بعد فشل كل الجهود الرامية إلى فك الحصار المفروض على مخيّم اليرموك (جنوب العاصمة دمشق) منذ نحو عامَين، بالإضافة إلى الضبابيّة التي تلفّ مستقبل اللاجئين الفلسطينيّين في سورية منذ اندلاع الثورة السوريّة عام 2011، انطلقت حملة "أنقذوا فلسطينيّي سورية".
تسعى الحملة التي بدأت نشاطها مع بداية العام الحالي، إلى حشد الطاقات وتوحيد الجهود عبر حراك شعبي يعتمد على الشباب المؤمن بأهميّة الوجود الفلسطيني سليماً معافى بعيداً عن مناطق النزاعات، والبحث عن أساليب لإخراج اللاجئين من مناطق الصراع وذلك عن طريق فتح ممرّ آمن برعاية دوليّة.
يقول أبو هادي وهو أحد ناشطي الحملة لـ "العربي الجديد"، إن "الحراك جاء نتيجة الوضع المأساوي الذي يعيشه أهالي مخيّم اليرموك بسبب الحصار المفروض من قبل قوات النظام، وانعدام الرعاية الطبيّة والصحيّة نتيجة إيقاف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين في الشرق الأدنى (أونروا) خدماتها للمخيّم منذ دخول المعارضة المسلحة إليه وإغلاق مدارسه، بالإضافة إلى الممارسات الهمجيّة التي تقوم بها المعارضة المسلحة في اليرموك من اغتيالات للناشطين الفلسطينيّين والإعدامات الميدانيّة لعدد من الأشخاص بحجج واهية".
وتحاول الحملة الضغط على المجتمع الدولي، لفتح ممرّ إنساني آمن تحت حماية ورعاية المنظمات الدوليّة (المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولجنة الأمم المتحدة للثوثيق بشأن فلسطين، ووكالة الأونروا، ومجلس الأمن الدولي، ولجنة حماية حقوق الإنسان، والصليب الأحمر الدولي، والهلال الأحمر الدولي)، لإخراج كل من يرغب من فلسطينيّي مخيّم اليرموك ومخيّم سبينة ومخيّم الحسينيّة ومخيّم السيّدة زينب المحاصرين من مناطق الصراع والحروب، ليباشروا حياة مستقرّة وآمنة. وذلك من خلال تطبيق بنود القوانين والاتفاقيات الدوليّة المتعلقة بوضع اللاجئين ومنها اتفاقيّة جنيف لسنة 1951 وبروتوكولها لسنة 1967 وقاعدة "اللاإعادة" الإلزاميّة التي تقضي بألا تعيد دولة لاجئاً إلى مكان قد تكون فيه حياته أو حريته مهددة، بالإضافة إلى إجبار المفوضيّة السامية على تفعيل بند المادة 11 من اتفاقيّة 1961 الذي ينصّ على التوكّل بحماية ومساعدة الأشخاص الذين لا يحملون جنسيّة.
بالنسبة إلى أبو هادي، "إن لم يكن تفعيل هذه القوانين ممكناً، فتفعيل قرار الأمم المتحدة 194، وإلا فإيجاد وطن بديل يضمن بالفعل عيشاً كريماً وحياة آمنة للاجئين الفلسطينيّين إلى حين تحقيق بند حقّ العودة والدعوة إلى حلّ يركّز على الحقّ الجماعي، حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره".
تفاعل أهالي مخيّم اليرموك بشكل كبير مع الحملة، لكنهم يخشون المسلحين في المخيّم. فتقول أبرار الخالد وهي ناشطة من المخيّم: "لا يمكن إطلاق مصطلح صمود على وضعنا في المخيّم. نحن مجبرون على البقاء. والوضع اليوم ليس سوى زنزانة كبيرة نعيش فيها أقسى أنواع العذاب".
تضيف: "الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً، وهم يشكّلون أكثر من نصف المحاصرين في مخيّم اليرموك. وإذا أضفنا إليهم النساء وكبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة، نحصل على أكثر من ثلاثة أرباع المحاصرين".
وتتابع: "لو كان ثمّة مجهود دولي إغاثي يستحقّ الذكر، لما سقط أكثر من 170 شهيداً جوعاً وبسبب نقص المواد الطبيّة. حتى الكتب المدرسيّة لا يستطيع أحد تأمينها من دون الحصول على موافقة أمنيّة".
بالنسبة إليها، "المنظمات الدوليّة تقف عاجزة أمام ما يعانيه أهلنا في اليرموك. والدليل هو عدم قدرة الصليب الأحمر الدولي ولا الأونروا ولا الهلال الأحمر على الوصول إلينا أو توصيل الاحتياجات الأساسيّة من طعام وحليب للأطفال وأدوية وغيرها".
قبل وقوع مجزرة جديدة
ويتواصل ناشطو الحملة مع تجمّع "آفاز" لإيصال رسالتهم إلى الأمم المتحدة. وهم ينظمون احتجاجات في دول أوروبيّة منها ألمانيا والسويد والدنمارك، إلى جانب أخرى في داخل مخيّم اليرموك. بالنسبة إلى حسن (شارك في اعتصام السويد)، "مع تجدّد مسلسل الموت جوعاً ومرضاً في المخيّم وبعد سنتَين على تجاهل المحاصرين، نريد إيصال صوتنا إلى المعنيّين لإخراج هؤلاء قبل وقوع مجزرة جديدة".