أيام رهيبة

27 يوليو 2016
(الشاعر)
+ الخط -

لا أعرف. تسمية المرئي. لا أعرف قول العالم الأشجار الرياح والعواصف وجمالها. لا أعرف العنف ولا أين وكيف يبدأ الجسد. وينتهي.

تائهين على هامش. أرض الموتى. كأننا ممددين في صمت ناطق حيث الكلمات ليست سوى قبور وتوابيت. لكنها توابيت وديعة لإنذار الأشياء الصارم. الكراهية لا تخصّنا ونحن نعرف كيف نسقط بأناقة. لماذا إذن نقتفي آثار المنتهي؟ ومع ذلك إذا دخلنا الواقع عنوة، فأزرق الأثير الحرون المدرار عبارة عن دوخة تسريع عمودي عندما يتوارى ويخف.

الرغبة شائكة متوحشة ورعة في وهج الذكريات. الرغبة شائكة وحنونة لا يسد عينها. ونحن لا يغمرنا التراب ولا نمشي أبدا في نبض النور. لا نراوغ، ولا نلجأ إلى عجالة المساء. ليس ثمة صوت على بضعة أمتار لاصطياد الغياب.

أن نقول هذا. أن نقول ما يرتعش سقيما ورغم التنافر يستعيد بصمة الأيام على الوجه. إيضاحها في الليل الصاعق لما يقع دوما في ما وراء اللغة و سطوتها.

الوحوش وحدها تعرف الفرحة الممتلئة. والوقوف في نور النهار ومع ذلك تعجز عن الكلام. لكن نظرتها وحدها أحيانا تكفي. للمطالبة بفداحة الكارثة القادمة وصمتها ثقل أليم يفرض نفسه كصوتٍ، جرحٍ، صخبٍ ضائع في جنون حقير لحاضر بائد إلى الأبد.

أحيانا، حينما يبرعم عوزنا وحروقنا الصغيرة على الجبهة غضباً ويصبح كل شيء وسخاً يتراجع النفس نبقى جامدين في محنة مترددين على عتبة حكاية مستحيلة. كيف نرقعها إذن كيف نعيد خياطة جرح الوقائع ونقف متوازنين خارج السماء الهائلة فجأة. في نشوة السماء وتلاشيها. ربما.


* Christophe Manon، شاعر فرنسي من مواليد 1971، من أعماله: "قصائد"، 2009، "الذي يحيا" 2010، "وصية- حسب فرنسوا فيون"، 2011، "كاش-كاش"، 2012، "قصيّ وساطع"، 2015، و"موجة الزمن اللامحسوس ما فتئت تسيل"، و"غيمة"، 2016.

** ترجمة عن الفرنسية: جلال الحكماوي وتنشر بالتعاون مع "إلكترون حر"



المساهمون