الحفل الغنائي الفلكلوري الذي أحيته فرقة "نايا" الموسيقية الأردنية في دار الأوبرا المصريّة مطلع هذا الشهر، أكدّ أن الفكرة الفريدة التي تبنتها دكتورة الموسيقى الأردنية رولا جرادات بإطلاق فرقة غنائية موسيقية "نسائية" كانت رهاناً ناجحاً كسبته مع ظهور الفرقة الأول على خشبة مسرح المركز الثقافي الملكي في العاصمة الأردنية عمان.
وبرعاية وتشجيع من وزير الثقافة آنذاك الشاعر جريس سماوي، إذ كشف الحفل عن طاقات إبداعية تزداد حرفيتها، سواء على صعيد الغناء أو على صعيد العزف والتكنيك الموسيقي أمام الحضور الكبير الذين طربوا على أغنيات الفرقة وغصّت بهم مقاعد مسرح دار الأوبرا. إذ جاؤوا ليكشتفوا سرّ فرقة موسيقية أردنية تتألف من النساء فقط!
مؤسِّسة الفرقة ورئيستها رولا جرادات بينت لـ "العربي الجديد" أن مشروع "نايا"، هو: "مشروع فني إنساني نسائي"، يغطي مساحات موسيقية من التراث العربي الذي يُقدّم بإسلوب بسيط وحرفي. مضيفة: "ليس هدفنا تحدّي الرجل كما قد يعتقد بعضهم"، مؤكدة أن الرجل أبدى دعماً وتأييداً للفرقة، بدءاً من وزير الثقافة الأردني السابق جريس سماوي إلى أشخاص آخرين، ومشيرة إلى أن الفكرة تأتي بهدف "تمكين المرأة موسيقياً في المجتمع، ولتكون فعلاً حاضرة في المجالات كافة".
وتؤكد جرادات أن فكرة تأنيث "نايا" لا تقوم على تحدي الرّجل، لكنها تتحدّى الصورة النمطية التي ألفها الجمهور العربي عن الفرق الغنائية الموسيقية أو "مطرب السولو"، والذي عادة ما يكون رجلاً يغني ووراءه فرقة تصطف بجنسيها الذكوري والأنثوي.
وفكرة إنشاء فرقة موسيقية نسائية، حلم راود جرادات منذ سنوات طويلة، وحاولت تحقيقه، واقترحت الأمر على أكثر من وزير ثقافة أردني في السابق، إلا أن الفكرة لم تلق دعماً حينها، وفق جرادات. وفي فترة بحثها عن العازفات، توضح جرادات أنها التقت الكثير، إذ التقت بعشرين فتاة، إلى أن استقر أمر الفرقة على اثنتي عشرة عازفة وموسيقية حالياً.
أما عن اسم الفرقة، فله معانٍ متعددة في أكثر من لغة، ففي اللغة العربية "ناي" مؤنث آلة الناي، وفي اللغة الآرامية تعني الغزال، وفي اللغة اليونانية تعني "الجديدة"، أما في اللغة الهندية فتعني "الرئيسة والقائدة".
جرادات تجد أهمية في التعاون مع الجمعيات والاتحادات المعنية بالمرأة وقضاياها في مختلف أنحاء الوطن العربي والعالم، مشيرة إلى أن من أهداف الفرقة أيضاً "خدمة قضايا المرأة"، متأملة خيراً في استمرارية الفرقة ومشاركتها في فعاليات ومهرجانات سواء في الأردن أو خارجه. وهذا ما سيتحقق قريباً في ظهور الفرقة لأوّل مرّة في شهر أبريل/نيسان المقبل على خشبة مسرح دار الأوبرا السلطانية في العاصمة العمانية مسقط.
تضيف جرادات: "الرسالة التي نريد إيصالها، هي أن المرأة المبدعة لها دور رئيس في حركة التنمية الثقافية وكسر الحاجز القائم على تقسيم العمل وثقافة العيب، مؤكدة أن من مهام الفعل الثقافي كسر هذا الحاجز، لأن المجتمع الأردني منفتح وحر، وأعطى المرأة منذ بدايات التأسيس حقها في مشاركة الرجل في مناحي الحياة كافة، موضحة أن المرأة العازفة والفنانة والأديبة كانت حاضرة في التاريخ الأردني منذ القدم".
المتابع لحفلات "نايا" موسيقياً.. يجد أن الفرقة بتختها الشرقي، تجول في التراث الموسيقي العربي بأسلوب خاص بها، وتقدم قوالب الغناء والموسيقى الشرقية، لتنهل من التراث الموسيقي العربي وتقدمه لنا بروح حرة. فمنذ اللحظة الأولى أعلنت الفرقة هوية خاصة بها، من دون محاولة التقليد في الأداء أو الشكل، ومن دون أي تكلف تقف الفرقة على المسرح، ببساطة لا تحمل معها سوى الفن الراقي الذي ينساب رقراقاً في آذان المستمعين.