لم تبقَ مدينة يافا بمنأى عن أحداث "هبّة القدس والأقصى" ومواجهاتها، في أكتوبر/تشرين الاول من العام 2000، إذ خاض أهلها، الذين بقي منهم 20 ألف فلسطيني في بحر من مليوني إسرائيلي يهودي، مواجهات شديدة وصدامات مع قوات الشرطة والسكان الإسرائيليين. ففي حين ساهم موقع يافا وبعدها عن باقي التجمّعات الفلسطينية في الداخل، في إبعاد عدسات وسائل الإعلام عنها، في ظل محاولات تعتيم من الإعلام الرسمي، توجّهت الأنظار خلال سبعة أيام، إلى مدن وبلدات الجليل والمثلث، حيث سقط الشهداء تباعاً على مدار أيام الهبّة.
يروي ثلاثة من أهالي يافا، بعضاً من التفاصيل التي عاشوها خلال أيام الصدامات واعتداءات السكان اليهود (جيران العمر) على الأهالي، بعد عزلهم، واضطرار المئات منهم إلى التزام بيوتهم، خوفاً من الخروج للعمل أو حتّى الانتقال إلى حي آخر.
يستعيد الباحث في تاريخ شؤون يافا، وابن المدينة، سامي أبو شحادة، الحالة الفريدة التي كانت تعيشها يافا. ويقول لـ"العربي الجديد": "كانت الهبّة أشد وقعاً، وربّما مفاجأة لأهلها الفلسطينيين، إذ شعر أهالي يافا، قبل الانتفاضة الثانية، بأنّه تمّ إيجاد حلّ للقضيّة الفلسطينيّة وارتاح بالهم من الفكر التحرّري وعاشوا وَهم اتفاقية أوسلو".
ويوضح كيف أنّه "بعد أوسلو، ارتبطت جميع النخب العربيّة الاقتصاديّة بالزبون اليهودي، أي بالاقتصاد الإسرائيلي، وخصوصاً أنّ اقتصادنا بمجمله خدماتي، قائم على المطاعم وكراجات السيارات والعمل في البناء". ويلفت إلى أنّ "جزءاً كبيراً من رجال الأعمال، ارتبط بحزبي العمل وميرتس".
يروي ثلاثة من أهالي يافا، بعضاً من التفاصيل التي عاشوها خلال أيام الصدامات واعتداءات السكان اليهود (جيران العمر) على الأهالي، بعد عزلهم، واضطرار المئات منهم إلى التزام بيوتهم، خوفاً من الخروج للعمل أو حتّى الانتقال إلى حي آخر.
يستعيد الباحث في تاريخ شؤون يافا، وابن المدينة، سامي أبو شحادة، الحالة الفريدة التي كانت تعيشها يافا. ويقول لـ"العربي الجديد": "كانت الهبّة أشد وقعاً، وربّما مفاجأة لأهلها الفلسطينيين، إذ شعر أهالي يافا، قبل الانتفاضة الثانية، بأنّه تمّ إيجاد حلّ للقضيّة الفلسطينيّة وارتاح بالهم من الفكر التحرّري وعاشوا وَهم اتفاقية أوسلو".
ويوضح كيف أنّه "بعد أوسلو، ارتبطت جميع النخب العربيّة الاقتصاديّة بالزبون اليهودي، أي بالاقتصاد الإسرائيلي، وخصوصاً أنّ اقتصادنا بمجمله خدماتي، قائم على المطاعم وكراجات السيارات والعمل في البناء". ويلفت إلى أنّ "جزءاً كبيراً من رجال الأعمال، ارتبط بحزبي العمل وميرتس".
من جهته، يستذكر أبو شحادة حالة الترقّب والتوتّر التي سادت المدينة قبل اندلاع الغضب الشعبي العام، مع اقتحام رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون للمسجد الأقصى. ويقول في هذا السياق لـ"العربي الجديد": "كان أهالي يافا غاضبين جداً، وسط حالة خوف شديد في صفوف القيادات في الشارع".
