء سورية، واستحالة استعادة الوضع الذي كانت عليه قبل الثورة. وحتى لو افترضنا أن الحزب يبطن غير ما يظهر، ويريد حقاً فصل منطقةٍ سورية عن وطنها، فإن من غير الصحيح الادعاء بأن شمال سورية صار تحت سيطرته، لأن منطقة ما يسميه "الحكم الذاتي" لا تعادل عشر مساحة شمال سورية، ومن غير المؤكد إطلاقا أنه سيستطيع المحافظة عليها بعد الثورة، كياناً منفصلاً عن بقية وطنه. أما "داعش" التي تحتل القسم الصحراوي من وسط سورية ومدناً وبلدات متفرقة شمالها، فقد قيل لنا آلاف المرات إنه لن يسمح لها بإقامة دولة خاصة بها، وأن العالم سيمنعها بالقوة من الاستيلاء على السلطة في سورية، فهل يجهل المسؤول الأمني الكبير وجود ضمانة كهذه، أم إنه يكشف بعض ما اتخذ من قرارات يجهلها السوريون، ستعين مستقبل بلادهم، وتبدو علاماتها جلية في سياسات بعض الدول الكبرى وانعكاساتها الميدانية التي تسمح بـ "تمدد الدولة الإسلامية في العراق والشام"، من دون أن تواجهه بذلك القدر من القوة الذي ألزمت نفسها باستخدامه، لمنعها من تغيير بنية الدولتين السورية والعراقية وهويتهما.
لا يتحدث المسؤول الأمني عن بقية مناطق سورية، على الرغم من حديثه عن تقلص مساحة المنطقة التي تحكمها السلطة الأسدية وضمورها. ولا يتعرّض في حديثه، ولو بكلمة واحدة لرأي الشعب السوري وإرادته، الشعب الذي كان حرياً بمسؤول في بلد ديمقراطي اعتباره صاحب القرار الأول والأخير في وطنه. كما لا يأبه للاتفاق الدولي العام والمعلن عن ضرورة بقاء سورية موحدةً، دولة ومجتمعاً، وإنما يطلق حكمه من دون مراعاة لانعكاساته الخطيرة على الشعب ومكوناته الوطنية وأطرافه المتصارعة، أو تمييز بين من يعملون لتفتيت سورية إذا لم تخضع لطغيانهم، وأولئك الذين يقاتلون من أجل حريتها، وبلغ تعلقهم بوطنهم حداً ضحوا معه بكل ما يملكون، بما في ذلك حياتهم.
أخيراً، يبدو أن المسؤول الأوروبي لم يفكر بارتدادات زوال الشرق الأوسط الحالي والدولة السورية القائمة على أوروبا، وبالكتل البشرية الهائلة التي ستتدفق عليها، بعضها طلباً للجوء وبعضها الآخر للانتقام من عالم ظالمٍ، سمح، أو بالأحرى، أسهم بتدمير منطقةٍ، هي واحدة من ثلاث مناطق، أبدعت جميع مرتكزات ومفردات الحضارة البشرية القائمة التي غدت كونيةً، بجهود شعوب عديدة، برزت بينها دوماً جهود السوريين بمختلف مكوناتهم.
ليس اختفاء الشرق الأوسط الذي نعرفه وسورية الحالية حدثاً سعيداً، لأنه قد يكون مقدمة لاختفاء أوروبا الحالية، ببنى عديد من مناطقها الهشة وتناقضاتها المتنوعة، وبالمتاعب التي تعصف بدولها وبلدانها، وبانكشافها أمام ما ستواجهه من إرهابٍ، لن تقوى على مواجهته.
