أهالي الجيزة السورية: التهجير ولا الرضوخ للعبة المصالحة الروسية

04 اغسطس 2018
يعتبرون التهجير هو الخيار الأسلم (Getty)
+ الخط -
ينتظر أكثر من أربعمائة مهجر من بلدة "الجيزة" إرسال روسيا لحافلات تقلهم إلى الشمال السوري، بعد رفضهم الرضوخ لتسوية مع النظام، واعتبار الأمر مجرد "لعبة" لا تخدمهم ولا تراعي أوضاعهم المزرية.

وفي السياق، يقول كريم (33 عامًا) لـ"العربي الجديد" إنّ التهجير هو الخيار الأسلم في الوقت الحالي لبعض أبناء البلدة، قرار المصالحة حسب ما يصفه الضباط الروس عبر موفديهم ظاهره جميل وبرّاق، سيؤمن لنا العيش والحياة الكريمة من وجهة نظرهم، لكن في الحقيقة، وكما أرى، ويشاركني العديد وجهة نظري، فهو مجرد لعبة لا أكثر. لعبة تخطط لها روسيا والنظام السوري، فبعد استقرار الأمور وبسط سيطرتهم على كل شيء لن يمنعهم أحد من اعتقال أي شخص أو ملاحقته بأي تهمة أو جناية".

ويضيف كريم "أمر آخر يؤثر على الشبان تحديدا ويضعهم بوجه المدفع، وهو قضية الخدمة الإلزامية، فسيساقون لها شاؤوا أم أبوا، لا مفر مطلقا، الحرب لم تنته وهناك العديد من الجبهات ممكن أن يستخدم فيها هؤلاء الشبان كورقة محروقة للدفاع عن النظام".

ويؤكد "الثلاثيني" أن التهجير للشمال والحياة ضمن ظروف صعبة أو مجهولة أهون من البقاء هنا تحت الخوف والضغوطات التي ستكون مستمرة.

وبالنسبة لـ"رؤى" (26 عاما) فالخروج باتجاه الشمال يعني نجاة زوجها من الاعتقال أو الملاحقة، فهو ضابط منشق عن الجيش وصدرت بحقه العديد من مذكرات البحث، وهناك تهم كثيرة موجهة له كالكثير من الناس.

وتوضح رؤى لـ"العربي الجديد" أن ترك بيتهم وممتلكاتهم والخروج للشمال السوري هو أمر محزن بالفعل، ويؤرقها على الدوام، لكن ما يخفف من وطأة معاناتها مساعدة إخوة زوجها المقيمين خارج سورية لهم. وتقول "بقاؤنا في البلدة قد لا يشكل أي ضرر علينا في الوقت الحالي، لكن من قصفنا بالطائرات وقتل الشبان والأطفال والنساء، كيف يكون له عهد أو ذمة، فنحن نشك في ذلك ونخشاه بالفعل لذلك الأفضل هو الخروج".

وتختلف وجهة نظر محمد صبحي (46 عاما) مع من يريد الخروج باتجاه الشمال ويقول لـ"العربي الجديد": "أرفض الخروج لمبررات كثيرة هي مقنعة بالنسبة لي، لكم من جانب آخر خسرنا كل شيء، ولم يبق لنا سوى البيت وقطعة أرض نمتلكها في البلدة، فإذا خرجنا لمن نتركها وكيف نترك البلدة لأناس قد لا نعلم من أين يأتون، بالنسبة لي لن أرضخ للنظام ولو كانت البلدة ضمن مصالحة، سأبقى كما أنا وأحافظ على آخر ما تبقى لي".

أما ياسين أبو علي (29 عاما)، فيشير إلى أن البقاء هو مغامرة غير محسوبة، والخروج باتجاه الشمال أفضل؛ ففور بدء المصالحات اعتقل النظام شبانا بالعديد من المناطق في درعا، ومن بينهم سبعة من بلدة الجيزة: "كيف سنقتنع بأن الأمور بخير وأن روسيا التي دعمت إجرام النظام وساندته فيه لأعوام ستعاملنا بحسن النية".


ويصف الشاب ياسين لـ"العربي الجديد" ما يجري بالمهزلة الحقيقية قائلا: "عليك أن تدوس كرامتك وترمي السنين التي عشتها حرا ولو تحت القصف خلف ظهرك وتعود لتعيش وتهتف للنظام مرغما مجبرا، فأنا أفضل التهجير على هذا وهو أهون ما يتاح الآن".