أهالي سيناء يشككون بجدوى عملية الجيش "الثأرية"... ويخشون الانتهاكات

17 أكتوبر 2016
يخشى الأهالي من تنفيذ الجيش المصري لعمليات موسعة بسيناء(الأناضول)
+ الخط -
بعد استهداف كمين أمني للجيش المصري في زغدان، بمحافظة شمال سيناء، فجر الجمعة الماضي، قررت قيادات الجيش توجيه ضربة ثأرية من منفذي الاعتداء المسلح، عبر شن سلسلة غارات جوية ضد مواقع مفترضة لمجموعات مسلحة، سرعان ما أعرب سكان سيناء عن تشكيكهم بفعالياتها وجدواها. ونفذ مسلحون تابعون لتنظيم "ولاية سيناء"، اعتداءً على كمين زغدان، جنوبي مدينة بئر العبد، غرب مدينة العريش، ما أسفر عن وقوع 22 عسكرياً مصرياً بين قتيل وجريح. وفي الأشهر القليلة الماضية، لم ينفذ التنظيم المسلح عدداً كبيراً من هذا النوع من العمليات، في ظل تشديد قوات الجيش التحصينات على الكمائن واعتماده على الحواجز المتحركة وليست الثابتة. ونفذت وحدات من القوات الجوية المصرية سلسلة غارات، فجر يوم السبت، في محافظة شمال سيناء، انتقاماً لقتلى الجيش في كمين زغدان، مستخدمةً طائرات حربية من طراز "أف 16".

وشكك شيخ قبلي بارز في سيناء، بجدوى عمليات القصف التي نفذتها القوات الجوية المصرية، والتي أعلن الجيش عنها ثأراً لضحايا الاعتداء على كمين زغدان. وقال الشيخ القبلي لـ"العربي الجديد"، إن المعلن في بيان الجيش غير منطقي، متسائلاً: "طالما أن الجيش لديه معلومات عن أماكن تمركز وتجمعات المسلحين، لماذا لا يستهدفهم مباشرةً من دون انتظار أن يتم استهداف الجنود ومن ثم توجيه ضربة عسكرية؟". وأضاف أن الأهالي لم يشاهدوا جثث القتلى من المسلحين والسيارات المتفحمة، كما جاء في بيان القوات المسلحة، مشدداً على أن هذه البيانات يتم التعامل معها كسابقاتها بنوع من التجاهل والتشكيك. وتابع أن مسألة توجيه الضربة العسكرية الجوية بعد عملية ملاحقة للعناصر المنفذة وعلى علاقة بحادث الكمين الأخير، غير منطقية مطلقاً، لا سيما أن التنظيم المسلح يختفي تماماً بعد العمليات الكبرى منعاً لاستهدافه بالطائرات. ولفت إلى أن العملية جاءت بعد مرور ساعات طويلة على تنفيذ الاعتداء ضد كمين الجيش، أي أن العناصر المسلحة استقرت في أماكنها المعتادة، ولن تكون تجمعاتهم مكشوفة للطائرات الحربية. وحول أن الضربات العسكرية جاءت بعد تلقي الجيش لمعلومات من الأهالي، لم يستبعد الشيخ القبلي ذلك، وإن كان يقلل من هذا الأمر، لا سيما في ظل عدم تعامل الأهالي مع الجيش بالصورة التي يتحدث عنها البعض، بعد الانتهاكات والقصف وقتل المدنيين.


ويعلن تنظيم "ولاية سيناء" بين الحين والآخر عن قتل عدد من الأهالي المتعاونين مع قوات الجيش أو الشرطة، وهو ما يجعل من نقل الأهالي لمعلومات عن تحركات المسلحين أمراً صعباً، خوفاً من القتل. وتصاعدت عمليات التنظيم أخيراً بشكل غير مسبوق، إذ سجلت العمليات خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي نحو 70 عملية متنوعة.

وكان أهالي مدن شمال سيناء (شرق مصر)، تخوفوا من ردة فعل الجيش بعد الاعتداء الذي استهداف أحد حواجزه الأمنية. وفي تفاصيل الحادثة، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إن "المهاجمين أجهزوا على من تبقى في مكان الكمين، فيما غادروا المنطقة من دون أن يصابوا، لعدم مقاومة المجندين في الكمين للمهاجمين"، مشيرةً إلى أن "المسلحين تمكنوا من الاستيلاء على كميات من الأسلحة التي كانت في الكمين". وأكدت المصادر أن سيارات الإسعاف والتعزيزات العسكرية وصلت إلى مكان الاعتداء بعد ساعتين من وقوعه، فيما لم تصل أي طائرة مروحية إلى المكان بحكم بُعدها عن مستشفى العريش العسكري، على الرغم من قرب مطار الميلز العسكري.

وبحسب مصادر محلية في سيناء، يعتبر هجوم زغدان الأعنف والأكثر خسارة في صفوف الجيش المصري منذ الاعتداء على كمين الصفا في مارس/ آذار الماضي الذي أدى إلى مقتل وإصابة 17 مجنداً، واختطاف اثنين تم إعدامهما لاحقاً. وفي سياق متصل، يتخوف سكان شمال سيناء من ردة فعل الجيش على المدى المتوسط والطويل، إذ من المتوقع قيامه بعمليات عسكرية موسعة تطاول قرى مدن الشيخ زويد ورفح ووسط سيناء. وقد يتبع هذه العمليات حصول أعمال قتل واعتقالات وتدمير منازل خارج إطار القانون كما اعتاد أهالي سيناء عقب كل اعتداء يستهدف الجيش. وقال أحد مشايخ سيناء لـ"العربي الجديد"، إنه فور سماع نبأ الاعتداء وعدد القتلى الكبير، سادت حالة من الخوف في صفوف المدنيين من عمليات عسكرية قد يقوم بها الجيش على قراهم للرد على مقتل جنوده. وأوضح أنه بعد كل اعتداء كبير تقوم به الجماعات المسلحة ينتقم الجيش من المدنيين بشن غارات عشوائية وعمليات عسكرية يتخللها قتل مواطنين وتدمير منازلهم، واعتقال أبنائهم بلا وجه حق، وفق قوله. ودعا الشيخ القبلي مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الأممية إلى تنبيه قوات الأمن المصرية من التعرض للمدنيين في حال قررت القيام بعمليات عسكرية.

في هذا الإطار، قال خبير عسكري لـ"العربي الجديد"، إن اعتداء زغدان يؤكد فشل الخطط الأمنية التي ينفذها الجيش في سيناء. وأوضح أنه على الرغم من الحملات العسكرية التي لا تنتهي في قرى شمال ووسط سيناء، إلا أن الجماعات المسلحة تزداد قوة من حيث التخطيط والتكتيك من جهة، ومن حيث حجم التسليح الذي يمكّنها من شن هجمات وتفجيرات متتالية، من جهة أخرى. وأكد أن الجماعات المسلحة تتفوق على الجيش في معرفتها بالطبيعة الجغرافية لسيناء، في حين أن المجندين القادمين من مدن مصر يجهلونها، داعياً إلى تغيير نمط التعامل في سيناء، والبحث عن آليات أخرى لإنهاء الصراع القائم منذ 3 سنوات.

المساهمون