أوباما يكشف عن البعد الأمني للقمة الأفريقية ــ الأميركية

07 اغسطس 2014
أوباما في كلمته أمام القادة الأفارقة (جويل ساماد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

اختتمت أمس الأربعاء أعمال القمة الأميركية الأفريقية والتي هيمنت ظاهرياً على جدول أعمالها وأنشطة المشاركين فيها الجوانب الاقتصادية والتجارية على مدى 3 أيام، ولكن كلمة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في اليوم الأخير من القمة كشفت أن البعد الاقتصادي رغم أهميته للولايات المتحدة هو مجرد مدخل لخدمة الأهداف الحقيقية التي يرسمها الأمنيون والعسكريون والسياسيون قبل رجال التجارة والاقتصاد.

ورغم أن أوباما أوضح في كلمته أمام الزعماء الأفارقة أن القمة كانت فرصة للتركيز على ثلاثة مجالات رحبة هي التجارة والسياسة والأمن واضعاً التجارة في المقدمة إلا أن الأمن كان ما يهيمن على تفكير الرئيس الأميركي.

وقد سبق لأوباما أن جاهر بسعيه لتسخير الاقتصاد والتجارة لصالح الأمن وليس العكس، وقال "إن قمة القادة تعكس مبدأ أسترشد به في أسلوب تعاملي مع أفريقيا منذ أن أصبحت رئيساً، وهو أن الأمن والرخاء والعدالة التي ننشدها في العالم لا يمكن أن تتحقق بدون أن تكون أفريقيا قوية ومزدهرة ومعتمدة على الذات".

فعندما يضع أوباما التجارة أولاً والأمن أخيراً فإنه يطبق فقط ما اعتاد السياسيون عليه من عدم إبراز ما يهيمن على اهتمامهم والاستعاضة عن ذلك بترتيب الأولويات المعلنة بما يتناسب عكسياً مع أولوياتهم الحقيقية، وعندما يقول السياسي أخيراً فإنه يقصد أولاً، والعكس صحيح.

وبحسب هذه القاعدة فإن البعد الأمني والعسكري يأتي في مقدمة الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها في أفريقيا يلي ذلك الأهداف السياسية ثم الاقتصادية، وكلها في النهاية أهداف متشابكة ومترابطة مع البعد الأمني في جوانب كثيرة لا تحتاج للتفصيل.

وقد وضح أوباما بجلاء للقادة الأفارقة أن القمة مثلت "فرصة ثمينة لتعميق التعاون الأمني ضد التهديدات المشتركة"، وكشف أن أهم ما يشغل باله وبال الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة هو التهديدات الأمنية العابرة للحدود، ولهذا فهو يسعى لإقامة شراكة مع أفريقيا لاتخاذ خطوات تجعل الجميع أكثر أمناً".

حروب بالوكالة

ولم ينس أوباما أن يشدد على أهمية الدور الذي تقوم به قوات الأمن الأفريقية وقوات حفظ السلام الأفريقية كونها باتت تتولى زمام المبادرة في كافة أرجاء القارة، ومن هنا فإن الولايات المتحدة تسعى إلى دعم هذه الجهود التي تعود عليها بالفائدة.

وجواباً عن سؤال حول ما هي الفائدة للولايات المتحدة من دعم القوات الأفريقية؟ فإن هناك فائدة كبيرة تتناسب مع عقيدة أوباما التي أفصح عنها في أكثر من مناسبة وهي عدم توريط بلاده في حروب خارجية والاستعاضة عن ذلك بحروب البروكسي (حروب بالوكالة) يؤدي فيها الوكلاء المهام المناطة بهم نيابة عن الإدارة الأميركية.

ولتحقيق ذلك لا بد للولايات المتحدة أن تنخرط مع الوكلاء أو من تسميهم الشركاء بتعاون سياسي يؤدي في النهاية إلى إيجاد حكومات رشيدة في أفريقيا، والرشد هنا معناه قبول أداء المهام التي تريدها الإدارات الأميركية المتعاقبة.

وأوضح أوباما ذلك بطريقة دبلوماسية عندما قال لضيوفه الأفارقة إن لدينا "الفرصة لتعزيز الحكم الرشيد الذي يعتمد عليه النمو الاقتصادي والمجتمعات الحرة، واليوم نستطيع أن نركّز على عناصر ومكوّنات التقدم: سيادة القانون، الحكم المنفتح، قيام مؤسسات شفّافة وخاضعة للمحاسبة، مجتمعات مدنية قوية، واحترام حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً لجميع بني البشر".

تجدر الإشارة إلى أن زعماء بلدان أفريقية مثل إريتريا وزيمبابوي والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى لم يدعوا للقمة بسبب سجلات بلدانهم السيئة في مجال حقوق الإنسان، ولهذا من المتوقع أن يكون ملف حقوق الإنسان سيفاً مسلطاً على من يعارض السياسة الأميركية أكثر من أولئك الخانعين لها.

وخلال القمة تم الإعلان عن تمويل إضافي لمهمات حفظ السلام، والتعهد بملايين الدولارات للتعاون الأمني بما في ذلك "الاستثمار في الجيل القادم" وهو شعار يعكس الاهتمام بإيجاد تنشئة جيل غير معاد للولايات المتحدة في أفريقيا تحت مسميات أخرى مثل السلام والحكم الرشيد والتنمية الاقتصادية.

المساهمون