أوكرانيا تطلب حماية "الأطلسي" وروسيا تحرك أسطولها البحري

02 مارس 2014
تصاعد التوتر في أوكرانيا
+ الخط -

دخلت المواجهة في أوكرانيا مرحلة جديدة من التصعيد، بعدما أعلن الجيش الأوكراني حالة الطوارئ القصوى في صفوف قواته، وبرزت دعوات للتعبئة العامة في أعقاب موافقة مجلس الإتحاد الفدرالي الروسي على استخدام القوة في شبه جزيرة القرم.

وتمثلت أحدث مؤشرات التصعيد في نقل وكالة "نوفوستي" للأنباء عن مصادر مطلعة قولها إن روسيا ستعلن الرئيس الأوكراني المعين، ألكسندر تورتشينوف، مجرم حرب في حال إستخدامه القوة في جنوب شرق أوكرانيا. وتزامن ذلك، مع ارسال روسيا سفينتين مضادتين للغواصات إلى قبالة ساحل منطقة القرم الأوكرانية، في تحرك عسكري جديد لموسكو التي نشرت قوات تابعة لها بالمنطقة.

ونقلت وكالة "إنترفاكس" للأنباء عن مصدر عسكري أوكراني قوله: إن السفينتين ظهرتا قبالة ساحل منطقة القرم الأوكرانية في انتهاك للاتفاقية التي تنظم تأجير موسكو للقاعدة البحرية.

في المقابل، ردت أوكرانيا باعلان وضع الجيش في حالة استنفار، بعدما كان الرئيس الأوكراني بالوكالة، الكسندر تورتشينوف، دعا قادة الإجهزة الأمنية الى اجتماع طارئ.

كذلك أعلن وزير الخارجية الأوكراني، سيرغي ديشتشيريتسيا، أن بلاده طلبت من حلف شمال الأطلسي النظر في كل السبل الممكنة للمساعدة في حماية وحدة أراضيها. كما دعت أوكرانيا أيضاً مجلس الأمن الدولي لوقف العدوان الروسي على أراضيها. من جهته، دعا حلف شمال الأطلسي سفراءه لاجتماع عاجل الأحد، لبحث الأزمة الأوكرانية.

وجاء ذلك بعدما توتر الوضع طوال ساعات يوم السبت، وبلغ ذروته بطلب أحد أبرز القادة السياسيين الأوكرانيين، فيتالي كليتشكو، من البرلمان الأوكراني بإعلان "التعبئة العامة" في مواجهة ما اعتبره "عدواناً روسياً" ضد أوكرانيا. وقال كليتشكو في بيان: "على البرلمان أن يطلب من قائد الجيش إعلان التعبئة العامة بعد بدء العدوان الروسي على أوكرانيا"، داعياً أيضاً إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي.

وجاءت هذه الدعوات رداً على القرار الروسي باستخدام القوة العسكرية في القرم وبعد ساعات من اتهام وزير الدفاع الأوكراني موسكو بإرسال ستة آلاف جندي إضافي إلى الأراضي الأوكرانية، وذلك على الرغم من تأكيد رئيس الوزراء الأوكراني بالوكالة، أولكسندر تورتشينوف، على رفض بلاده الرد عسكرياً على "الاستفزاز" الروسي.

ورغم هذا التصعيد أفيد عن اتصال وزير الدفاع الأوكراني، ايغور بنيوك، بنظيره الروسي سيرغي شويغو، من دون إعطاء أي تفاصيل حول ما جرى خلال الاتصال.

كما أفادت وكالة الأنباء الأوكرانية بأن رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة، زعيمة حزب "باتكيفشينا" (الوطن، يوليا تيموشينكو، قد تزور موسكو يوم الاثنين المقبل الموافق 3 مارس/آذار لبحث سبل تسوية الوضع في شبه جزيرة القرم.

روسيا تطئمن

وسبق التصعيد المسائي، محاولة روسيا، تهدئة المخاوف من أثار اعلانها عن موافقة مجلس الاتحاد الفدرالي الروسي على التدخل العسكري في القرم، اذ أعلن مفوض الرئيس الروسي، نائب وزير الخارجية الروسي، غريغوري كاراسين، أن موافقة المجلس على استخدام القوات المسلحة الروسية في اوكرانيا لا يعني تنفيذها فوراً. واشار الى عدم تحديد عدد القوات الروسية التي من الممكن ارسالها الى شبه جزيرة القرم، منوهاً بأنه "لا يوجد حديث عن ذلك بعد، اذ يجب فهم بشكل صحيح، اولا طلب الرئيس، وثانيا الموافقة التي اعطاها مجلس الاتحاد".

وكان مجلس الاتحاد الروسي وافق على طلب تقدم به الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدخول قوات روسية في أراضي أوكرانيا، بعدما قدم بوتين، اليوم السبت، طلباً إلى مجلس حكام المناطق الروسية (مجلس الشيوخ) في البرلمان، يطلب منه الموافقة على استخدام قوات روسية في أوكرانيا.

ونقل الكرملين عن بوتين قوله في الطلب "في ما يتعلق بالوضع الاستثنائي في أوكرانيا والتهديد الذي يطال حياة المواطنين الروس، أتقدم إلى مجلس حكام المناطق الروسية بطلب لاستخدام قوات الاتحاد الروسي المسلحة على الأراضي الأوكرانية إلى حين عودة الوضع السياسي في هذا البلد إلى طبيعته".

