في وقت يقود شباب لبنان انتفاضة مطلبية في شوارع بيروت منذ أكثر من شهرين، يتطلع المدرب "اللبناني الأصل" أنطونيو محمد إلى قلب المعادلات في مونديال الأندية، وإطلاق ثورة كروية أخرى على المفاهيم التي كرست تفوق أوروبا وأميركا الجنوبية في مشهد التتويج العالمي. يتقمص أنطونيو اليوم دور "الثائر" الذي يسعى لقيادة فريق مكسيكي، إلى تحقيق انتصار لإرادة قارة لم يسبق لها الوقوف على منصات كأس العالم للأندية.
صحيحٌ أن "شباب لبنان" يحطمون كل القيود ويخوضون ثورة على الطبقة السياسية، في لحظة مفصلية من تاريخ بلاد الأرز، لكن أنطونيو محمد، مدرب فريق مونتيري المكسيكي، يسعى بدوره إلى الوقوف على أعتاب التاريخ، ويلعب دور "الثائر" حين يواجه ليفربول الإنكليزي في نصف نهائي المسابقة المقامة حاليا في قطر، والتي تستمر حتى 21 الشهر.
أنطونيو محمد، لا يعتز فحسب بأصوله العربية، بل هو وجد في الدوحة ملاذه في الحصول على الأطباق العربية التي يفتقدها... فكانت الفرصة سانحة للتلذذ بالمأكولات اللبنانية كالكبة والمشويات.
ليس الأرجنتيني أنطونيو محمد الأول، ولن يكون الأخير، في قائمة الأسماء اللامعة كروياً والتي تنحدر من أصول لبنانية. هذا "الدمج" اللافت في الاسم واللقب أثار تساؤلات كل المتابعين لبطولة كأس العالم للأندية المقامة حاليا في الدوحة.
كيف يمكن أن يَجمع المدرب "أنطونيو ومحمد" في اسمٍ واحد؟! تصدى أنطونيو، الذي يُدرب حالياً فريق مونتيري المكسيكي (بطل الكونكاكاف)، لوسائل الإعلام مُزيلاً الالتباس .. فجاءت إجابته عميقة ومتجذرة، كاشفاً عن اعتزازه بالأصول اللبنانية التي تمتد من جده، ما جعله يصرّ على دمج الاسمين لتأكيد هويته العربية.
أنطونيو، اختار له القدر أن يولد في الأرجنتين. أمرٌ أتاح له التعبير عن إبداعات كروية كانت ستلقى مصيراً مجهولاً في أرض أجداده. فرصة اقتنصها أنطونيو، فمكّنته اليوم من الوصول إلى مربع الذهب لأندية العالم، متفوقاً على فريق السد القطري، ومرصعاً مسيرته بتجاوز المدرب الإسباني تشافي هيرنانديز.
تستحق أن تروى قصة هذا الشاب الذي وُلِد في عاصمة الأرجنتين بيونس أيرس، وتألق في ملاعبها، قبل أن يتحوّل إلى المكسيك متنقلاً بين أكثر من ناد. كان مونتيري أحد هذه الأندية التي ربطته بها علاقة ودية كلاعب ومدرب، بدأ عام 1998 كلاعب، قبل أن يعود عام 2015 كمدرب. طريق أنطونيو لم يكن مفروشا بالورود دائما؛ إذ خسر الفريق نهائي البطولة عام 2016، ثم نهائي البطولة الافتتاحية سنة 2017، ما حكم عليه بمُغادرة النادي في 2018.
لكن مكالمة هاتفيّة في منتصف شهر تشرين الأول الماضي أعادت المياه إلى مجاريها، فقد اتصلت به إدارة مونتيري لطلب عودته لقيادة الفريق في كأس العالم للأندية "قطر 2019".
كان الطموح يتجاوز بالتأكيد الإنجاز السابق في البطولة أي الفوز بالمركز الثالث في نسخة 2012، وهو أكثر أندية النسخة الحالية مشاركة في مونديال الأندية حيث يخوض حاليا النسخة الرابعة له في البطولة فيما يخوض ليفربول البطولة للمرة الثانية فقط.
كان لعودة أنطونيو أثرٌ فوري على أداء مونتيري ونتائجه، حيث حقق الفريق سبعة انتصارات مقابل ثلاثة تعادلات، علما أنّ التركيز كان منصبا على مُنافسات الدوري المكسيكي، وبطولة كأس العالم للأندية.
يرى أنطونيو أن ليفربول يجبرك على اللعب بشكل أفضل، "فإذا لعبنا كما لعبنا أمام السد لن نتمكن من منافسته. ولهذا علينا الارتقاء بمستوانا".
ولدى أنطونيو محمد فلسفة خاصة لتفوق كرة القدم الأوروبية في السنوات الماضية، فيقول: "أعتقد أن الهيكلة والنظام هما السبب الرئيسي، فالكرة اللاتينية- وخاصة البرازيلية- تراجعت بسبب افتقاد هذا".
ويضيف:" فلامينغو احتفظ بالعديد من لاعبيه، ولذلك ينافس بشراسة محليا وقاريا، فيما تركنا العديد من النجوم ترحل من أميركا اللاتينية إلى أوروبا، ما أضعف الكرة اللاتينية".