18 ديسمبر 2016
أوباما حارب فلسطين ومهّد لترامب
اتّبع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، سياسة متطرّفة في دعم إسرائيل، ومهّد لانتهاكات فترة دونالد ترامب.
رفض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وهو لب القضية الفلسطينية، بناءً على أن هذا الحق سيضر بيهودية الدولة الإسرائيلية لو طُبق، وموقف أوباما هذا هو في صلب العقيدة الصهيونية، بالضبط من حق العودة الذي يقرّه القانون الدولي وتؤكده قرارات الأمم المتحدة.
يفتخر محبو أوباما بأن إدارته امتنعت، في آخر أيامها، عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حين طرح قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي، ونسوا أنه ظل ثماني سنوات يصوّت لحماية إسرائيل في مجلس الأمن والأمم المتحدة (بما في ذلك تعطيل قرار يدين الاستيطان أيضاً في فبراير/شباط 2011) وفي وكالة الطاقة الذرية، وفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) التي لم يكتف بمعارضة انضمام فلسطين عضواً فيها، وإنما أتبع ذلك بقرار قطع كل المعونات الأميركية للمنظمة، إجراءً عقابياً، على الرغم من أن القرار تم عبر تصويت عادل وشفاف.
يفتخر محبو أوباما بخلافاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ونسوا أنه قدم دعماً عسكرياً غير مسبوق لآلة القتل الإسرائيلية، زادت عن ثلاثة مليارات دولار سنوياً، بل وفتحت إدارته مخزن سلاح أميركي، لكي تتزود إسرائيل منه بما نقص لديها من ذخائر في أثناء محرقة غزة في صيف 2014، والتي استُشهد فيها أكثر من ألفي فلسطيني. ويفتخر محبو أوباما بأنه قبل انتهاء رئاسته أرسل 221 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، ونسوا أنه، قبل انتهاء رئاسته، وقّع أيضاً أكبر حزمة معونات عسكرية في تاريخ أميركا، تضمنت 38 مليار دولار من المساعدات الحربية التي ستستمر عشر سنوات، وسيقتل ويجرح ويشرد بها آلاف الأبرياء.
أما النقطة الثانية في إرث أوباما أن كثيراً من مخاطر ترامب مهّد لها أوباما نفسه، فالخوف من حملات القصف الأميركية في عهد ترامب (بدأت بعد أيام من تنصيبه) لا يمكن فصله عن حقيقة أن أوباما هو من قام بتوسيع هذا النوع من القصف بشكل غير مسبوق، إذ إن الغارات التي نُفذت في عهد أوباما، وأغلبها بطائرات من دون طيار، أكثر من 560 غارة بمعدل يفوق غارة واحدة لكل أسبوع، طوال سنواته الثماني، بينما يقدر عدد الغارات التي قامت بها إدارة سلفه جورج بوش الابن، في عدد السنوات نفسه، بأقل من 60 غارة. وقد تم هذا القصف خارج القانون الدولي، وأحياناً خارج القانون الأميركي، وتضمن، مثلا، إعدام مواطنين أميركيين بلا محاكمة، مثل أنور العولقي، ثم قتل نجله عبد الرحمن في استهداف لا يزال سببه مجهولاً. لم يكن غريباً، إذن، أن يبدأ ترامب عهده باستمرار للعمليات العسكرية، بما فيها غارة على اليمن، قُتل فيها مدنيون، من بينهم طفلة أميركية عمرها ثماني سنوات، هي ابنة أنور العولقي نفسه. وبذلك، يمكن القول إن إرث أوباما الحربي وإدارته في الإفلات من المساءلة القانونية هو مما سهّل لترامب أن يبدأ حروبه فوراً، وهذه ليست سياسة جديدة، بل استمرار لعهد أوباما.
ولا يجوز مثلاً ذكر الخوف من التجسس الأميركي في عهد ترامب، من دون تذكّر أن أميركا تجسست، في أثناء ولايتي أوباما، على ملايين من الأفراد والمؤسسات والحكومات، من دون رقيب أو حسيب، بل ولاحقت إدوارد سنودن، حين كشف حجم الجريمة. ورث ترامب هذه المنظومة الجاسوسية من أوباما ومن سبقوه، وكان في وسع أوباما تفكيكها، أو وضع قواعد قانونية لها على الأقل، تحدّ من سوء استعمالها.