وفي وقت سابق، طلب رئيس مجلس النواب الروسي، سيرغي ناريشكين، اليوم السبت، من بوتين "حماية" سكان القرم، "بكل الوسائل" من "التعسف والعنف".

وبعد أقل من أربعة وعشرين ساعة من وعيد الرئيس الأميركي باراك أوباما لروسيا بدفع الثمن في حال التدخل في القرم، سيطرت القوات الروسية على ثاني مطار عسكري فيها.

ونقلت "إنترفاكس" عن مصدر عسكري أوكراني قوله إن "قوات روسية سيطرت على ثاني مطار عسكري في شبه الجزيرة. وقد أعلن مطار سيمفروبول عن إغلاق المجال الجوي وإلغاء الرحلات".

بدوره، أكد متحدث باسم أسطول البحر الأسود الروسي لوكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء، توصل قادته إلى اتفاق مع سلطات جمهورية القرم بشأن التعاون في حماية المواقع التابعة للأسطول.

كذلك، نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء عن مصدر بالجيش الأوكراني قوله إن القوات الروسية تحاول السبت السيطرة على قاعدة للصواريخ المضادة للطائرة في منطقة القرم الأوكرانية.

ولا يزال عشرات المسلحين برشاشات الكلاشنكوف يسيطرون على محيط برلمان القرم في سيمفروبول، وهم ملثمون يرتدون الزي العسكري، لكن دون علامة تسمح بتحديد هويتهم. وكانت مجموعة كومندوس موالية للروس سيطرت الخميس الماضي على البرلمان لكنها لم تكن مرئية في الخارج.

وكانت وسائل إعلام روسية قد نقلت في وقت سابق عن وزارة الخارجية الأوكرانية إعلانها في بيان أنها أرسلت مذكرة احتجاج إلى روسيا بسبب خرق المجال الجوي الأوكراني وانتهاك السيادة الأوكرانية، وعدم التقيّد بالاتفاقية الموقعة في 28 مايو/ أيار 1997. غير أن سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، نفى الاتهامات الأوكرانية لبلاده بالتدخل العسكري في شبه جزيرة القرم.

وتزامنت هذه التطورات مع تظاهر الآلاف في دونيتسك، معقل الرئيس الاوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش، في شرق أوكرانيا، ضد السلطات الجديدة في كييف، وهم يرفعون الأعلام الروسية، وهتف المتظاهرون "روسيا، روسيا!"، بينما كان خطباء يعلنون من على منبر أقيم على عجل، أنهم يدعمون "تطلع القرم للانضمام إلى روسيا".

تحذيرات دولية لموسكو

وعلى وقع التصعيد بين أوكرانيا وموسكو، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة جديدة لبحث تطورات الأزمة، فيما طلبت أوكرانيا من مجلس الأمن المساعدة في حماية وحدة أراضيها.

من جهتها، رأت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن،ﺳــﻤﺎﻧﺜﺎ ﺑﺎﻭﺭﺯ، أن "الوضع الأوكراني يؤدي إلى زعزعة الاستقرار ونحن نتخوق من قرار تدخل روسيا في أوكرانيا".

وأكدت وجوب نشر المراقبين الدوليين في أوكرانيا، وقالت: "نريد ان نرى تحسن الوضع وحواراً سلمياً بين جميع الفرقاء في أوكرانيا".

وترافق ذلك مع تحذيرات دولية لروسيا. وأعاد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، التأكيد في وقت مـتأخر السبت، أن أي تدخل عسكري روسي في أوكرانيا سيؤدي إلى زعزعة الوضع.

وأعلن مسؤول أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية، أن أوباما قد يعدل عن المشاركة في قمة مجموعة الثماني المقررة في يونيو/حزيران في منتجع سوتشي بروسيا اذا تأكد أن موسكو ارسلت قوات الى اوكرانيا، في اطار "الاثمان" التي سيتعين على روسيا دفعها اذا تدخلت عسكرياً في اوكرانيا. وأضاف: رؤساء دول وحكومات أوروبية قد يقاطعون أيضاً القمة وأن هذا الامر هو مدار بحث الان.

وعلى الصعيد الاقتصادي، حذّر المسؤول نفسه من أن جزءاً من "الاثمان" التي تحدث عنها اوباما قد يكون تعليق المفاوضات التجارية مع موسكو وفقدان الثقة بالعملة الروسية.

وكان البيت الأبيض استبق التصعيد الروسي عبر تأكيد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على التمسك بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، مؤكداً أن أي تدخل من هذا القبيل سيكون له "ثمن".

وهو ما أثار غضب المسؤولين الروس، اذ طلب نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي يوري فوروبيوف، في كلمة ألقاها قبل التصويت على قرار السماح القوات الروسية في القرم، بسحب السفير الروسي من واشنطن، معتبراً أن خطاب أوباما ينطوي على "إهانة لشعب روسيا".

من جهتها، عبّرت فرنسا وألمانيا، اليوم السبت، عن قلقهما من الوضع في منطقة القرم بعد معلومات عن تحركات للقوات الروسية، واكدتا على حماية "وحدة وسلامة أراضي" أوكرانيا.

المساهمون