أوسيتيا الجنوبية تضع نفسها تحت تصرف روسيا

02 يناير 2015
روسيا اعترفت بأوسيتيا الجنوبية عام 2008 (فرانس برس)
+ الخط -

تتوّج روسيا الاتحادية وأوسيتيا الجنوبية مسيرة التقارب بينهما، المستمرة منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن جورجيا في العام 1990، مروراً باعتراف موسكو الرسمي بها عام 2008، عبر صيغة دمج مؤسسات القوة الأوسيتية الخاصة بنظيراتها الروسية، لتصبح قوى الأمن الداخلي والاستخبارات والجيش والجمارك جزءاً من القوات الفيدرالية الروسية.

اتفاقية على الأبواب

الاتفاقية الجديدة بين أوسيتيا الجنوبية وروسيا الفيدرالية، سيتم توقيعها في فبراير/شباط من العام 2015، كما نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية عن رئيس جمهورية أوسيتيا الجنوبية ليونيد تيبيلوف.

ووفقاً لتيبيلوف، فإن هذه الاتفاقية أُعدت على أساس اتفاقية الصداقة والتعاون المتبادل التي أُبرمت بين الطرفين في سبتمبر/أيلول من العام 2008، أي بعد ما سُمي بالحرب الجورجية أو حرب القوقاز التي ساندت فيها القوات الروسية، تسخينفالي الانفصالية (عاصمة أوسيتيا الجنوبية) في صد هجوم القوات الجورجية عليها.

وأضاف تيبيلوف أن الاتفاقية ينبغي ألا تغيّر في بنية الدولة ودستور البلاد، إلا أنها هامة بالنسبة لأوسيتيا الجنوبية، من زاوية الأمن وحل المسائل الاقتصادية والاجتماعية، ورفع مستوى معيشة السكان.

ومن أهم عناصر الاتفاقية الجديدة تسليم بعض صلاحيات مؤسسات القوة الأوسيتية (الجيش وقوات الأمن الداخلي والاستخبارات) لنظيرتها الروسية. ومن غير المعلوم بعد في أي صيغة سيتم ذلك، إلا أن الرئيس الأوسيتي أكد أن هذه الاتفاقية ستصب ضمن صيغتها التشريعية القانونية في مصلحة أوسيتيا الجنوبية وروسيا الاتحادية، مع التركيز على أن مواطني أوسيتيا الجنوبية سيؤدون خدمتهم الإلزامية وخدمتهم التعاقدية مع وحدات الجيش الأوسيتي حصراً على أراضي الجمهورية.

وتنصّ الاتفاقية الجديدة على أن تصبح قوات الأمن الداخلي وأقسام التحقيق الأوسيتية الجنوبية المسؤولة عن مكافحة الاتجار بالمخدرات وكذلك جهاز القضاء التنفيذي وإداراته، جزءاً من نظيرتها الروسية، ما يعني أنها ستكون بمثابة فروع تابعة لها.

أمّا المعابر على الحدود والمخافر الجمركية بين البلدين، فمن المقرر إلغاؤها وفقاً للاتفاقية الجديدة، ليصبح تنقّل السكان والبضائع حراً تماماً بين البلدين. وتمت الإشارة في السياق إلى أن مؤسسة الجمارك الأوسيتية الجنوبية ستندمج مع نظيرتها الروسية، مع تحويل الرسوم الجمركية الخاصة بأوسيتيا الجنوبية إلى الخزينة الأوسيتية. كما أن رواتب الموظفين الحكوميين والرواتب التقاعدية والأجور سيتم رفعها لتعادل نظيرتها في دائرة القوقاز الشمالية الروسية.

وبذلك تتحوّل أوسيتيا الجنوبية عملياً إلى جزء من روسيا الفيدرالية من دون الإعلان رسمياً عن ضمها، علماً بأن موسكو اعترفت باستقلال تسخينفالي عن تبيلسي في العام 2008، وأعقب اعترافها الرسمي باستقلال أوسيتيا الجنوبية اعتراف نيكاراغوا وفنزويلا بها.

بوتين ليس عدواً

مع أن اتفاقية دمج مؤسسات القوة الأوسيتية الجنوبية مع نظيرتها الروسية، وبالتالي انتقالها إلى الإدارة الروسية المباشرة، تأتي تتويجاً لمسيرة تكاملية بين هذا الإقليم الذي كان يتبع جورجيا في الزمن السوفييتي، وروسيا الفيدرالية، إلا أنها تشكّل من جهة أخرى، استجابة لسعي تبيلسي المعلن إلى الانضمام لحلف شمال الأطلسي. أما رسائل تبيلسي إلى موسكو بإمكانية إعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين، فلا تبدو أكثر من ورقة للاستهلاك في الصراعات السياسية الداخلية.

ففي سياق رغبة تبيلسي المعلنة في إحياء علاقاتها مع موسكو، أعلن الرئيس الجورجي غيورغي مارغفيلاشفيلي استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين. لكن رغبته جاءت مشروطة مما يلغي إمكانية تحقيقها واقعياً، إذ إن الشرط الذي وضعه الرئيس الجورجي هو أن يدور الحديث عن استعادة وحدة الأراضي الجورجية، أي عن إعادة أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا إلى السيادة الجورجية، الأمر الذي يُعتبر غير قابل للنقاش من وجهة نظر هذين الإقليمين، كما من وجهة نظر موسكو الداعمة لهما.

وقال مستشار الرئيس الجورجي لشؤون السياسة الخارجية، تينيز نخالادزه، في السادس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الحالي، إن "الرئيس (الجورجي) مستعد للقاء أيّ كان إذا ما كان الحديث سيدور حول استعادة وحدة الأراضي" الجورجية. وأضاف أن "الرئيس عبّر أكثر من مرة عن رغبته تلك، إلا أنه ليس هناك خطة للقاء في الوقت الحاضر".

وبالتالي، فعلى ضوء خطوات الاندماج بين أوسيتيا الجنوبية وروسيا، يصعب توقّع أن يتم مثل هذا اللقاء المشروط.

فيما أعلنت نينو بورجانادزه، زعيمة "حزب اتحاد الحركات الديمقراطي" ورئيسة البرلمان السابقة في عهد الرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي، أن بوتين "ليس عدواً لجورجيا"، مضيفة "التقيته وخضت معه نقاشات أكثر من مرة، وهو يقوم بما يخدم مصالح دولته"، كما نقلت وكالة "أنباء جورجيا" عنها.

وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي غاريباشفيلي، إن سؤال الصحافيين عما إذا كان بوتين عدواً لجورجيا سؤال استفزازي. ويشار، في هذا الإطار، إلى أن حكومة تبيلسي الحالية تنأى بنفسها بوضوح عن الصراع الأوكراني، وذلك ما يسهّل تواصلها مع موسكو على الرغم من دعم الأخيرة للأقاليم الجورجية الانفصالية.

المساهمون