ولدى أميركا الآن رئيسٌ يدعو علناً إلى إعادة ممارسة التعذيب على المساجين، ومن أسباب ذلك أن أوباما رفض، ثماني سنوات، أن يلاحق جورج بوش قانونياً، على الرغم من أنه اعترف علناً بإصدار أوامر التعذيب، ولم تتم ملاحقة أي من مسؤولي التعذيب في عهد بوش. والآن، ترد أنباء أن ترامب سيعيد ممارسة السجون السرية التي ازدهرت في عهد بوش أيضاً، وتسببت في فظاعاتٍ تحدثت عنها عدة منظمات، كما تقرير مفصل أصدرته منظمة المجتمع المفتوح في فبراير/شباط 2013. وبعدها تم الكشف رسمياً عن تفاصيل كثيرة مروّعة في تقرير لجنة الكونغرس الشهير. يجب أن لا ننسى أن أوباما رفض، ثماني سنوات، أن يُتخذ أي إجراء قانوني ضد إدارة بوش، على الرغم من تورّطهم المؤكد، بل وصدور أحكام قضائية ضد
الولايات المتحدة في قضية خطف أبو عمر في إيطاليا، وقضية خطف خالد المصري في ألمانيا، وقيام الحكومتين الكندية والبريطانية بالتعويض والاعتذار عن بعض من راحوا ضحية هذه السجون السرية. وقد طالبت، في 2011، منظمة هيومان رايتس ووتش بإحالة جورج بوش، مع مجموعة من كبار المسؤولين في عهده، للتحقيق بسبب وجود "أدلة قوية" على تورّط إدارته في التعذيب، "بما يُلزم الرئيس باراك أوباما بالأمر بتحقيق جنائي". وقالت "لقد عامل الرئيس أوباما التعذيب بصفته خياراً مؤسفاً من خيارات السياسات المطروحة، أكثر مما عامله بصفته جريمة. قراره إنهاء ممارسات الاستجواب المسيئة سيبقى، بكل سهولة، قابلاً للنكوص عنه، ما لم يُعَد فرض الحظر القانوني على التعذيب بكل وضوح".
باراك أوباما رئيس محظوظ، سبقه جورج بوش وخلفه دونالد ترامب، ونافسه في منتصف الطريق ميت رومني. كثيراً ما تم تقييمه عبر مقارنته بهؤلاء، وليس عبر تقييمه هو رئيساً، فحين يقال إنه قصف سبع دول مثلاً (الصومال واليمن وأفغانستان وباكستان والعراق وسورية وليبيا)، يكون الرد أن بوش احتل دولتين وأوباما لم يفعل، أو إنه يظل أفضل من الحروب التي سيشنّها ترامب، وهكذا.
مقاومة ترامب اليوم، وعلى كل المستويات، مسألة في غاية الأهمية، لتعطيل خططه وتخفيف ضررها، لكنها مهمة أيضاً لسبب استراتيجي أكبر: بناء وعي سياسي أعمق بالسياسات الأميركية الخارجية، وبناء معارضة حقيقية وواعية للنزعات الاستعمارية حول العالم.
رفض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وهو لب القضية الفلسطينية، بناءً على أن هذا الحق سيضر بيهودية الدولة الإسرائيلية لو طُبق، وموقف أوباما هذا هو في صلب العقيدة الصهيونية، بالضبط من حق العودة الذي يقرّه القانون الدولي وتؤكده قرارات الأمم المتحدة.
يفتخر محبو أوباما بأن إدارته امتنعت، في آخر أيامها، عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حين طرح قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي، ونسوا أنه ظل ثماني سنوات يصوّت لحماية إسرائيل في مجلس الأمن والأمم المتحدة (بما في ذلك تعطيل قرار يدين الاستيطان أيضاً في فبراير/شباط 2011) وفي وكالة الطاقة الذرية، وفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) التي لم يكتف بمعارضة انضمام فلسطين عضواً فيها، وإنما أتبع ذلك بقرار قطع كل المعونات الأميركية للمنظمة، إجراءً عقابياً، على الرغم من أن القرار تم عبر تصويت عادل وشفاف.
يفتخر محبو أوباما بخلافاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ونسوا أنه قدم دعماً عسكرياً غير مسبوق لآلة القتل الإسرائيلية، زادت عن ثلاثة مليارات دولار سنوياً، بل وفتحت إدارته مخزن سلاح أميركي، لكي تتزود إسرائيل منه بما نقص لديها من ذخائر في أثناء محرقة غزة في صيف 2014، والتي استُشهد فيها أكثر من ألفي فلسطيني. ويفتخر محبو أوباما بأنه قبل انتهاء رئاسته أرسل 221 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، ونسوا أنه، قبل انتهاء رئاسته، وقّع أيضاً أكبر حزمة معونات عسكرية في تاريخ أميركا، تضمنت 38 مليار دولار من المساعدات الحربية التي ستستمر عشر سنوات، وسيقتل ويجرح ويشرد بها آلاف الأبرياء.
