أوروبا تعود إلى صيانة رصيدها المعماري في تونس

23 أكتوبر 2019
إحياء المراكز العمرانية القديمة (هيئة المعماريين التونسيين)
+ الخط -

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى صون مدنه في تونس وحماية الرصيد المعماري الذي خلّفته حقبة الاحتلال من التلاشي، وذلك عبر مساعدات مالية وعد بتقديمها للحكومة التونسية بقيمة 20 مليون دينار ستخصص لتمويل برنامج إحياء المراكز العمرانية القديمة.

ووقّعت وزارة التنمية والاستثمار التونسية والبنك الأوروبي للتنمية، مؤخراً، على اتفاقية قالت الجهات الحكومية إنها ستمكن من تدخّل مخصص لإعادة تأهيل المراكز الحيوية القديمة في تونس (البلدات القديمة والأحياء الأوروبية القديمة وغيرها)، وتسهيل مواكبة هذه المناطق الحضرية للتطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فيه.

ويأتي التدخل الأوروبي لصون رصيد معماري قديم يعود إلى فترة الحماية الفرنسية، وفي وقت تشهد فيه جل الأحياء والبنايات تصدعا وصل حد الاهتراء وتهديد حياة السكان وحتى المارة في الطرقات، نتيجة تساقط أجزاء من المباني والشرفات التي تعود ملكية أغلبيتها إلى الأجانب أو الرصيد العقاري للدولة.

ولا تزال أحياء كثيرة في قلب العاصمة تحمل أسماءها الأوروبية وتمثل الشريان الحي للحركة التجارية والثقافية، علي غرار حي "لافايات" و"نهج مرسيليا "وبور دي فرونس"( الميناء الفرنسي) وحي "سيسيليا" بحلق الوادي وغيرها من الأحياء القديمة التي تضم مركبات تجارية ومطاعم وحتى مقرات للسفارات الأوروبية، من بينها سفارة فرنسا.

ويهدد تلاشي الأحياء الأوروبية القديمة المشهد العام في مدن تونسية والعاصمة خاصة بفقدان جزء كبير من رونقها، لا سيما أن جل هذه البنايات تتميز بطابع معماري عتيق ومتفرد، فيما يكشف الحرص الأوروبي على صيانة المباني والأحياء على تثبيت مرورها الاستعماري في تونس، إذ تبقى المباني أحسن شاهد على تلك الفترة بكل ما تحمله من معانٍ.

ويقول عضو هيئة المهندسين المعماريين التونسيين، أيمن زريبة، إن المدن والأحياء الأوروبية الشاهدة على مرور الإيطاليين والفرنسيين في تونس تتميز "بتحف" معمارية مهددة بالاندثار نتيجة التأخر في تجديد هذه المباني المهترئة من دون المحافظة على خصائصها المعمارية المميزة.

صيانة المباني القديمة (هيئة المعماريين التونسيين)

ويوضح زريبة أن تدخل الاتحاد الأوروبي لمساعدة تونس على صيانة المدن الأوروبية والأحياء القديمة التي استوطن فيها الفرنسيون يحفظ جزءاً من الذاكرة التونسية والرصيد المعماري للبلاد، لافتا إلى أن هذه الأشكال المعمارية والبنايات تمثل مصدر إلهام كبير للمعماريين وتدرس في أكبر كليات الهندسة المعمارية.

وأضاف عضو هيئة المعماريين، أن وكالة التراث التونسية لا تملك الإمكانيات الكافية للتدخل في هذه المدن التي تحتاج إلى تقنيات خاصة للترميم وإعادة التهيئة، مشيرا إلى أن من بين 120 ألف معماري في إيطاليا يشتغل 90 ألفا منهم على صيانة المباني القديمة، ما يؤكد قيمة هذه البنايات بالنسبة للأوروبيين، داعيا إلى ضرورة الاستفادة من التعاون الأوروبي لحفظ هذه المدن وإدراجها ضمن المسالك السياحية.

حفظ الرصيد المعماري للبلاد (هيئة المعماريين التونسيين)

ويقطن في غالب الملكيات الأوروبية عائلات تونسية تستغل المساكن عن طريق إيجارات بخسة أو عبر التحوّز من دون سندات قانونية، وهي في الغالب عائلات من الطبقة الضعيفة التي تجد في المباني المتداعية للسقوط ملاذا لها في غياب بدائل.

وتتوزع أملاك الأجانب في الأحياء الأوروبية حسب الشركة العقارية للبلاد التونسية على كامل تراب الجمهورية. ويوجد أغلبها في تونس الكبرى، التي تضم قرابة 5 آلاف عقار. تليها ولاية بنزرت بـ 1850 عقارًا ثم جندوبة بـ 1600 عقار، والوسط التونسي بـ 400 عقار والجنوب بـ 200 عقار.

مكانة هذه المباني لدى الأجانب (هيئة المعماريين التونسيين)



يوجد أكبر نصيب من العقارات في محافظة بنزرت، وهي آخر معاقل الاستعمار الفرنسي، وتم تقدير عدد تلك العقارات بنحو 1686 عقارا، فيما توجد بقية العقارات في تونس العاصمة وتعود ملكيتها أساسا لإيطاليين وفرنسيين ومالطيين.

وأكد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية الهادي الماكني، اليوم الأربعاء، في تصريح صحافي، وجود إشكال في التصرف في أملاك الأجانب بتونس، مبينا أن هذه الأملاك تبلغ 12305 عقارات أجنبية بينها 7645 عقارا تحت تصرف الدولة والبقية تحت تصرف أجانب.