ويتابع: "خرج الشباب إلى الشوارع، وأخذوا يهتفون وينشدون الأغاني الوطنية، كلّ هذا، ونحن سكان يافا، 20 ألف فلسطيني نسكن بين مليوني يهودي. قرّرنا تنظيم تظاهرة ومهرجان خطابي، تشارك فيه كل القوى الوطنيّة والإسلاميّة، في حديقة الغزازوي. كان المهرجان كبيراً وبمشاركة لم يتوقّعها أحد، لا في يافا ولا خارجها". ويشير إلى أنّ "الشباب خرجوا في تظاهرات وأغلقوا شارع "يفت" (شارع الحلوة)، الذي يربط تل أبيب بمدينة بات يام وحولون، في المنطقة الوسطى، الأهم في إسرائيل".
لم يقتصر الأمر على التجمّع والتظاهر، إذ يوضح أبو شحادة، أنّه "تمّ رشق الحجارة، وفوجئنا بوجود قوات الشرطة الإسرائيليّة بحجم كبير وبردة فعل عنيفة ومفاجئة، مع تنفيذها اعتقالات عشوائية، واستخدامها العنف والضرب لاستعادة سيطرتها على الشارع". ويضيف: "لم تكتفِ بذلك، بل هاجمت المنازل في حي العجمي، حيث أخذت تحطم المنازل وتعتقل الشباب، من دون سبب".
ويرى المواطن أحمد بلحة، وكان في تلك الفترة عضواً في المجلس البلدي للمدينة، أن "تظاهرات عام 2000 في يافا، كانت أقوى من تظاهرات عام 1982 إثر مذبحة صبرا وشاتيلا". ويوضح لـ"العربي الجديد"، أنّه "بعد ورود الأخبار ومراقبة الأحداث، بدأ الناس يتجمّعون بالمئات في شارع "يفت"، وفي الثلاثين من سبتمبر/أيلول، ارتفعت الهتافات بشكل عشوائي، لنجد أنفسنا فجأة محاطين بحشود كبيرة من الشرطة أغلقت المنطقة بشكل كامل".
ويشير إلى أنّ "الأمور حينها كانت لا تزال هادئة، لتبدأ بعد ذلك الشتائم بين المتظاهرين والشرطة، التي سارعت إلى إطلاق قنابل الغاز والمطاط"، لافتاً إلى أنّه "مع سماع صوت إطلاق القنابل، خرج جميع الناس من منازلهم".
يروي بلحة، الذي أصيب بأعيرة مطاطية خلال المواجهات، كيف قرّرت مجموعة من وجهاء المدينة الذهاب إلى الشرطة لمطالبتها "بالخروج من أحيائنا لتهدئة الوضع". ويقول: "في طريقنا إليهم، ظهر قنّاص وأطلق الرصاص المطاطي على وجهي، من مسافة قريبة جداً، وكنت قبل ساعات أصبت برصاصة مماثلة من شرطي آخر، علماً أنّهم يعلمون جيداً أنني عضو في المجلس البلدي، وقصدوا القيام بذلك". ويضيف: "عندما رأى من كانوا معي الدماء تسيل من وجهي، وظنّ البعض أنّني قُتلت، خلال نقلي إلى المستشفى للعلاج، ما أدّى إلى حالة من الغضب، تطوّرت إلى حرق سيارات شرطة وتكسير كل ما يرمز للدولة وسلطتها، على غرار المصارف ومركز البريد، وحتّى حوانيت (دكاكين) اليهود".
