أولاف شولز... وزير المالية الألماني الذي رفعت الجائحة مكانته السياسية

28 اغسطس 2020
وزير المالية الألماني أولاف شولز (Getty)
+ الخط -

كان يوم العاشر من أغسطس/ آب الماضي، يوماً خاصاً، في مسار أولاف شولز، نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير المالية. فقد اختاره، رسمياً، مرشحو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كي يتنافس على منصب المستشارية خلفاً لميركل في خريف 2021. لم يفاجئ اختيار شولز المراقبين، فقد أضحى الشخصية الأكثر تقديراً من قبل الألمان في الفترة الأخيرة، حيث يعتبر شولز ثالث شخصية سياسية ألمانية مفضلة عند المواطنين هناك، إضافة إلى ميركل التي لن تنافس على هذا المنصب في العام المقبل، والوزير رئيس منطقة بافاريا ماركوس سودر.

لم يكن شولز يحظى بالإجماع داخل حزبه كي يتولى المستشارية، فلم يتمكن هذا السياسي الذي يمثل خطاً وسطياً في الحزب من الفوز برئاسة الحزب، حيث هزمه ثنائي يتموقع أكثر يساراً.

غير أن الثنائي ساسكيا إيسكن ونوربيرت والتر بوريانز، الذي يتولى قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، أضحى يشيد به اليوم، ما دام أصبح شخصية لا يمكن الالتفاف عليها. أخفق قبل عام في تولي قيادة الحزب، حيث رفضته قواعده التي كانت تبحث عن نفَس يساري في مواجهة تحالف يميني ينهج سياسة مالية صارمة، غير أن التوسع في الإنفاق بعد الجائحة أعاد بعض الحظوة لأولاف في حزبه دون أن يصبح أيقونة الجناح اليساري في الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

ذهب مراقبون إلى أن اختياره من أجل المنافسة على المستشارية، لم يكن مفاجئاً، فهم لا يتوافرون على منافس موثوق في حزبهم، على اعتبار أن شولز هو الوحيد الذي يتوافر على تجربة حكومية على الصعيد الوطني، حيث تولى حقيبة الشؤون الاجتماعية بين 2005 و2009، قبل أن يصبح وزيراً للمالية قبل عام ونصف. غير أن الأزمة الحالية أتاحت لشولز، الذي كان عمدة لهامبورغ لمدة سبعة أعوام، إبراز مزايا قيادية يقدّرها الألمان كثيراً، هو الذي حرص، قبل الظرفية الحالية على التشبث بالصرامة المالية، حيث سار على نهج وزير المالية السابق، وولفغونغ شوبله، غير أن الفيروس زعزع الكثير من القناعات المالية والموازنية في ألمانيا.

لقد أضحى شولز يدين بالحظوة التي أصبح يتمتع بها في حزبه ولدى قطاع من الألمان، لمقاربته في معالجة التداعيات المالية للأزمة الصحية، التي دفعته إلى مقدمة العمل الحكومي، فهذا الوزير الذي دافع دائماً عن سياسة مالية وموازنية متقشفة، تولى عملية قيادة أهم مخطط إنعاش اقتصادي في بلده.

يعتبر الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أن خطة الإنعاش الاقتصادي الأوروبية تحمل بصمة أولاف، فقد صرّح ونوبرت والتر بوريانز، المسؤول الحزبي، بأن الجمهورية الألمانية بينت عن قدرتها على مواجهة الأزمات، والفصل يعود لشولز قبل أن يضيف "القدرة على تدبير الأزمات مهمة بالنسبة إلى مرشح للمستشارية".

وقد أعلن شولز قبل أيام توجه بلده نحو الاقتراض في العام المقبل، حيث لن تمتثل ألمانيا لقاعدة الحد من الاقتراض، التي كرست في الدستور منذ 2011، والتي تمنع الحكومة الفيدرالية من اقتراض أكثر من 0.35 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وتستثنى من ذلك الظروف الاستثنائية، حيث يعمد إلى الاقتراض باتفاق مع البرلمان.

ويعتبر المراقبون أن أولاف شولز يمكنه الاعتماد على دعم المستشار الأسبق غيرهارد شرويدر، الذي طبق سلسلة الإصلاحات، ذات النفس النيوليبرالي، التي كانت قد حرمت الحزب الاشتراكي الديمقراطي قاعدته. يتساءل مراقبون عما إذا كان هذا الوزير الكفوء والمتقشف قادراً على الدفع بحزبه في سباق التصويت الذي لا يتعدى 15 في المائة، بعيداً عن الاتحاد المسيحي - الديمقراطي والخضر.

يبدو أولاف شولز مقتنعاً بقدرته على تجاوز ذلك السقف، حيث يرنو إلى بلوغ 20 في المائة. ذلك سقف لم يتمكن مرشحون سابقون عن الحزب من تحقيقه. وقد لاحظت صحيفة فرانكفورتر، أن شولز كان دائماً قريباً من ميركل في نظر الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهذا يمكن أن يلعب لمصلحته. فهل يعيد شولز الاشتراكيين إلى المستشارية بعدما أبعدتهم الإصلاحات النيوليبرالية للمستشار السابق غيرهارد شرويدر؟

المساهمون