يتسلم أنطونيو كونتي فريقاً أقال 11 مدرّباً خلال 13 سنة فقط، وسيتعامل مع رئيس فريق من الواضح أن لديه معايير مرتفعة جداً. فهو لم يتوانَ عن إقالة مدرّب بعد ستة أشهر من تحقيقه لقب دوري الأبطال للفريق، وآخر بعد ستة أسابيع من إحرازه لقب الدوري الأوروبي.
نتحدّث هنا عن رومان أبراموفيتش، الذي لم يتمكّن مدرّب من فرض سيطرته عليه ولا حتى جوزيه مورينيو، وعن أنطونيو كونتي، المدرّب الذي لم تتمكّن إدارة أي فريق أن تكسر أنفه ولا حتى إدارة فريق مثل يوفنتوس.
عندما أخذت إدارة اليوفي القرار بتعيين أنطونيو كونتي مدرّباً للفريق عام 2011، كان قراراً فيه الكثير من المخاطرة، فهو كان مدرّباً ذا خبرة قليلة، وسمعة شبه سيئة بسبب تجربتين فاشلتين في عالم التدريب.
لكن ما حدث خالف جميع التوقعات وكسر كل المخاوف تحديداً مخاوف الجماهير. فيوفي كونتي اكتسح الجميع، وأصبح فريقاً لا يقهر، ولا يزال حتى اليوم يقطف ثمار قرار آندريا آنييلي الجريء.
مع يوفنتوس، حقّق كونتي ألقابا وأرقاما وسجّل أرقاماً قياسية سيصعب على أحد كسرها، وبعضها يستحيل كسرها.
بعد الخلاف وفضّ الشراكة الغامض مع اليوفي، ومع تعيينه مدرّباً للمنتخب من قبل الاتحاد الإيطالي، رافقت أنطونيو كونتي أيضاً المخاوف والشكوك حول إمكانه تحسين صورة المنتخب المهزوزة في السنوات الأخيرة.
قبل انطلاق اليورو، وبسبب الظروف وسوء الحظ الذي رافق كونتي، شكّك الجميع بل كان شبه أكيد أن أنطونيو سيفشل فشلاً ذريعاً مع المنتخب، وأنه لن يتمكّن من إخراج إيطاليا من ذلك "المستنقع" الذي وقعت فيه مؤخراً، والذي أثّر سلبياً وبشكلٍ كبير على سمعة إيطاليا وتاريخها الكروي العريق.
لكن مجدّداً، فاجأ كونتي الجميع وخالف التوقعات، بل تسبّب بالصدمة للكثيرين، فإيطاليا لم تقدّم أجمل كرة قدم في اليورو وحسب، بل بدت متّحدة متماسكة قويّة مبتكرة وجديدة، فلم يشاهد أحد إيطاليا تقدّم مثل ذلك الأداء منذ سنوات، حتى إن البعض وصف إيطاليا كونتي بأنها الأجمل في تاريخ الأتزوري.
مع فريق متواضع ومليء بالغيابات والإصابات ولا يمتلك النجوم، أخرج أنطونيو كونتي أفضل ما يمكن من تلك المجموعة.
أما الآن، وقبل انطلاق الدوري الإنكليزي، ينتظر الجميع مشاهدة تشلسي كونتي، وبدأ الجمهور والصحافة بطرح التكهنات والأسئلة، هل سنشاهد تشلسي إيطالياً كالذي سبق مع المدرّبين الإيطاليين السابقين؟ هل سنشاهد أسلوب الكاتناتشو الذي اتّسم به البلوز؟ أم هل سنشاهد فريقاً قوياً يصنع اللعب ويضغط على الخصم ويمسك زمام الأمور من بداية المباراة حتى نهايتها كما شاهدنا إيطاليا في اليورو وتحديداً أمام إسبانيا؟
أرقام وإحصائيات وتاريخ أنطونيو كونتي تظهر أنه مدرّب يخلق فريقاً عظيماً، يعمل على المجموعة، ويعتمد على الروح القتالية العالية وليس المهارات الفردية.
لكن على الرغم من نجاح أسلوب كونتي المفضل 3 - 5 - 2 أو أحياناً 5 - 3- 2 مع يوفنتوس والمنتخب الإيطالي، إلا أن هذه الطريقة غير مرغوبة كثيراً في الدوري الإنكليزي وغير معتمدة.
هذا الأسلوب الذي يعتمد على الضغط والهجمات المرتدة والدفاع الصلب والقوي مثل ليوناردو بونوتشي وآندريا بارزاليي وجورجيو كييليني، وخلفهم بالتأكيد العملاق جانلويغي بوفون، الأمر الذي يضع بعض علامات الاستفهام حول إمكان كونتي تنفيذ هذا الأمر مع مدافعين أمثال جون تيري، غاري كاهيل وكورت زوما.
قد يكون لعدم مشاركة تشلسي في أية بطولة أوروبية هذا الموسم الفرصة لكونتي من أجل بناء الفريق القوي والصلب الذي يبحث عنه دائماً.
سيكون موسماً مليئاً بالضغط والتوتر على كونتي وتشلسي دون أدنى شك، فأبراموفيتش لا يرحم وليس مستعداً لتقديم موسم كارثي جديد، وكونتي الذي يكره الفشل يستلم فريقاً كان شبه منهار الموسم الماضي.
لكن كونتي، الذي يشتهر بقوّة شخصيته وحبّه للانضباط والنظام وكرهه للمعارضة، الأمر الذي جعل لاعبي الأتزوري يطلقون عليه لقب "العراب"، سيقف على طرف الملعب يصرخ ويشتم ويفقد أعصابه، وسيجادل الرئيس، والصحافة وحتى اللاعبين لكن كل هذا سيتم نسيانه، إذا ما تمكّن أنطونيو كونتي من إعادة الفريق إلى حيث يجب أن يكون.
لمتابعة الكاتبة
شفاء مراد