بإعلان وفاته أمس الثلاثاء، استعاد السودانيون قصة علاقة بلادهم مع مصر في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، التي تعرضت للمدّ والجزر، خصوصاً بعد تسلم الرئيس المعزول عمر البشير للسلطة في السودان.
حين تولى الحكم في العام 1981، ورث مبارك، علاقات جيدة بين الخرطوم والقاهرة، أسّس لها الرئيسان أنور السادات وجعفر النميري، وصلت إلى مرحلة التوقيع على اتفاقيات تكامل واتفاقية خاصة بالدفاع المشترك في العام 1974، في وقت لم ينضم السودان في 1979 لمحور الدول العربية التي قاطعت مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد.
احتفظ مبارك بالعلاقة مع نظام النميري، كما ورثها من السادات، مع قطيعة كلا البلدين لنظام معمر القذافي في ليبيا. وقبل تقلده المنصب، وُجهت اتهامات لمبارك بالمشاركة في توجيه ضربات جوية لمنطقة الجزيرة، معقل طائفة الأنصار عام 1970، لصالح نظام النميري، وهي معلومة يدور حولها جدل تاريخي لناحية صحتها أو عدمها.
بعد نحو 4 سنوات من حكم مبارك، وتحديداً في إبريل/نيسان 1985، أطاحت ثورة شعبية بنظام النميري، ودشن السودانيون عهداً عُرف باسم الديمقراطية الثالثة 1985-1989، لم يكن نظام مبارك متحمساً له ولحكومته المنتخبة بزعامة السيد الصادق المهدي، رئيس حزب "الأمة" الذي كان أقرب إلى نظام القذافي. وشهدت العلاقة بين نظام مبارك وحكومة المهدي بروداً، سببه رفض القاهرة، التي لجأ إليها النميري، تسليمه للخرطوم لمحاكمته في الجرائم التي ارتكبها خلال سنوات حكمه، ما أثار غضباً شعبياً على مبارك ونظامه، وبادرت حكومة المهدي إلى إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع القاهرة.
وجد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكومة الصادق المهدي، والذي قاده عمر البشير، ترحيباً من جانب نظام مبارك الذي عمد إلى تسويقه إقليمياً ودولياً؛ وفي حالة نادرة، رافق مبارك البشير في زيارة لعدد من الدول، وذلك قبل أن يكتشف نظام مبارك أنّ "الإخوان المسلمين" في نسختهم السودانية، وراء الانقلاب، ما أكد ضعف الحسّ الاستخباراتي لنظام مبارك.
اقــرأ أيضاً
بدأت في مطلع التسعينيات، مرحلة من التوتر بين النظامين، خصوصاً بعد أن اتخذ نظام الخرطوم موقفاً مسانداً لصدام حسين في العراق بعد غزوه للكويت، وهو عكس ما ذهبت إليه مصر، ثم بدأت مرحلة الاتهامات للخرطوم بإيواء وتدريب جماعات مصرية، وبرز الشد والجذب بشأن النزاع حول حلايب.
في يونيو/حزيران 1995، تعرّض مبارك لمحاولة اغتيال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اتهمت القاهرة جماعات إسلامية بالتورط في تنفيذها، ونظام البشير بالتخطيط لها وتمويلها، ونفت الخرطوم ذلك، فدخلت العلاقات أسوأ مراحلها التي شهدت سحب السفراء والإبقاء على قائم بالأعمال. وأكمل الجيش المصري سيطرته على مثلث حلايب عام 1995، وهو ما عدّته الخرطوم احتلالاً، تقدمت بموجبه بشكوى لمجلس الأمن، فيما تقدمت القاهرة، بدورها، بشكوى ضد الخرطوم، بسبب محاولة اغتيال مبارك، أصدر بموجبها مجلس الأمن الدولي 3 قرارات ضد السودان، منها القراران 1044 و1054 اللذان قضيا بإلزام الدول بمنع الطائرات من السودان أو تلك التي يتمّ تشغيلها من قبل الخطوط الجوية السودانية، من الإقلاع والهبوط، أو التحليق فوق أراضي مصر، وذلك لعدم تسليمه المطلوبين لدى إثيوبيا المتهمين بالتورط في المحاولة، ولم تنفذ القرارات لأسباب إنسانية.
ومع التوتر المستجدّ، استضافت القاهرة "التجمع الوطني الديمقراطي"، وهو أكبر تحالف ضد نظام البشير، وكان ينفذ عمليات عسكرية في عدد من الأطراف السودانية، ما أغضب الخرطوم أكثر.
في العام 1999، بدأت العودة التدريجية للعلاقات، وعاد السفراء، وذلك لشعور مصر بمخططات تقسيم السودان، وما يخلّفه ذلك من خطر أمني عليها، لكن التحرك المصري جاء متأخراً.
