غداة الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات قرب حمص، برز تناقض في تصريحات المسؤولين الأميركيين، حول أولويات واشنطن في سورية، بين من يؤكد أنّ الأولوية هي هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ومن يشدد على أولوية إزاحة رئيس النظام بشار الأسد.
فقد أكد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أنّ "الأولوية الأولى (للولايات المتحدة في سورية) هي هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية"، حتى قبل أن يتحقق الاستقرار في البلاد.
وقال تيلرسون، عبر برنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي إس" التلفزيونية، بحسب مقتطفات من المقابلة نشرت مساء السبت، إنّ "التغلّب على تنظيم الدولة الإسلامية واستئصال الخلافة التي أعلنها، سيقضيان على تهديد لا يطاول الولايات المتحدة فحسب، بل يطاول الاستقرار في المنطقة بكاملها".
وأضاف تيلرسون، في المقابلة التي ستُنشر كاملة الأحد، وفق ما أوردت "فرانس برس"، أنّ "من المهم أن تبقى أولوياتنا واضحة. ونعتقد أنّ أولى الأولويات هي هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية".
وتابع "بعد الحدّ من تهديد تنظيم الدولة الإسلامية أو القضاء عليه، أعتقد أنّه يمكننا وقتها تحويل اهتمامنا في شكل مباشر نحو تحقيق الاستقرار في سورية".
وأمل أن "نتمكّن من منع استمرار الحرب الأهلية (في البلاد)، وأن نستطيع جعل الأطراف يجلسون إلى الطاولة لبدء عملية المناقشات السياسية"، بحسب قوله.
وفي هذا الصدد، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنّ مناقشات كهذه ستتطلب مشاركة رئيس النظام السوري بشار الأسد وحلفائه، لكنه ركّز على موسكو، وسط توتر يسود العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.
وقال "نأمل أن تختار روسيا تأدية دور بنّاء من خلال دعم وقف إطلاق النار عبر مفاوضاتها في أستانة، ولكن أيضاً في جنيف"، في إطار المفاوضات التي تتم برعاية الأمم المتحدة.
وأوضح الوزير الاميركي "إذا تمكّنا من تطبيق (اتفاقات) لوقف إطلاق النار في مناطق لإحلال الاستقرار في سورية (...) نأمل في أن نتوصّل إلى الشروط اللازمة لبدء حوار سياسي مفيد".
وفي المقابلة، التي تنشر اليوم الأحد، أكد تيلرسون أيضاً، أنّه لا يخشى من ردٍّ "انتقامي" روسي بعد الضربة الأميركية، صباح الجمعة، على القاعدة التي انطلقت منها الطائرات السورية التي شنّت الهجوم على خان شيخون، في ريف إدلب.
وقال إنّ "الروس لم يكونوا مستهدَفين بتلك الضربة. كان الأمر يتعلّق بضربة دقيقة جداً ومتكافئة جداً ومتعمّدة، ردّاً على هجوم كيميائي، وروسيا لم تكن مستهدفة إطلاقاً في هذه الضربة".
واستهدفت الولايات المتحدة الأميركية، فجر الجمعة، بعشرات الصواريخ بعيدة المدى انطلقت من مدمرتين أميركيتين شرق البحر المتوسط، قاعدة الشعيرات (طياس) العسكرية، جنوب شرق مدينة حمص، وسط سورية.
وأتى ذلك بعيد القصف الكيميائي الذي نفّذته طائرة حربية تابعة للنظام السوري، صباح الثلاثاء، في مدينة خان شيخون بريف إدلب شمالي البلاد، أدى إلى مقتل نحو 150، في إحصائية غير رسمية، فيما تجاوز عدد المصابين 300، بينهم حالات حرجة.
أمّا السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، فقالت إنّها ترى أنّ تغيير النظام في سورية، إحدى أولويات إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وقالت هالي، في مقابلة مع برنامج "ستيت أوف ذا يونيون" تبثها كاملة شبكة "سي إن إن"، اليوم الأحد، وفق ما أوردت "رويترز"، إنّ أولويات واشنطن "هي هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، والتخلّص من النفوذ الإيراني في سورية، وإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد"، مشددة على أنّه "لا نرى سورية سلمية مع وجود الأسد".
وخلال زيارته العاصمة التركية أنقرة، في 30 مارس/ آذار الماضي، كان تيلرسون قد قال، إنّ "الشعب السوري سيقرّر مستقبل الرئيس بشار الأسد"، مضيفاً أنّ "وضع الرئيس الأسد على المدى البعيد سيقرّره الشعب السوري".
وتوقّف مراقبون في واشنطن، عند تصريحات وزير الخارجية الأميركي تلك، بين من رأى فيها تحوّلاً جذريّاً في السياسة الخارجية الأميركية تجاه المسألة السورية، وإمكانية قبول واشنطن بدور ما لبشار الأسد في إطار تسوية سياسية محتملة في سورية، الأمر الذي ترفضه المعارضة.
وبين من فضّل عدم الذهاب بعيداً في قراءة دلالات ومؤشرات استراتيجية في كلامه، والذي لم يخرج عن الخطّ العام للموقف الأميركي التقليدي، رغم تعارضه الواضح مع توجهات الإدارة الأميركية السابقة واستراتيجيتها في سورية.