أما النقطة الثانية في إرث أوباما أن كثيراً من مخاطر ترامب مهّد لها أوباما نفسه، فالخوف من حملات القصف الأميركية في عهد ترامب (بدأت بعد أيام من تنصيبه) لا يمكن فصله عن حقيقة أن أوباما هو من قام بتوسيع هذا النوع من القصف بشكل غير مسبوق، إذ إن الغارات التي نُفذت في عهد أوباما، وأغلبها بطائرات من دون طيار، أكثر من 560 غارة بمعدل يفوق غارة واحدة لكل أسبوع، طوال سنواته الثماني، بينما يقدر عدد الغارات التي قامت بها إدارة سلفه جورج بوش الابن، في عدد السنوات نفسه، بأقل من 60 غارة. وقد تم هذا القصف خارج القانون الدولي، وأحياناً خارج القانون الأميركي، وتضمن، مثلا، إعدام مواطنين أميركيين بلا محاكمة، مثل أنور العولقي، ثم قتل نجله عبد الرحمن في استهداف لا يزال سببه مجهولاً. لم يكن غريباً، إذن، أن يبدأ ترامب عهده باستمرار للعمليات العسكرية، بما فيها غارة على اليمن، قُتل فيها مدنيون، من بينهم طفلة أميركية عمرها ثماني سنوات، هي ابنة أنور العولقي نفسه. وبذلك، يمكن القول إن إرث أوباما الحربي وإدارته في الإفلات من المساءلة القانونية هو مما سهّل لترامب أن يبدأ حروبه فوراً، وهذه ليست سياسة جديدة، بل استمرار لعهد أوباما.
ولا يجوز مثلاً ذكر الخوف من التجسس الأميركي في عهد ترامب، من دون تذكّر أن أميركا تجسست، في أثناء ولايتي أوباما، على ملايين من الأفراد والمؤسسات والحكومات، من دون رقيب أو حسيب، بل ولاحقت إدوارد سنودن، حين كشف حجم الجريمة. ورث ترامب هذه المنظومة الجاسوسية من أوباما ومن سبقوه، وكان في وسع أوباما تفكيكها، أو وضع قواعد قانونية لها على الأقل، تحدّ من سوء استعمالها.
ولدى أميركا الآن رئيسٌ يدعو علناً إلى إعادة ممارسة التعذيب على المساجين، ومن أسباب ذلك أن أوباما رفض، ثماني سنوات، أن يلاحق جورج بوش قانونياً، على الرغم من أنه اعترف علناً بإصدار أوامر التعذيب، ولم تتم ملاحقة أي من مسؤولي التعذيب في عهد بوش. والآن، ترد أنباء أن ترامب سيعيد ممارسة السجون السرية التي ازدهرت في عهد بوش أيضاً، وتسببت في فظاعاتٍ تحدثت عنها عدة منظمات، كما تقرير مفصل أصدرته منظمة المجتمع المفتوح في فبراير/شباط 2013. وبعدها تم الكشف رسمياً عن تفاصيل كثيرة مروّعة في تقرير لجنة الكونغرس الشهير. يجب أن لا ننسى أن أوباما رفض، ثماني سنوات، أن يُتخذ أي إجراء قانوني ضد إدارة بوش، على الرغم من تورّطهم المؤكد، بل وصدور أحكام قضائية ضد
باراك أوباما رئيس محظوظ، سبقه جورج بوش وخلفه دونالد ترامب، ونافسه في منتصف الطريق ميت رومني. كثيراً ما تم تقييمه عبر مقارنته بهؤلاء، وليس عبر تقييمه هو رئيساً، فحين يقال إنه قصف سبع دول مثلاً (الصومال واليمن وأفغانستان وباكستان والعراق وسورية وليبيا)، يكون الرد أن بوش احتل دولتين وأوباما لم يفعل، أو إنه يظل أفضل من الحروب التي سيشنّها ترامب، وهكذا.
مقاومة ترامب اليوم، وعلى كل المستويات، مسألة في غاية الأهمية، لتعطيل خططه وتخفيف ضررها، لكنها مهمة أيضاً لسبب استراتيجي أكبر: بناء وعي سياسي أعمق بالسياسات الأميركية الخارجية، وبناء معارضة حقيقية وواعية للنزعات الاستعمارية حول العالم.