تطورت العلاقات بعد ذلك، وفي عام 2004، وقّع البلدان اتفاق الحريات الأربع: حرية التنقل، حرية التجارة، حرية التملك، وحرية الإقامة، ولم تنفَّذ الاتفاقية بعد، لتخوفات أمنية من نظام مبارك.
وفي العام 2011، بدا السودان حذراً تجاه الثورة المصرية ضد نظام مبارك، لكن سرعان ما رحب بالتغيير الذي حدث مع رحيله عن الحكم، خصوصاً بعد أن فازت "جماعة الإخوان المسلمين" بالانتخابات.
احتفظ مبارك بالعلاقة مع نظام النميري، كما ورثها من السادات، مع قطيعة كلا البلدين لنظام معمر القذافي في ليبيا. وقبل تقلده المنصب، وُجهت اتهامات لمبارك بالمشاركة في توجيه ضربات جوية لمنطقة الجزيرة، معقل طائفة الأنصار عام 1970، لصالح نظام النميري، وهي معلومة يدور حولها جدل تاريخي لناحية صحتها أو عدمها.
بعد نحو 4 سنوات من حكم مبارك، وتحديداً في إبريل/نيسان 1985، أطاحت ثورة شعبية بنظام النميري، ودشن السودانيون عهداً عُرف باسم الديمقراطية الثالثة 1985-1989، لم يكن نظام مبارك متحمساً له ولحكومته المنتخبة بزعامة السيد الصادق المهدي، رئيس حزب "الأمة" الذي كان أقرب إلى نظام القذافي. وشهدت العلاقة بين نظام مبارك وحكومة المهدي بروداً، سببه رفض القاهرة، التي لجأ إليها النميري، تسليمه للخرطوم لمحاكمته في الجرائم التي ارتكبها خلال سنوات حكمه، ما أثار غضباً شعبياً على مبارك ونظامه، وبادرت حكومة المهدي إلى إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع القاهرة.
وجد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكومة الصادق المهدي، والذي قاده عمر البشير، ترحيباً من جانب نظام مبارك الذي عمد إلى تسويقه إقليمياً ودولياً؛ وفي حالة نادرة، رافق مبارك البشير في زيارة لعدد من الدول، وذلك قبل أن يكتشف نظام مبارك أنّ "الإخوان المسلمين" في نسختهم السودانية، وراء الانقلاب، ما أكد ضعف الحسّ الاستخباراتي لنظام مبارك.
في يونيو/حزيران 1995، تعرّض مبارك لمحاولة اغتيال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اتهمت القاهرة جماعات إسلامية بالتورط في تنفيذها، ونظام البشير بالتخطيط لها وتمويلها، ونفت الخرطوم ذلك، فدخلت العلاقات أسوأ مراحلها التي شهدت سحب السفراء والإبقاء على قائم بالأعمال. وأكمل الجيش المصري سيطرته على مثلث حلايب عام 1995، وهو ما عدّته الخرطوم احتلالاً، تقدمت بموجبه بشكوى لمجلس الأمن، فيما تقدمت القاهرة، بدورها، بشكوى ضد الخرطوم، بسبب محاولة اغتيال مبارك، أصدر بموجبها مجلس الأمن الدولي 3 قرارات ضد السودان، منها القراران 1044 و1054 اللذان قضيا بإلزام الدول بمنع الطائرات من السودان أو تلك التي يتمّ تشغيلها من قبل الخطوط الجوية السودانية، من الإقلاع والهبوط، أو التحليق فوق أراضي مصر، وذلك لعدم تسليمه المطلوبين لدى إثيوبيا المتهمين بالتورط في المحاولة، ولم تنفذ القرارات لأسباب إنسانية.
ومع التوتر المستجدّ، استضافت القاهرة "التجمع الوطني الديمقراطي"، وهو أكبر تحالف ضد نظام البشير، وكان ينفذ عمليات عسكرية في عدد من الأطراف السودانية، ما أغضب الخرطوم أكثر.
في العام 1999، بدأت العودة التدريجية للعلاقات، وعاد السفراء، وذلك لشعور مصر بمخططات تقسيم السودان، وما يخلّفه ذلك من خطر أمني عليها، لكن التحرك المصري جاء متأخراً.
تطورت العلاقات بعد ذلك، وفي عام 2004، وقّع البلدان اتفاق الحريات الأربع: حرية التنقل، حرية التجارة، حرية التملك، وحرية الإقامة، ولم تنفَّذ الاتفاقية بعد، لتخوفات أمنية من نظام مبارك.
وفي العام 2011، بدا السودان حذراً تجاه الثورة المصرية ضد نظام مبارك، لكن سرعان ما رحب بالتغيير الذي حدث مع رحيله عن الحكم، خصوصاً بعد أن فازت "جماعة الإخوان المسلمين" بالانتخابات.