ويتابع: "خرج الشباب إلى الشوارع، وأخذوا يهتفون وينشدون الأغاني الوطنية، كلّ هذا، ونحن سكان يافا، 20 ألف فلسطيني نسكن بين مليوني يهودي. قرّرنا تنظيم تظاهرة ومهرجان خطابي، تشارك فيه كل القوى الوطنيّة والإسلاميّة، في حديقة الغزازوي. كان المهرجان كبيراً وبمشاركة لم يتوقّعها أحد، لا في يافا ولا خارجها". ويشير إلى أنّ "الشباب خرجوا في تظاهرات وأغلقوا شارع "يفت" (شارع الحلوة)، الذي يربط تل أبيب بمدينة بات يام وحولون، في المنطقة الوسطى، الأهم في إسرائيل".
لم يقتصر الأمر على التجمّع والتظاهر، إذ يوضح أبو شحادة، أنّه "تمّ رشق الحجارة، وفوجئنا بوجود قوات الشرطة الإسرائيليّة بحجم كبير وبردة فعل عنيفة ومفاجئة، مع تنفيذها اعتقالات عشوائية، واستخدامها العنف والضرب لاستعادة سيطرتها على الشارع". ويضيف: "لم تكتفِ بذلك، بل هاجمت المنازل في حي العجمي، حيث أخذت تحطم المنازل وتعتقل الشباب، من دون سبب".
ويرى المواطن أحمد بلحة، وكان في تلك الفترة عضواً في المجلس البلدي للمدينة، أن "تظاهرات عام 2000 في يافا، كانت أقوى من تظاهرات عام 1982 إثر مذبحة صبرا وشاتيلا". ويوضح لـ"العربي الجديد"، أنّه "بعد ورود الأخبار ومراقبة الأحداث، بدأ الناس يتجمّعون بالمئات في شارع "يفت"، وفي الثلاثين من سبتمبر/أيلول، ارتفعت الهتافات بشكل عشوائي، لنجد أنفسنا فجأة محاطين بحشود كبيرة من الشرطة أغلقت المنطقة بشكل كامل".
ويشير إلى أنّ "الأمور حينها كانت لا تزال هادئة، لتبدأ بعد ذلك الشتائم بين المتظاهرين والشرطة، التي سارعت إلى إطلاق قنابل الغاز والمطاط"، لافتاً إلى أنّه "مع سماع صوت إطلاق القنابل، خرج جميع الناس من منازلهم".
يروي بلحة، الذي أصيب بأعيرة مطاطية خلال المواجهات، كيف قرّرت مجموعة من وجهاء المدينة الذهاب إلى الشرطة لمطالبتها "بالخروج من أحيائنا لتهدئة الوضع". ويقول: "في طريقنا إليهم، ظهر قنّاص وأطلق الرصاص المطاطي على وجهي، من مسافة قريبة جداً، وكنت قبل ساعات أصبت برصاصة مماثلة من شرطي آخر، علماً أنّهم يعلمون جيداً أنني عضو في المجلس البلدي، وقصدوا القيام بذلك". ويضيف: "عندما رأى من كانوا معي الدماء تسيل من وجهي، وظنّ البعض أنّني قُتلت، خلال نقلي إلى المستشفى للعلاج، ما أدّى إلى حالة من الغضب، تطوّرت إلى حرق سيارات شرطة وتكسير كل ما يرمز للدولة وسلطتها، على غرار المصارف ومركز البريد، وحتّى حوانيت (دكاكين) اليهود".
استمرّ التوتّر، في يافا، بحسب رواية بلحة، لأشهر عدّة بخلاف مناطق أخرى، وأبقت الشرطة على استنفارها نحو ثلاثة أشهر، لموقع المدينة في مركز البلاد، ولكونها تضمّ تجمعاً كبيراً للسفارات والصحافيين.
وتمثّلت الحادثة الأبرز، وفق بلحة، بشنّ سكان حي هتكفا، في تل أبيب، هجوماً على مسجد حسن بيك، وسعيهم لحرقه، وذلك بعد يوم على توزيع منشور يضمّ صورة لحسن بيك، مذيّلة بتعليق "العرب يريدون قتل اليهود". ورابطت مجموعة من الشباب في المسجد لأيام عدّة لحمايته، في حين أقدم متطرفون يهود على تكسير حوانيت (متاجر) العرب والاعتداء على النساء العربيات في الحافلات، كما تمّ طعن عمال عرب، كانوا يعملون لدى مشغلين يهود.
