أين مليارات وفر الطاقة؟

05 يناير 2016
المواطن المصري لم تستفد من تهاوي أسعار النفط (Getty)
+ الخط -

قبل سنوات كانت مصر تخصص نحو 14.4 مليار دولار سنوياً لاستيراد المنتجات البترولية من بنزين وسولار وغاز ومازوت وغيرها، وبما يعادل 1.2 مليار دولار شهرياً، وزادت قيمة هذه المخصصات المالية بعد أن تحولت مصر من مصدّر للنفط والغاز إلى مستورد لهما، وتوقف بعض شركات النفط والغاز العالمية عن الإنتاج بسبب تراكم المديونيات المستحقة لها على الحكومة.

وقبل 4 سنوات كانت الموازنة العامة للدولة تخصص أكثر من 130 مليار جنيه سنوياً لهذا الغرض، وهو استيراد المنتجات البترولية، ثم تراجع الرقم إلى 103 مليارات جنيه في إطار تعامل الحكومة مع مشكلة عجز الموازنة المزمن وتفاقم أزمة الدين الحكومي الذي تجاوز 2300 مليار جنيه، ثم تراجع الرقم إلى نحو 70 مليار جنيه، وأخيراً استقر الرقم عند 61.7 مليار جنيه في الموازنة الحالية.

واللافت للنظر أنه صاحب خفض الحكومة مخصصات الوقود في موازنة العام الحالي 2015-2016 إجراءات تقشفية شديدة طاولت المواطن العادي، وأرهقته مادياً وزادت معانته المعيشية.

وعلى الرغم من تهاوى أسعار النفط عالمياً ومعها تهاوي أسعار المشتقات البترولية، منذ منتصف العام 2014، والمعونات البترولية الضخمة التي تلقتها مصر منذ 3 يوليو 2013، إلا أن الحكومة قامت بإجراءات عنيفة لم تحدث منذ سنوات، وهي إجراء زيادات كبيرة لأسعار كل مواد الطاقة، ومنها السولار والبنزين والغاز، حيث تم رفع أسعار بعض المشتقات النفطية بنسب وصلت إلى 170%، كما حدث في سعر الغاز الطبيعي للسيارات.

وكان السؤال المطروح، على مدى الثلاثين شهراً الماضية، ولا يزال، هو: أين الوفر المالي الذي حصل في فاتورة استيراد المنتجات البترولية طوال الفترة الماضية، في ظل توافر 3 عوامل، هي فقدان أسعار النفط 60% من قيمتها، وزيادة أسعار الوقود للمواطنين، وتلقي معونات نفطية مجانية من الخليج، قدرت قيمتها بمليارات الدولارات؟ وما هي قيمة هذا الوفر؟ وهل تم توجيهه لأغراض وبنود أخرى في الموازنة الحالية مثل الصحة والتعليم والخبز والإسكان؟ ولماذا لم يستفد المواطن المصري من تهاوي الأسعار عالمياً، في حين استفاد المواطن الغربي والعربي من هذه الانخفاضات؟

كما تزيد حاجة المصريين للإجابة عن هذا السؤال مع ما كشفه وزير البترول، طارق الملا، أمس الاثنين، من أن تراجع أسعار البترول العالمية أدى إلى انخفاض فاتورة استيراد البلاد من المواد البترولية والغاز لتصل إلى 650 مليون دولار شهرياً، مقابل ما بين 850 إلى 900 مليون دولار، وأن فاتورة استيراد المواد البترولية فقط انخفضت إلى 400 مليون مقابل 650 مليون دولار، أي نحو 38.5% شهرياً، أي أنه حدث وفر في مخصصات استيراد المنتجات البترولية والغاز 250 مليون دولار شهرياً و3 مليارات دولار سنوياً.

وسبق لرئيس الوزراء، شريف إسماعيل، أن أعلن في تصريحات سابقة، أن إجمالي دعم المنتجات البترولية انخفض بحوالى 30 مليار جنيه (3.8 مليارات دولار) على مدار العام 2014، ليسجل حوالى 70 مليار جنيه، نتيجة لانخفاض أسعار النفط عالميا.

بل إن وكيل وزارة البترول الأسبق، إبراهيم زهران، قال إن الحكومة المصرية كانت تنفق 60 مليون دولار يومياً لاستيراد مواد بترولية وغاز، وتقلص المبلغ إلى قرابة النصف.

ويزداد هذا الوفر المالي من فاتورة استيراد المشتقات البترولية مع استمرار بعض دول الخليج في تزويد مصر بالبترول المجاني أو على الأقل بيعه بتسهيلات مالية كبيرة، لكن في المقابل لا نرى مردوداً لهذا الوفر على المركز المالي للبلاد، فعجز الموازنة العامة يتصاعد، ولا نرى زيادات أو مخصصات إضافية لبعض بنود الموازنة، خصوصاً المتعلقة بالمواطن الفقير، ولا نرى كذلك قراراً حكومياً بخفض أسعار البنزين والسولار، بل إن الحكومة تلوح من وقت لآخر بتطبيق خطة لرفع أسعار البنزين والسولار والغاز، ورفعت بالفعل أسعار الكهرباء.

وكلنا أو بعضنا يذكر الخطة التي كشف عنها هاني قدري دميان، وزير المالية، منذ شهور حينما قال إن بلاده تعتزم إقرار زيادات جديدة في أسعار الكهرباء وجميع المنتجات البترولية، وفي مقدمتها البنزين والسولار، وذلك في إطار خطة لرفع الدعم عن هذه المواد نهائياً على مدار خمس سنوات.

اقرأ أيضا: السعودية تدعم مصر بـ 3.2 مليارات دولار

المساهمون