لا شك في وجود ميل إلى تفتيت سورية لدى جهات بعينها، أهمها "داعش". بينما تنفي تصريحات وأقوال جهات أخرى، منها حزب المجتمع الديمقراطي الكردي، نفياً قاطعاً رغبتها في الانفصال عن بقية وطنها، أو فصل قومها عن بقية شعبه السوري، وتدعي أن نشاطها في شمال سورية مكرّس لحماية الكرد والعرب، وغيرهم من القوميات، ولإبعاد الحرب عنهم، وإنقاذهم من بطش السلطة وجرائمها. إذا كان يصح استشهاد المسؤول الأوروبي بـ"داعش"، فإن استشهاده بـ "حزب المجتمع الديمقراطي" لا يدعم زعمه حول اختفاء سورية، واستحالة استعادة الوضع الذي كانت عليه قبل الثورة. وحتى لو افترضنا أن الحزب يبطن غير ما يظهر، ويريد حقاً فصل منطقةٍ سورية عن وطنها، فإن من غير الصحيح الادعاء بأن شمال سورية صار تحت سيطرته، لأن منطقة ما يسميه "الحكم الذاتي" لا تعادل عشر مساحة شمال سورية، ومن غير المؤكد إطلاقا أنه سيستطيع المحافظة عليها بعد الثورة، كياناً منفصلاً عن بقية وطنه. أما "داعش" التي تحتل القسم الصحراوي من وسط سورية ومدناً وبلدات متفرقة شمالها، فقد قيل لنا آلاف المرات إنه لن يسمح لها بإقامة دولة خاصة بها، وأن العالم سيمنعها بالقوة من الاستيلاء على السلطة في سورية، فهل يجهل المسؤول الأمني الكبير وجود ضمانة كهذه، أم إنه يكشف بعض ما اتخذ من قرارات يجهلها السوريون، ستعين مستقبل بلادهم، وتبدو علاماتها جلية في سياسات بعض الدول الكبرى وانعكاساتها الميدانية التي تسمح بـ "تمدد الدولة الإسلامية في العراق والشام"، من دون أن تواجهه بذلك القدر من القوة الذي ألزمت نفسها باستخدامه، لمنعها من تغيير بنية الدولتين السورية والعراقية وهويتهما.
لا يتحدث المسؤول الأمني عن بقية مناطق سورية، على الرغم من حديثه عن تقلص مساحة المنطقة التي تحكمها السلطة الأسدية وضمورها. ولا يتعرّض في حديثه، ولو بكلمة واحدة لرأي الشعب السوري وإرادته، الشعب الذي كان حرياً بمسؤول في بلد ديمقراطي اعتباره صاحب القرار الأول والأخير في وطنه. كما لا يأبه للاتفاق الدولي العام والمعلن عن ضرورة بقاء سورية موحدةً، دولة ومجتمعاً، وإنما يطلق حكمه من دون مراعاة لانعكاساته الخطيرة على الشعب ومكوناته الوطنية وأطرافه المتصارعة، أو تمييز بين من يعملون لتفتيت سورية إذا لم تخضع لطغيانهم، وأولئك الذين يقاتلون من أجل حريتها، وبلغ تعلقهم بوطنهم حداً ضحوا معه بكل ما يملكون، بما في ذلك حياتهم.
أخيراً، يبدو أن المسؤول الأوروبي لم يفكر بارتدادات زوال الشرق الأوسط الحالي والدولة السورية القائمة على أوروبا، وبالكتل البشرية الهائلة التي ستتدفق عليها، بعضها طلباً للجوء وبعضها الآخر للانتقام من عالم ظالمٍ، سمح، أو بالأحرى، أسهم بتدمير منطقةٍ، هي واحدة من ثلاث مناطق، أبدعت جميع مرتكزات ومفردات الحضارة البشرية القائمة التي غدت كونيةً، بجهود شعوب عديدة، برزت بينها دوماً جهود السوريين بمختلف مكوناتهم.
ليس اختفاء الشرق الأوسط الذي نعرفه وسورية الحالية حدثاً سعيداً، لأنه قد يكون مقدمة لاختفاء أوروبا الحالية، ببنى عديد من مناطقها الهشة وتناقضاتها المتنوعة، وبالمتاعب التي تعصف بدولها وبلدانها، وبانكشافها أمام ما ستواجهه من إرهابٍ، لن تقوى على مواجهته.