ويقول المحامي أمير بدران، وهو أحد المترافعين عن المعتقلين في هبّة أكتوبر: "عادة في وضع مماثل، من المفروض أن تتراجع النيابة وتُغلق الملفات وتتفهّم أنّ ما جرى هو احتجاج على قتل 13 مواطناً عربياً، لكنها لم تأخذ ذلك بعين الاعتبار، وكانت غالبيّة اللوائح عبارة عن تجمهر غير قانوني وإخلال بالنظام والأمن". ويشير إلى أنّه "فقط في ملفات أكتوبر، تمّ استعمال بند قانوني، ينصّ على أنّه عندما ترى الشرطة تجمهراً لأكثر من ثلاثة أشخاص، وتظنّ أنّهم سيمسّون الأمن، فللشرطة الحقّ في منع التجمهر".
ويتابع بدران: "كانت القرارات حينها سياسية، وهناك شباب اعتقلوا لفترات بعد أن قُدّمت ضدهم لوائح اتهام، فيما فُرض على قسم آخر منهم الحبس المنزلي والإبعاد عن المدينة".
ولم يكتفِ اليهود بما ذاقه أهالي يافا، فقرروا أن يقاطعوهم اقتصادياً واجتماعياً، وهو ما أدّى إلى ضرب عدد لا بأس به من المصالح التجاريّة الصغيرة. ومن جهة أخرى طرد عمال عرب من يافا من العمل في مصالح يهودية.
وتمثّلت الحادثة الأبرز، وفق بلحة، بشنّ سكان حي هتكفا، في تل أبيب، هجوماً على مسجد حسن بيك، وسعيهم لحرقه، وذلك بعد يوم على توزيع منشور يضمّ صورة لحسن بيك، مذيّلة بتعليق "العرب يريدون قتل اليهود". ورابطت مجموعة من الشباب في المسجد لأيام عدّة لحمايته، في حين أقدم متطرفون يهود على تكسير حوانيت (متاجر) العرب والاعتداء على النساء العربيات في الحافلات، كما تمّ طعن عمال عرب، كانوا يعملون لدى مشغلين يهود.
ويقول المحامي أمير بدران، وهو أحد المترافعين عن المعتقلين في هبّة أكتوبر: "عادة في وضع مماثل، من المفروض أن تتراجع النيابة وتُغلق الملفات وتتفهّم أنّ ما جرى هو احتجاج على قتل 13 مواطناً عربياً، لكنها لم تأخذ ذلك بعين الاعتبار، وكانت غالبيّة اللوائح عبارة عن تجمهر غير قانوني وإخلال بالنظام والأمن". ويشير إلى أنّه "فقط في ملفات أكتوبر، تمّ استعمال بند قانوني، ينصّ على أنّه عندما ترى الشرطة تجمهراً لأكثر من ثلاثة أشخاص، وتظنّ أنّهم سيمسّون الأمن، فللشرطة الحقّ في منع التجمهر".
ويتابع بدران: "كانت القرارات حينها سياسية، وهناك شباب اعتقلوا لفترات بعد أن قُدّمت ضدهم لوائح اتهام، فيما فُرض على قسم آخر منهم الحبس المنزلي والإبعاد عن المدينة".
ولم يكتفِ اليهود بما ذاقه أهالي يافا، فقرروا أن يقاطعوهم اقتصادياً واجتماعياً، وهو ما أدّى إلى ضرب عدد لا بأس به من المصالح التجاريّة الصغيرة. ومن جهة أخرى طرد عمال عرب من يافا من العمل في مصالح يهودية.